إقتصادالاولىتقارير

“الكتاليزر” والتجارة القاتلة..

 

 

انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة جديدة فى مجتمعنا وهى ظاهرة سرقة وبيع كربون السيارة أو لنقل «الكتاليزر» وهنا لن نخوض في أسباب  و تفاصيل هذه الظاهرة التي حرمها بعض علماء الدين شرعًا وجرمتها القوانين العالمية بسبب أضرارها الجسيمة على الإنسان والبيئة معًا

فقط لأن معدن «البالديوم» الذي يستخدمه مصنعو السيارات من أجل الحدّ من معدلات انبعاث الغازات الملوثة للجو عند احتراق البنزين، والذي يصل سعره حاليًا إلى 1353 دولاراً للجرام الواحد وهو بذلك يتخطى سعر الذهب الذي وصل سعره مؤخرًا إلى 1300 دولار للجرام، و يوجد هذا المعدن بقطعة تقع تحت السيارة وتتصل بعادم السيارات اسمها المحول الحفاز أو (catalytic converters) والبلاديوم ينتمي إلى مجموعة المعادن البلاتينية «PMGs»، هو معدن ثمين ونادر، ومن خصائصه مقاومة التآكل والحرارة الشديدة، يستخدم في تقنية محولات تحفيز محركات الوقود للتقليل من انبعاث الغازات الضارة، ويتم الحصول عليه كمنتج ثانوي من عملية تعدين البلاتين والنيكل.

وقد شهدت سرقة هذه المحولات ارتفاعا ملحوظا في الفترة الأخيرة ليس فى مجتمعنا فقظ بل فى كل ارجاء العالم  فبولاية فيرجينا الأمريكية، تمت سرقة أكثر من 15 محولًا محفزًا منذ بداية ديسمبر من سيارات ركنها أصحابها خارج مجمعات سكنية.

خاصة وأن الحافز الأكبر والدافع الآخر للقيام بهذه الجرائم. لمحترفي سرقة السيارات الآن هو أنهم ليسوا في حاجة إلى كسر زجاج النافذة أو محاولة إلى فتح الباب، أو حتى رفع غطاء المحرك، فالمعدن الثمين يوجد فقط تحت السيارة، وما يحتاجونه هو مفك وأدوات بسيطة أخرى من أجل نزع هذا الكنز من السيارة بسهولة.

وفي المملكة المتحدة، يفضل اللصوص السيارات الأوروبية مثل(بي أم دبيلو)، و (أودي) و (فولسفاغن). وقد تباع هذه المحوّلات في سوق الخردة بمبالغ تصل إلى 400 دولار.

وقد تحتوي السيارات العادية أو الشاحنات الخفيفة أو الدراجات النارية ما بين 2 و 6 غرامات من المعدن النفيس، في حين أن سيارات الدفع الرباعي والشاحنات الأكبر حجمًا قد تحتوي على أكثر من ذلك.

وبذلك أصبحت كل سيارة يُخبأ أسفلها كنزٌ، خصوصا بعد تشديد سياسات المناخ والحد من تلوث البيئة، ويكمن السر في الكاتلايزر أو المحولات الحفازة.

وتحتوي الكاتلايزر أو المحولات الحفازة (Catalytic converter) الموجودة أسفل كل سيارة على معادن البلاديوم والروديوم والبلاتين، وهي معادن باهظة الثمن، والهدف منها التقليل من أضرار الغازات السامة المنبعثة من السيارة.

ما هو دور هذه القطعة في السيارة وكيف تعمل؟

من أجل تقليص الإنبعاثات السامة الصادرة من السيارات، أصبح المصنعون يقمومون بتركيب هذه على المحولات تحت السيارة وتقع غالبا تحت مقعد السائق، وتوصل مع عادم الغازات أو أنبوب طارد الغازات، وتم طلاء هذه المحفزات بطبقة رقيقة من معدن محفّز عادة ما يكون البلاتين أو الروديوم أو البالاديوم، وكلها من المعادن الثمينة· وتعتمد فكرة استخدام هذا التركيب على تعريض أكبر سطح من المادة المحفّزة لتيار الغازات المنبعثة من المحرّك، وخفظ انبعاث كل من أحادي أوكسيد الكربون، وأوكسيد الآزوت وثاني أوكسيد الأزوت وهي كلها غازات سامة وملوثة تساهم في تشكل الأمطار الحمضية والاحتباس الحراري.

فقبل عقد من الزمن لم يكن يتعدى سعر البلاديوم في السوق الدولية 200 دولار للجرام الواحدة، ولكن منذ قرابة أربعة أشهر ارتفع سعر المعدن الفضي الأبيض إلى أكثر من 50 في المائة.. وقد بدأ ارتفاع سعر البلاديوم مع الفضيحة المدوية التي مست شركات تصنيع السيارات الألمانية، بعد اكتشاف تلاعبها في نسبة انبعاثات الغازات السامة من عوادم السيارات، تلتها بعد ذلك الشروط التي فرضها الاتحاد الأوروبي على السيارات الصينية المستوردة، حيث لا يجب أن لا تتعدى الانبعاثات الضارة من عوادم السيارات نسبة معينة وفق معايير اليورو الموحدة (يورو 6). كما أن العديد من الدول اتجهت إلى إنتاج سيارات صديقة للبيئة وتقليص إنتاج المركبات التي تعمل بالديزيل، مقارنة بتلك التي تستعمل بالبنزين كوقود، في خطوة نحو تقليص الإنبعاثات السامة المسببة للاحباس الحراري كما جلء فى تقرير مفصل للخبير الأقتصادى عبد العظيم الأموي

فيستخدم 70-80 % من إنتاج البلاديوم في صناعة السيارات، ويعمل كمحفز لخفض انبعاث الكربون من عوادم السيارات، إذ يحول 90 من الغازات الضارة المنبعثة من عوادم السيارات مثل أول أوكسيد الكربون والهايدروكربونات إلى ثاني أوكسيد الكربون وبخار ماء ونيتروجين (الأقل ضرّرا)، وتستخدم أغلب مصانع السيارات المعادن الثمينة في قطع عوادم السيارات لتنقية مخلفات عملية الاحتراق، التي تتم في ماكينات هذه السيارات، وأشهر المعادن المستخدمة البلاتين والبلاديوم.

وفي ثمانينيات القرن الماضي كان البلاتين يستخدم بكثافة، مثلا في منتصف العام 1986 كان سعر البلاتين عند مستوى 450 دولارا، بينما كان سعر البلاديوم 125 دولارا، وقامت شركات تصنيع السيارات بزيادة الاعتماد على معدن البلاديوم في تقنية المحولات التي تستخدم في عوادم السيارات، وتبعا لذلك ارتفع الطلب عليه، وارتفع سعره إلى ما يزيد على  الـ1000 دولار في 2001، وكانت شركة فورد تستخدم نصف البلاديوم في قطاع السيارات بأميركا الشمالية حوالي 1.5 مليون أونصة، وفي نفس العام زاد إنتاج مناجم التعدين في جنوب أفريقيا وروسيا، وتراجعت أسعار البلاديوم حينها إلى 350 دولارا، وتكبدت شركة فورد خسارة بلغت مليار دولار حينها لسوء إدارة مخزوناتها من البلاديوم.

وهناك عجز في الإمداد منذ العام 2012 فالمعروض من المعدن أقل من الطلب، ومتوقع أن تستمر هذه الفجوة حتى تستحدث بدائل من معادن أخرى، وبالنسبة لخريطة الطلب الخاص بقطاع تصنيع السيارات أرقام 2018 تشير إلى أن الطلب يأتي من الصين، وأميركا الشمالية وأوروبا وكذلك اليابان، ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي الطلب من قطاع السيارات في 2019 حوالي 9.496 مليون أوقية، نصيب الصين منها 2.5 مليون أوقية، وأوروبا 2.2 مليون أوقية، بينما أميركا الشمالية حوالي مليوني أوقية (حسب تقرير جونسون ماتي)، ونتيجة لعجز الإمداد نشطت أسواق إعادة التدوير بإعادة فصل البلاديوم مرة أخرى من القطع التي يضاف إليها في عوادم السيارات، وأصبحت رافدا من روافد الإمداد لهذا المعدن النادر.. بعد ارتفاع سعر معدن البلاديوم خلال السنوات الماضية عاد الزخم لسوق إعادة التدوير بحوالي 3 ملايين أوقية من البلاديوم في 2018، ويطلق على إعادة تدوير هذه السوق «السوق الثانوية» التي سجلت نموا بـ11٪ في 2018 وزيادة بلغت 20٪ في 2017، ويتوقع أن يرتفع عجز الإمداد إلى مليون أوقية في 2020 وهو ليس بعيدا من هذه التقديرات في 2019.

تعرف على أنواع محركات السيارات الكهربائية

وذكرت صحيفة الإندبندنت البريطانية، أن ندرة البلاديوم ومحدودية مخزونه العالمي تسببت في ارتفاع سعره، خاصة بعدما قرر الاتحاد الأوروبي وضع معايير جديدة لخفض معدل انبعثات الكربون في السيارات عام 2014، ما أدى إلى زيادة الطلب على معدن البلاديوم في صناعة السيارات الحديثة ووصل سعر عنصر البلاديوم إلى 2590 دولارا للأوقية (الأونصة) متجاوزا الذهب الذي يبلغ سعر الأوقية به نحو 1839 دولارا، بفارق سعر 751 دولارا.. وقال صاحب إحدى الورش المختصة بشراء البلاديوم في ليبيا ولديه خبرة طويلة في هذا المجال، خلال مقابلة صحفية مع صحيفة إندبندنت، إن سعر البلاديوم يقدر بالجودة من خلال الكود أو الرمز المطبوع على علبة الكاتلايزر.. وأضاف أن الأسعار تختلف من ورشة إلى أخرى، ويعمل في هذه المهنة عمال أفارقة مهمتهم تفكيك المحولات الحفازة عن السيارات ليتم وزنها أو تقييمها بحسب ما يرى أصحاب الورش، وتتم عملية البيع للمندوبين والأجانب لشركات ألمانية وبريطانية وأمريكية.

وعن سعر بيع البلاديوم الموجود في السيارة، قال أحد العاملين بالورشة المخصصة لشراء البلاديوم، إن عدد السيارات التي تدخل الورشة تصل في بعض الأحيان إلى نحو 100 سيارة في اليوم الواحد، وتبدأ أسعاره من 370 إلى 4430 دولارا، وترتفع بحسب الجودة والوزن.

تتعرض الكثير من السيارات إلى عمليات سرقة، حيث يقوم اللصوص بسرقة المحولات الحفازة من السيارات للحصول على هذا المعدن الثمين، وقد سجلت حالات سرقة كثيرة في مدن حول العالم.

إن الضرر من إزالة المحولات الحفازة لا يقتصر فقط على السيارة وإنما الضرر الأكبر هو الذي يهدد البيئة وصحة الإنسان، حيث كشفت منظمة الصحة العالمية أن الملايين حول العالم يموتون كل عام بأمراض يتسبب بها تلوث الجو وأبرزها سرطان الرئة وحساسية الصدر، وفي أبحاث أخرى اتضح أن تلوث الهواء قد يسبب أمراضا مثل القلب وتصلب الشرايين .

المصدر وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى