الاولىفنونمقابلة

الشاعرة مريم سلامة: مفهومي للتحرّر ينطلق من إيمان بضرورة المعرفة وإطلاق كل الحواس لهذه الغاية

 

 

يبقى عالم المرأة كيفما كان مستندًا على جملة من القواعد النفسية والفكرية وكذلك سلسلة من السلوكيات  المكتسبة عبر حياتها داخل وخارج البيت. وهي ترتبط اولا واخيرا بتصوراتها كأنثي لاحلامها وطموحاتها، وبمدي توافق معطيات هذه الرؤيا مع ظروف واقعها. وكذا نظرة المجتمع وردود أفعاله اتجاهها.

للاقتراب اكثر من هذه العوالم كان الحوار مع الشاعرة والكاتبة مريم سلامة في استنطاق عالمها الآخر، والاطلالة على تجربتها الحياتية بالخصوص.

 

* مريم سلامة الشاعرة ربة منزل تدير بيتها  بهذا الخيط الذي يصل الروح بالجسد و القلب بالقالب و الكلمة بالفعل. إيقاعي و لا شك سريع. أحاول جاهدة أن أنجز اكبر قدر من الواجبات المنزلية بأكبر قدر من الجودة ولكن في أحيان كثيرة لا تنجح هذه المحاولات. وفي وجود أبناء متفهمين لطبيعة أمهم و كذلك زوج مدرك تماما لهذا التزاوج بين الخيال في الشاعرة و الواقع في ربة المنزل يجد العذر بل ويسعى متضامنا معها بروح الزوج المحب و الأب المتفاني.

في مسألة الضغوطات الحاصلة كنتيجة لوجود هذه الموهبة في الكتابة شعرا أو مقالة ، تدرك المرأة أن هذه الهبة هي أمانة في عنقها و يجب ألا تستكين لأصوات تنبع من داخلها أو من خارجها تأمرها بالوقوف عند مهنتها الأزلية التقليدية و تكتفي بها. هي إن أرادت ذلك لا تستطيع وان فعلت فإلى حين ثم يغلب صوت الموهبة كل الأصوات الأخرى و يسكتها. نعم هي ضغوطات كبيرة لكنها تتلاشى عندما تعانق نجاحها وثمرة إبداعها، وتشاركها عائلتها هذا النجاح و فرح النجاح.

المنزل روح قصائد عديدة كتبتها و مجموعتي الشعرية (ست وردات وناي) تحفظ لهذا المنزل معناه و موسيقاه.. المنزل هو عشي وفنجان قهوتي وسجادتي وضحكات أطفالي وإلهامي وحافزي. في المنزل انزل عند إلحاح القلم و اكتب..

* البيت السعيد يقوم على وصفة سهلة هي الحب. الحب ليس بين أطراف بل حالة دائمة ومستقرة تتلبس الروح و الجسد حالة مرئية نافذة و قادرة و معطاءة تتمدد وتكبر وتعم كل المحيط الذي يشملنا و يشمل آخرين نحبهم بل و كل شيء.. بالحب فقط كل عسير يتيسر و كل مر نتحمله و الحب يفتح الأبواب للمقومات الأخرى للسعادة التفاهم و الحوار البناء والتعاضد والاجتهاد في سبيل سلامة القارب وكل من فيه.

نواجه ضغوطات كثيرة لكنها تتلاشى عند معانقة النجاح

 

المرأة ان شعرت أن عليها التوقف لصالح البيت فستفعل دون تردد

 

 

* المرأة كائن حساس و عادة ما يمنح القياد إلى قلبه فان شعرت بأن عليها أن تتوقف مؤقتا أو كليا لصالح البيت و عائلتها فستفعل دون أن تشعر لحظة أنها تخلت عن كونها و ذاتها وان شعرت أن هذا التخلي ضرره أكثر من نفعه فستقضي الليل تفكر في وسيلة تمنحها القدرة على الاستمرار ليس من اجلها بشكل  فردي و إنما امن اجل عائلتها فهم لا شك يحزنهم أن تتوقف أمهم عن موهبة لا تملكها كل أم.

هي وحدها من يقرر حجم هذه الضرورة. هناك كاتبة مبدعة توقفت حتى كبر أبناؤها وذهب كل في سبيله فعادت إلى العمل و الكتابة والنشر دون ندم على سنوات من الجفاف في سبيل ري حديقتها الخاصة بالاهتمام وشغف الأم بكل تفصيل صغير.

* المجتمع الليبي ككل مجتمعات اليوم أصبح التغير فيه على كافة الأصعدة و يحدث بوتيرة سريعة ومؤثرة..خصوصا هذا الانفتاح على العالم بقنوات سريعة وفعالة لا تتطلب إلا زر فمن الطبيعي أن يفقد الكثير من مفاهيمه التقليدية الموروثة  أب عن جد و يتقبل ادوار المرأة المختلفة سواء في صناعة القرار أو في صناعة الفرح بكل مظاهره.. بالتأكيد لازال جزء من المجتمع يصر على خطوط محدودة تتحرك فيها المرأة و لكن إجمالا مد التغيير كبير و سريع ولا يستثني احدا في نهاية الأمر..سيكون لدينا أجيال تربت على يد الانترنت بكل تطبيقاته وصفحاته ربما بنسبة 90%  ومخرجاتهم قد لا نستطيع حتى وضع تصور لها..

* الإطار القانوني ضرورة حتمية لكل عملية إنتاج و لكل حراك و لكل وجود فهو المنظم و هو الضابط وهو الميزان الذي يقر العدل بإقرار الخطأ و الصواب والعقوبة والمكافأة.. بدون اطر قانونية واضحة وفاعلة سنتخبط كثيرا وهذا التخبط قد ينتج نوعا من العنف المعنوي أو الجسدي نحن في غنى عنه..

المجتمع يحتاج إلى وعي توفره وسائل الإعلام و يخلقه الفن و الأدب وهذا الوعي من الممكن جدا المراهنة على دوره و أثره لا شك في ذلك و لكن كيان المرأة المبدعة بطموحها و رؤاها يحتاج إلى صوت مسموع يقنن ما لها و ما عليها حقها وواجبها  و يشرعن أدوارها و نتائج هذه الأدوار ومساراتها.. الإطار القانوني مظلة امن لكل عمل.

* في مفهومي ؛ التحرر ينطلق من إيمان بضرورة المعرفة وإطلاق كل الحواس لهذه الغاية فالمعرفة كفيلة بان تجعل المفاهيم واضحة لا اختلاط و لا تشويش بينها وتكفل نجاح النوايا وتتكفل بالوصول إلى الغاية المشروعة دون خوف من أحكام جاهزة وظالمة…ومع هذه المعرفة تتوفر الإرادة وحسن الاختيار و جودة القرار فنقول لا و ألف لا لكل قبيح حتى وان كنا قادرين على الوصول إليه بفضل هذا التحرر…وفي رمشة عين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى