سؤال الوجود نطرحه على أنفسنا دائما ونحن ندري ونحن لا ندري . أي ونحن نعي أهمية وجودنا في المجتمع بكل مانحتوي عليه من تفاصيل الإمكانيات والممكنات والمستحيلات أو الصعاب التي تشكل تحديا نتعرض له في جميع أوقاتنا .
أو كنا لانعي ولكننا نتحرك داخل الخضم اليومي في إيقاع العادة وتكرار السلوك في حركة أشبه ماتكون بالصراع على شكل دائرة محورها الذات والأنا والحلم والمتخيل وتكتنفها كل التحديات التي نعتقد أنها تعترض سبيلنا في تحقيق ذواتنا .
ولا تدخر جهداً في سبيل الحد من إنتشارنا والسيطرة علينا بشكل أو بآخر وبالتالي تحجيمنا أو تقزيمنا لنبدو في الشكل الذي نجاهد للخروج منه وعنه .
هذا الصراع نتصوره غالباً من خارجنا ومن غيرنا الذي يروق لنا وصفه بالمحاسيد وأصحاب النوابا غير الحسنة أولاد الحرام اللي لايناموا ولايخلوا غيرهم بنام أعداء النجاح وغيرها من الإسقاطات التي برأيي لاتنتمي للحقيقة بشيء اللهم الا في النزر اليسير غير المؤثر لو كنا فعلا نتوفر على النجاح كمكتسب ثمين تولد عن مكابدة وبحث وجهد مبذول .
لكنني أرى أننا ناجحون بالصدفة ونعتقد أن جهدنا تكلل بالنجاح، نحن فعلا نتاج صدفة وفرصة وخارجين عن المنطق ولا أعمم وإنما أشير الى حالة عامة تعني جانب مهم وشريحة عريضة ومؤثرة من المجتمع .
إن مانعتقدهم أعدائنا وعصا دواليبنا ليسوا خارجنا بقدر ماهم فينا يسكنوننا منذ نعومة أضافرنا كبرنا معهم وفيهم وعرفنا حيلهم وألاعيبهم وأفشلنا )بذكائنا( مؤامراتهم ولكنهم لايتوقفون … ولن يتوقفوا لأنهم في داخلنا . يتنفسون الهواء الذي نتنفسه ويشربون من كؤوسنا وينامون معنا بعد ليل طويل من التحدث معهم .
وهذي حيلة العقل البشري من أجل إيجاد التوازن الضروري لمد جسور التواصل بشكل مرضي مع المحتمع فهو يسقط أخطاءه على الاخرين ويبرر ويختلق المعاذير ويصنع المعجزات حتى لا تصل الى حقيقة ذاتك وبالتالي تتحرر من عقدك وأفكارك التي تقيدك ولاتفبدك كشخص سوي أبيض وناصع حقيقي وصالح خالد عبر تواريخ الأمم ببساطة من شأنها وصفك بالإنسان .
وهي كما يقول علماء الاجتماع أو آلية دفاعية تفترضها النفس حتى تحافظ على توازن الوهم في داخل المرء وبالتالي تجره لمزيد من التخلف والسوداوية ويبقى رهين الحقد والتباغض ويسعى لا لمعرفة ذاته وماهيته بل لتكريس نمط يتحكم فيه ولا ينتج له ومنه سوى السلبية والضمور .
لطالما كانت رحلة البحث عن الذات مضنية وشاقة ونحتاج فيها لرفيق كالمرايا يرينا مكامن العيب ويساعدنا في التخلص منه وفق منظومة أخلاقية سامية وسماوية تهتم بالروح ولاتهمل البدن .
فالإنسان بنظرة هو روح تمر بتجربة بشرية . لا كما يعتقد الكثيرين أنه بشر يمر بتجربة روحية .