الرئيسية

تفاصيل.. إبحار في تجارب الضوء

عبد السلام الفقهي

شهد رواق دار الفنون، الثلاثاء الماضي، فسيفساء جامعة لتجارب الضوء على المستوى المحلي والدولي، فمن تخوم الصحراء الليبية إلى مسارح الفضاءات الأثرية باوروباء، ومن روح التفاصيل البسيطة إلى نسيج تمازجات الضوء والظل.

المعرض الذي نظمته جمعية تفاصيل للفنون البصرية بالتعاون مع دار الفنون، اتاح لعشاق التصوير الفوتوغرافي المقارنة. بين الرؤى المختلفة للتكوينات الجمالية المختبئة في الكثير من مظاهر الطبيعة، وإذا ما توقنا عند ملامح رقصات رجال الطوارق في أعمال الفنان كمال ابوزيد، حيث استحالة اللوحة إلى احتفاء بتموجات الضوء وهي تغازل الاجساد كما تمنحنا الصورة فرصة تأمل الإضافات التي لازمت مخيلة الفنان وهو يحاول الإرتقاء من الأشكال البسيطة إلى مفازات التجريد.

وعلى نحو مغاير تقودنا أعمال الفنانة السعودية اماني القحطاني إلى روعة التفاصيل في لوحة الفارس، وهو يمتطي الجواد، إذ تمكننا من معاينة رسم التضاريس الصحراوية، وتحيل المتلقي إلى الكثير من تداعيات روحها الزمنية الساكنة في لباس الفارس، وألوان الرمال، كما تعرفنا بالقوة النفسية  الكامنة في سحر الفضاء الرملي وتشكلاته العديدة. كذلك إلى فنيات المقاربة بين السكون والحركة.او بين الجمود الوثوب، بين الماضي والمستقبل.

وتأخدنا أعمال كل من الفنان مصطفى مسكيني والفنانة لطيفة الهمروش من المغرب الى ادهاشات الخيول، حيث تحتشد جملة من الخطوط لخدمة مشهد السباق، والذي يضع العدسة أمام تحد تثبيت اللحظة المناسبة ونقل حالة الامتاع البصري من الطابع العادي إلى القالب الفني، وتمكين الذائقة من ملامسة الأبعاد الفوتوغرافية التي اعتمدها الفنانون بالخصوص.

ففي اللوحة الأولى حيث حاول مصطفى مسكيني الاستفادة من تداخلات الغبار وتعاقب حركة اجساد الخيول، نرى إبرازا أيضا لتباينات الوان السروج والتفاتات الفرسان كل منهم نحو جواده او زميله الملاصق مما يمنح المشهد خصوصية التلقائية التي قد لا تتوفر في بعض الأعمال المتعلقة بهذا اللون.  ترجع  لطيفة في صورة الفرسان إلى لحظات الانطلاقة الأولى للسباق ونرى المشهد في طوره المتمهل الناظر إلى للسباق قادم مع الريح، وإذا كان الوضوح في تفاصيل اللقطة الفوتوغرافية عند لطيفة  هو سيد الموقف فإن إمكانية التحليق في مدارات التمويه قد تشد شغف الذائقة. عند مسكيني وهنا يكمن سر التجريب.

الجمال الوثيقة

لايمكن اعتماد الاشتغال علي وتر المفارقات اللونية خطا فاصلا بين المنحى الجمالي والفكرة فكلاهما ينهض على خدمة العمل وتكملته كرافد كل منهما للآخر، فنري في التقاطة الفنانة الفرنسية دانيلا معالجة جمالية أخرى لما يمكن أن تمنحه ايانا نظرتنا للمسطحات المائية ومحيطها المادي الناتج عن الطبيعة او منتج انساني، وهنا تتجلي مقدرة كل فنان في إظهار جمالية التباين بحسب الشكل المتصور في مخيلته.

وبتوقفنا عند عمل للفنان البلجيكي دانيل ديكورت، ننتقل إلى صيغة اكثر التصاقا بالمنحي الوجودي للإنسان، وهو تأمل رحلة البقاء عبر الموت من خلال المقبرة، وقد اعتمد دانيل الدخول إلى عالم الماضي عبر الأبيض والأسود وهنا استذكار لرحلة العمر وفعلها المؤثر في استنهاض المواقف والأحداث والَمنعطفات عبر الوقوف أمام القبر واحتشاد ضخم من الالام والأحزان والمسرات أيضا  في عدالة القدر المروعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى