الرئيسيةثقافةفنون

نحن البلد الوحيد الذي لم يهتم نهائياً بالكتاب المصور

حاورته : فاطمة سالم عبيد

‭ * ‬ما‭ ‬مدى‭ ‬علاقتك‭ ‬بهم‭ ‬وعن‭ ‬ذلك‭ ‬الفضاء‭ ‬الروحاني‭ ‬الذي‭ ‬يبصم‭ ‬كل‭ ‬لوحاتك؟

بالنسبة‭ ‬للفضاء،‭ ‬هو‭ ‬فضاء‭ ‬ليبيا‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬اشطط‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬بحيث‭ ‬غطه‭ ‬فضاء‭ ‬حوض‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬أحياناً‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحوض‭ ‬من‭ ‬زخم‭ ‬ثقافي‭ ‬وتاريخي‭ ‬وشعري‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬ولد‭ ‬أصلاً‭ ‬من‭ ‬شاطئ‭ ‬ليبيا‭ ‬المطل‭ ‬على‭ ‬المتوسط؛‭ ‬هذا‭ ‬الشاطئ‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬أطول‭ ‬شاطئ‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬ومن‭ ‬الستينيات‭ ‬تتدفق‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬شلالات‭ ‬المياه‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬‮«‬الشرشارة‮»‬‭ ‬وفي‭ ‬‮«‬القومل‮»‬‭ ‬ذلك‭ ‬المكان‭ ‬ترعرعتُ‭ ‬فيه‭ ‬وعشتُ‭ ‬طفولتي،‭ ‬وتلك‭ ‬الهضاب‭ ‬الخضراء‭ ‬التي‭ ‬تغطي‭ ‬سطح‭ ‬ليبيا‭ ‬الشاطئ‭ ‬الجميل‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬حظيتْ‭ ‬به‭ ‬بلادنا،‭ ‬والأفق‭ ‬البعيدة،‭ ‬والقريب،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الطبيعة‭ ‬الخلابة‭ ‬منذ‭ ‬الطفولة‭ ‬شدتني‭ ‬إلى‭ ‬مرفأ‭ ‬الحلم‭ ‬تجديدًا،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬بدأتُ‭ ‬ارسم‭ ‬وأنا‭ ‬صغير،‭ ‬وأيضاً‭ ‬تواصل‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬السبعينيات‭ ‬عندما‭ ‬سافرتُ‭ ‬إلى‭ ‬إيطاليا‭ ‬ودرستُ‭ ‬بأكاديمية‭ ‬الفنون‭ ‬بروما،‭ ‬حتى‭ ‬تخرجتُ

بعد‭ ‬إطلاعي‭ ‬على‭ ‬التجارب‭ ‬العالمية‭ ‬هناك‭ ‬ومشاركتي‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬أنشطة‭ ‬ثقافية‭ ‬وفنية‭ ‬وبعد‭ ‬الدراسة‭ ‬الأكاديمية‭ ‬التي‭ ‬درستُ‭ ‬فيها‭ ‬أصول‭ ‬الرسم‭ ‬بكل‭ ‬معانيه‭ ‬الرسم‭ ‬التشخيصي‭ ‬التلويني‭ ‬إلا‭ ‬إني‭ ‬وبعد‭ ‬أنَّ‭ ‬عدتُ‭ ‬إلى‭ ‬ليبيا‭ ‬وبعد‭ ‬أنَّ‭ ‬أصبحتُ‭ ‬أمارس‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي،‭ ‬وجدتُ‭ ‬نفسي‭ ‬مشدودًا‭ ‬إلى‭ ‬شاعرية‭ ‬الفضاء‭ ‬الوحي‭ ‬تحديدًا،‭ ‬وليس‭ ‬الفضاء‭ ‬الجغرافي‭ .. ‬إنَّ‭ ‬كل‭ ‬أعمالي‭ ‬التي‭ ‬رسمتها‭ ‬هي‭ ‬رُسِمَتْ‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬أي‭ ‬داخل‭ ‬‮«‬المرسم‮»‬‭ ‬خيالات‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬خزن‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬من‭ ‬مشاهد‭ ‬طبيعية‭ ‬هذه‭ ‬التي‭ ‬ارسمها‭ ‬الآن،‭ ‬ويصح‭ ‬القول‭ ‬بإنَّ‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬هي‭ ‬أعمالٌ‭ ‬روحية‭ ‬تنزح‭ ‬نحو‭ ‬انتقاء‭ ‬المشهد‭ ‬الفضاء‭ ‬الروحية‭ ‬من‭ ‬الطبيعة‭ ‬‭* ‬للشاعر‭ ‬لحظات‭ ‬تجلي‭ ‬كونك‭ ‬فنان‭ ‬يملك‭ ‬ريشة‭ ‬كيف‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬لوحة‭ ‬فنية‭ ‬مخزنة‭ ‬في‭ ‬ذاكرته؟

أولاً‭ : ‬بالنسبة‭ ‬لولادة‭ ‬اللوحة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أو‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬أية‭ ‬فكرة‭ ‬مسبقاً‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬أي‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬لدَّي‭ ‬رغبة‭ ‬شديدة‭ ‬في‭ ‬الرسم‭ ‬تكون‭ ‬عادةً‭ ‬أمامي‭ ‬لوحة‭ ‬بيضاء،‭ ‬والألوان‭ ‬موجودة‭ ‬قبل‭ ‬البداية‭ ‬لو‭ ‬سئلت‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬سارسم‭ ‬لا‭ ‬أعرف،‭ ‬يتكون‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬لونٌ‭ ‬ما،‭ ‬أو‭ ‬تخطيطٌ‭ ‬ما‭ ‬غير‭ ‬معروف‭ ‬ثم‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬يظهر‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬شيئاً‭ ‬فشيئاً‭ ‬ويصبح‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يقودني‭ ‬لما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬يملأ‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أنَّ‭ ‬يكون‭ ‬أنا‭ ‬مجرد‭ ‬منفذ‭ ‬لهذا‭ ‬الرسم‭ ‬وهذه‭ ‬حقيقة‭ ‬وليس‭ ‬لدي‭ ‬أية‭ ‬إجابة‭ ‬عن‭ ‬تساءل‭ ‬يقول‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬سترسمه‭ ‬؟‭!.‬

اللوحة‭ ‬بالنسبة‭ ‬ليَّ‭ ‬هي‭ ‬فضاء‭ ‬أبيض‭ ‬يتحوَّل‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬طبيعي؛‭ ‬شيئاً‭ ‬فشياء‭ ‬إلى‭ ‬تجسيد‭ ‬ملامحه،‭ ‬وتشكيله،‭ ‬وفصله،‭ ‬أو‭ ‬دفئه،‭ ‬أو‭ ‬حرارته‭ ‬أو‭ ‬برودته‭ ‬هو‭ ‬يملأ‭ ‬هذا‭ ‬وأنا‭ ‬أنفذ‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬ويقول‭ ‬هو‭ ‬نفس‭ ‬الشكل‭ ‬أنا‭ ‬اكتفيتُ‭ ‬بذلك‭ ‬أنا‭ ‬أكون‭ ‬راضيًا‭ ‬تمامًا‭ ‬عما‭ ‬فعلتُ؛‭ ‬هذا‭ ‬جانب‭ ‬أما‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬عادةً‭ ‬اغلب‭ ‬أعمالي‭ ‬التي‭ ‬أنجزتها‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬فصلي‭ ‬الشتاء،‭ ‬والخريف‭ ‬وهذان‭ ‬الفصلان‭ ‬هما‭ ‬أكثر‭ ‬قربًا‭ ‬لنفسي،‭ ‬وأكثر‭ ‬شجن‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭ ‬العواصف،‭ ‬والمطر‭ ‬أثناء‭ ‬الليل،‭ ‬وعندما‭ ‬أكون‭ ‬وحيدًا‭ ‬مع‭ ‬أدواتي‭ ‬الفنية‭ ‬ينتابني‭ ‬شعورُ‭ ‬التوحدُ‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬والطبيعة‭ ‬تصبح‭ ‬روحي‭ ‬جَذِلة‭ ‬تجاه‭ ‬المطر‭ ‬تحديدًا‭ ‬صوت‭ ‬المطر‭ ‬تتدفق‭ ‬كل‭ ‬المشاعر‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتولد‭ ‬عنها‭ ‬مشهدٌ‭ ‬يستوحي‭ ‬قيمته‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬الطبيعية‭ ‬لفصل‭ ‬الشتاء‭ ‬وفصل‭ ‬الخريف،‭ ‬هو‭ ‬أيضًا‭ ‬جسدتُ‭ ‬فيه‭ ‬مجموعة‭ ‬أعمال‭ ‬ولكن‭ ‬الغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭ ‬تكون‭ ‬لوحاتيد‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬فصل‭ ‬الخريف‭ ‬لأن‭ ‬اللوحات‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الخريف‭ ‬يكون‭ ‬معظمها‭ ‬بها‭ ‬شجنٌ‭ ‬أما‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭ ‬فيه‭ ‬شاعرية‭ ‬ودفء‭ ‬وحميمية‭.‬

  * ‬نستطيع‭ ‬القول‭ ‬إنَّ‭ ‬إحساسكَ‭ ‬الفني‭ ‬يبدأ‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬تمسك‭ ‬الريشة‭ ‬والألوان؟

الحقيقة‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬أية‭ ‬فكرة‭ ‬تقول‭ ‬بإنني‭ ‬سوف‭ ‬ارسم‭ ‬كذا،‭ ‬وكذا‭ ‬ابدًا‭ ‬حتى‭ ‬أثناء‭ ‬الرسم‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬بدأتُ‭ ‬برسم‭ ‬لوحة‭ ‬الآن‭ ‬تأتين‭ ‬وتقولين‭ ‬ليَّ‭ ‬ماذا‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬اللوحة‭ ‬؟‭ ‬سوف‭ ‬أرد‭ ‬عليكِ‭ ‬بأنني‭ ‬لا‭ ‬اعرف‭ ‬شيئاً‭ ‬عنها‭ ‬حتى‭ ‬تكتمل‭ ‬هي‭ ‬أحياناً‭ ‬أتوقف‭ ‬عن‭ ‬استكمال‭ ‬اللوحة‭ ‬أيامًا‭ ‬ثم‭ ‬أعود‭ ‬لاستكمالها‭ ‬حتى‭ ‬يتكون‭ ‬شيءٌ‭ ‬من‭ ‬الرضا‭ ‬فيما‭ ‬بيننا‭ ‬أي‭ ‬تتم‭ ‬الألفة‭ ‬وترجع‭ ‬أفكاري‭ ‬لذلك‭ ‬الفضاء‭.‬

  * ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظركَ‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬المتذوقون‭ ‬للفن‭ ‬هل‭ ‬هم‭ ‬عامة‭ ‬الناس‭ ‬أم‭ ‬الذين‭ ‬لهم‭ ‬صلة‭ ‬بالفن؟‭ ‬أم‭ ‬ماذا‭ ‬؟‭!‬

بالنسبة‭ ‬ليَّ‭ ‬‮«‬علي‭ ‬العباني‮»‬‭ ‬نعم‭ ‬فتركيبة‭ ‬البشر‭ ‬أي‭ ‬بشر‭ ‬هو‭ ‬يتحسس‭ ‬الجمال‭ ‬ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬البرمجة‭ ‬الثقافية،‭ ‬أو‭ ‬برمجة‭ ‬المفاهيم‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬أسهمتْ‭ ‬في‭ ‬‮«‬الكليشيهات‮»‬‭ ‬الذائقة‭ ‬مثلاً‭ ‬يتم‭ ‬الدعاية،‭ ‬والإعلان‭ ‬لشريط‭ ‬ما‭ ‬عندما‭ ‬تشاهده‭ ‬تجده‭ ‬غير‭ ‬جميل‭ ‬هنا‭ ‬البرمجة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬صنعته،‭ ‬وهذه‭ ‬البرمجة‭ ‬‮«‬الكليشيهات‮»‬‭ ‬تكون‭ ‬مبرمجة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ما‭ ‬تريد‭ ‬الدعاية‭ ‬والإعلان‭ ‬فقط‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬للفن‭ ‬الجميل‭ ‬والإبداع‭ ‬الجميل‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬النفوس‭ ‬ولكن‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬هي‭ ‬نفسٌ‭ ‬ذواقة‭.‬

‭* ‬هل‭ ‬تطلق‭ ‬أسماء‭ ‬عند‭ ‬ولادة‭ ‬أية‭ ‬لوحة‭ ‬أو‭ ‬تضع‭ ‬لها‭ ‬عنوانًا؟

لا‭ ‬لم‭ ‬اسمِ‭ ‬لوحاتي‭ ‬قط،‭ ‬ولم‭ ‬أضع‭ ‬لها‭ ‬عناوين‭ ‬ابدًا‭ ‬لسببين‭ : ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬لوحة‭ ‬واحدة‭ ‬لأنها‭ ‬تبحث‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الروحي‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬تميز‭ ‬لوحة‭ ‬عن‭ ‬الأخرى‭ ‬الجانب‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬إنني‭ ‬غير‭ ‬مؤمن‭ ‬أصلا‭ ‬بتسميات‭ ‬الأعمال‭ ‬غير‭ ‬الواقعية‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬الواقعية‭ ‬مثلاً‭ ‬المدرسة‭ ‬الواقعية‭ ‬في‭ ‬الشعر،‭ ‬أو‭ ‬الأدب،‭ ‬أو‭ ‬الواقعية‭ ‬السينمائية؛‭ ‬الواقعية‭ ‬هي‭ ‬واقع‭ ‬عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬بواقعية‭ ‬نقول‭ ‬هذا‭ ‬الكرسي‭ ‬وهذه‭ ‬الطاولة‭ ‬الخذلان‭ ‬هنا‭ ‬التفسير‭ ‬هو‭ ‬تفسير‭ ‬واقعي‭ ‬مأخوذ‭.‬من‭ ‬مفردات‭ ‬علمية‭ ‬وأعيد‭ ‬القول‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأعمالي‭ ‬جميعاً‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬واحد‭ ‬ولكن‭ ‬تفاصيلها‭ ‬كل‭ ‬تفصيل‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬الآخر‭.‬

‭ * ‬نعرف‭ ‬أنّ‭ ‬لديك‭ ‬ابنه‭ ‬فنانة‭ ‬هي‭ ‬‮«‬مريم‭ ‬علي‭  ‬العباني‮»‬‭ ‬هل‭ ‬ينطبق‭ ‬عليها‭ ‬ابن‭ ‬البط‭ ‬عوام‭ ‬؟‭ ‬

مريم‭ .. ‬طبعًا‭ ‬بالتأكيد،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬نبهني‭ ‬لموضوع‭ ‬وهو‭ ‬إن‭ ‬بيوت‭ ‬الفنانين‭ ‬أو‭ ‬الشعراء،‭ ‬أو‭ ‬الكتَّاب‭ ‬أبناؤهم‭ ‬بالتأكيد‭ ‬سوف‭ ‬يتأثرون‭ ‬لأن‭ ‬المناخ‭ ‬العام‭ ‬داخل‭ ‬البيت‭ ‬يعد‭ ‬مناخًاً‭ ‬فنياً‭ ‬ومريم‭ ‬ولدتْ‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬يمتلئ‭ ‬باللوحات‭ ‬والألوان‭ ‬والرسم‭ ‬ويدور‭ ‬بين‭ ‬جدرانه‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الفن‭ ‬وما‭ ‬أدراك‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المواضيع‭ ‬ولكن‭ ‬مريم‭ ‬مختلفة‭ ‬عني‭ ‬تمام‭ ‬الاختلاف‭ ‬فينتاجها‭ ‬الفني‭ ‬لديها‭ ‬أعمال‭ ‬فيها‭ ‬الحداثة‭ ‬ولها‭ ‬تجربتها‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭ ‬وهي‭ ‬رسامة‭ ‬بكلية‭ ‬الفنون‭ ‬بطرابلس‭ ‬وواصلتْ‭ ‬دراستها‭ ‬بإيطاليا‭ ‬حيث‭ ‬درستْ‭ ‬‮«‬ماستر‮»‬‭ ‬بتاريخ‭ ‬الفن‭ ‬وقدراتها‭ ‬الفنية‭ ‬عالية‭ ‬جدًا،‭ ‬ويمكن‭ ‬للقارئ‭ ‬أن‭ ‬يشاهد‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬أعمالها‭ ‬ويحكم‭ ‬عليها‭.‬

مريم‭ ‬عندما‭ ‬تخرجتْ‭ ‬من‭ ‬كلية‭ ‬الفنون‭ ‬كان‭ ‬مشروعها‭ ‬عن‭ ‬سيدات‭ ‬ليبيات،‭ ‬انكبتْ‭ ‬على‭ ‬رسم‭ ‬جداتها‭ ‬وقريباتها‭ ‬البدويات‭ ‬كان‭ ‬مشروعًا‭ ‬جميلًا‭ ‬ولها‭ ‬أعمال‭ ‬تشهد‭ ‬بهذا‭ ‬مريم‭ ‬ابنتي‭ ‬ليَّ‭ ‬معها‭ ‬علاقة‭ ‬اجتماعية‭ ‬كبيرة،‭ ‬ومودة‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬مختلفان‭ ‬في‭ ‬الذائقة‭. ‬‭* ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كلامك‭ ‬على‭ ‬ابنتك‭ ‬أكيد‭ ‬لك‭ ‬بصمة‭ ‬ودعم‭ ‬غير‭ ‬محدود‭ ‬لتشجيعها‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الفن‭ ‬؟

طبعًا‭ ‬حدث‭ ‬ذلك‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬واليوم‭ ‬نجلس‭ ‬لكي‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬التفاصيل‭ ‬وأحيانًا‭ ‬استشيرها‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬أعمالي‭ ‬لكننا‭ ‬مختلفان‭ ‬تمامًا‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬طبيعة‭ ‬عملها‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬عملي‭ .‬

سمعنا‭ ‬بأنك‭ ‬قدمتَ‭ ‬تصوراً‭ ‬لكتاب‭ ‬يضم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬فنان‭ ‬فإلى‭ ‬أين‭ ‬مصيره؟‭.‬

هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬وعبر‭ ‬كل‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬مضت‭ ‬كنتُ‭ ‬دائماً‭ ‬اقترح‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المؤسسات‭ ‬أن‭ ‬تنجز‭ ‬مشروعًا‭ ‬ثقافيًا‭ ‬للعلم‭ ‬بأننا‭ ‬البلد‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يهتم‭ ‬نهائياً‭ ‬بالكتاب‭ ‬المصور‭ ‬للفنون‭ ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬اضرب‭ ‬مثلاً‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬تقريباً‭ ‬جميع‭ ‬الفنانين‭ ‬التشكيليين‭ ‬صدرت‭ ‬لهم‭ ‬كتب‭ ‬واغلبها‭ ‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬مؤسسات‭ ‬ووزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬التونسية،‭ ‬وبمصر‭ ‬كذلك‭ ‬صدر‭ ‬لعدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الكتب،‭ ‬والحال‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬وسورية‭ ‬تقريباً‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مهتمة‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن؛‭ ‬فمثلما‭ ‬يحظىالكاتب‭ ‬بطبع‭ ‬كتابه،‭ ‬أيضًا‭ ‬الفنان‭ ‬التشكيلي‭ ‬يريد‭ ‬ذلك‭ ‬رغم‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬مكلف،‭ ‬ولكن‭ ‬عائده‭ ‬كبير‭ ‬ولأجل‭ ‬توثيق‭ ‬ذلك‭ ‬للأجيال‭ ‬ولقد‭ ‬جمعنا‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الفنانين،‭ ‬وهي‭ ‬جاهزة،‭ ‬وكذلك‭ ‬جهزنا‭ ‬المقدمة‭ ‬للكتاب‭ ‬وكتبها‭ ‬الأستاذ‭ ‬‮«‬الطاهر‭ ‬المغربي‮»‬‭ ‬باعتباره‭ ‬استأذنا‭ ‬وترجمت‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬وطلبنا‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬تحديد‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬تطبع‭ ‬الكتاب،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬إشراف‭ ‬وإخراج‭ ‬اللجنة‭ ‬على‭ ‬الطبعة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ !!.‬

في‭ ‬الختام‭ ‬كلمة‭ ‬تخص‭ ‬بها‭ ‬شريحة‭ ‬الشباب‭ ‬فماذا‭ ‬تقول‭ ‬لهم‭ ‬؟

الشباب‭ ‬يحتاجون‭ ‬الكثير‭ ‬خاصة‭ ‬ونحن‭ ‬لدينا‭ ‬شباب‭ ‬متميزٌ‭ ‬جداً‭ ‬ولدينا‭ ‬فنانون‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة،‭ ‬وعلى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬الاهتمام‭ ‬بهم‭ ‬أولاً‭ ‬إن‭ ‬يتم‭ ‬إيفادهم‭ ‬للدراسة‭ ‬وأن‭ ‬يحضروا‭ ‬المحافل‭ ‬العربية‭ ‬والعالمية‭ ‬التي‭ ‬تقام‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬حتى‭ ‬يتعرفوا‭ ‬على‭ ‬التقدم‭ ‬الفني‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬أيضًا‭ ‬تمكينهم‭ ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬المتاحف‭ ‬العالمية‭ ‬لمشاهدة‭ ‬الأعمال‭ ‬العظمية‭ ‬خاصة‭ ‬التي‭ ‬أنجزها‭ ‬التاريخ‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬النهضة‭.‬

وتبقى‭ ‬صحيفتكم‭ )‬فبراير‭( ‬لها‭ ‬كل‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ .. ‬والله‭ ‬ولي‭ ‬التوفيق‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى