ثقافة

جماليات التصوير الفوتوغرافي بالأبيض والأسود 1-2

إشراف :سميرة البوزيدي

دالطاهر الثابت

منذ ظهور عصر التصوير الفوتوغرافي واستعمال الأفلام القديمة وحتى وقتنا الحالي ودخولنا في العصر التصوير الرقمي، كان التصوير الفوتوغرافي بالأبيض والأسود هو الخيار المفضل لدى غالبية المصورين المحترفين في جميع أنحاء العالم، ولا زال إلى وقتنا الحالي ينال اهتمامًا كبيرًا وله عشاقه.

هذا قد يجعلنا نتساءل لماذا هذه الوسيلة لا زالت مفضلة حتى وقتنا هذا من قبل العديد من مشاهير المصورين العالمين بالرغم من دخولنا للعصر الرقمي «الدجيتل».

عندما نتعلَّم التصوير الفوتوغرافي، تساعدنا بساطة اللون الأسود والأبيض على التركيز على الأشياء المهمة في الصورة أو التكوين، كما يساعد الأبيض والأسود على تعلم الأساسيات دون تشتيت الانتباه، فيجعلك الأسود والأبيض تركز الانتباه على الشكل والتظليل والنمط والمفاهيم الرسومية الأخرى، فأحيانا كثيرة يمكن لك تحويل لقطة

ملونة باهتة بسيطة إلى صورة أبيض وأسود مذهلة جدًا.

أيضًا مظهر الصورة له تأثير على النفس، فعندما ينظر النَّاس إلى الصورة الفوتوغرافية بالأبيض والأسود، فإنهم غالبًا ما يلاحظون منذ الوهلة الأولى كيف تبدو لهم تلك الصورة )كلاسيكية( و )أنيقة“(، وهذا يعتد أحد الأسباب الرئيسة التي تجعله يحظى بشعبية كبيرة بين عمالقة المصورين، أو ربما السر يرجع لقوة اللون الأسود بالذات، الذي قال فيه الرسام الفرنسي 

)هنري ماتيس( :

)لقد أمضيتُ أربعين عامًا في الرسم، والتعلَّم فأكتشفتُ أن ملك الألوان هو اللون الأسود(.

تضيف الصور التي يتم إجراؤها بالأبيض والأسود طبقة إضافية من التعقيد لموضوعها.

فالتصوير بالأبيض والأسود له طعم خاص لا يمكن لأحد أن ينكره، إنه تحدٍ حقيقي لإنشاء صورة جيدة باستخدام لونين فقط الأسود والأبيض، تحدٍ في كيفية استخدام الضوء والظلال فقط للتعبير عن المعاني الكامنة وراء اللقطة.

بمجرد تحقيق هذا التحدي، سنتمكن من إنشاء مثل هذه الصور الرائعة بالأبيض والأسود.

يفضل العديد من الفنانين الأبيض والأسود لأنه يجعل المصور والمشاهد يرى العالم بطريقة لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة.

تكون رؤية النمط أو الخط أو الشكل المتكرر أسهل مع الأسود والأبيض، وهو ما يقوم بعمل جيد للتأكيد عليه.

هذا هو الحال بشكل خاص عندما تظهر صورة بالأبيض والأسود تباينا جيدًا، عندما يكون اللون الأسود أسود، تكون البروزات ساطعة، بينما لا يزال بإمكانك رؤية بعض التفاصيل في كل من البروزات والظلال. يجعل الأبيض والأسود الصورة أكثر تجريدًا عن طريق إزالة الصفات المشتتة للون والسماح لنا بالتركيز على العناصر الرسومية.

يعمل الأسود والأبيض أيضًا بشكل جيد في التصوير الفوتوغرافي للوجوه.

فتجد نغمات الجلد بالأبيض والأسود أكثر نضوجًا ومن السهل ملاحظة البقع والعيوب والتظليل غير المتساوي مما هو عليه في الصور الملونة. عيوننا تنتقد بشدة لون بشرة الوجه، ولكن

عندما نفحص الأسود والأبيض، لا يمكننا تقييم النغمات بنفس العين الحرجة.

العديد من المصورين الفوتوغرافين العالمين كانت لهم  آراء حول التصوير الفوتوغرافي بالأبيض والأسود، منهم المصور الفرنسي )جاي جانيون( المتخصص في تصوير الحياة المعمارية والحضرية حيث قال:

)العمل بالأبيض والأسود يجعلني أشعر وكأنني رسام وليس مصورًا. يتيح ليَّ التصوير بهذه الطريقة تركيز انتباهي على الضوء والظل والقوام والأشكال والتعبيرات. إنها حقًا مسألة اختيار شخصي، ولكن في رأيي، يمكن أن يؤدي الأبيض والأسود إلى قراءة أكثر تجريدًا للواقع، والتي يمكن القول إنها أكثر تطلبا وأكثر صعوبة في الإنتاج. هنا لا يمكن للمصورين استخدام الألوان الجذابة أو الضوء الملون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى