رأي

دوامة برمودا

هاشم شليق

محطة

تتباين مقاربات المجتمع الدولي لحل الصراعات الجيوسياسية وما آلت إليه من تشعب للأوضاع الإقتصادية..فمع دخول حرب روسيا وأوكرانيا عامها الثالث يتم تداول مشاركة الحلف الأطلسي مباشرة..لكن قوبل المقترح برفض بعض الأعضاء لمساسه بمستجدات إقتصادية داخلية جعلت مدنا أوروبية كبرى تشهد احتجاجات واسعة مما أدى أخيرا إلى انخفاض الدعم الاقتصادي والعسكري لأوكرانيا..يضاف إلى ذلك أن بلدانا أوروبية لم تعد تستوفي شروط دفع حصتها من الناتج الوطني إلى الناتو..ويستدل على ذلك تلقي مجلس النواب الأمريكي خطابا أوروبيا يحثه على المصادقة على حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا..كما يترسخ إعتقاد كونه إن اليمين الشعبوي يعد هو المخرج بعد انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو المقبل التي تتحدد بعدها أولويات القارة ومن ضمنها قوانين اللجوء والهجرة..هذا بعد تراجع ثقل أوروبا في أفريقيا التي عادت إليها الولايات المتحدة أثر غياب..وقد اجتازتهما الصين وروسيا بخطوات..  

هناك تنافس تجاري وتكنولوجي كبير بين أمريكا والصين..وصراع على النفوذ في المحيطين الهندي والهاديء..تولد عنه عقد الولايات المتحدة لصفقات أمنية جديدة..وتوثيق العلاقات مع تايوان الطامحة إلى الانفصال..في ظل محاولة الهند وزن كفتي المحور الصيني الروسي مع الأمريكي الأوروبي..والكل يترقب نتائج الانتخابات الأمريكية هذا العام لما قد تحمله من متحورات..

أما العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فلم ينل الإهتمام المستحق ولو كأزمة إنسانية..وهذا يأتي من منطلق المعايير المزدوجة والانتقائية في التعامل..وكما قال أحدهم «وفاة شخص واحد مأساة..أما ألف حالة وفاة فهو مجرد رقم إحصائي»..مع أن الأطراف الدولية سارعت متأخرة بالإنشغال بتداعيات حرب غزة كبعد أقليمي ليس إلا..لاسيما مع احداث البحر الأحمر وقبلها التصعيد ضد لبنان..والجميع في إنتظار مشهد اليوم التالي لتوقف العدوان على غزة.. 

ماسبق سياقات جيوسياسية سوف تؤثر بشكل مباشر على الشؤون والعلاقات الدولية خلال الفترة المتبقية من هذا العقد..وفي حين أن المزيد من السيناريوهات العسكرية ممكنة..فإن الدولة المرنة هي التي تنجح في الإبتعاد عن مثلث برمودا السياسي..الدوامة التي تبتلع كل من يدفع ثمن فاتورة صراع لا ناقة له فيها ولا جمل..فالتاريخ يقول إن السياسة هي طرف يخسر المعركة اليوم والجميع يفوز بعد الحرب غدا..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى