الرئيسيةزووم

الحلول يجـب ألا تكـون على حساب الليبيين

سالمة الشعاب

قامتْ‭ ‬منظمةُ‭ ‬الهجرة‭ ‬الدولية‭ ‬بطلب‭ ‬توطين‭ ‬المهاجرين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭ ‬في‭ ‬ليبيا

محاولة‭ ‬فرض‭ ‬أجندة‭ ‬أجنبية‭ ‬بما‭ ‬يُسمى‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬مما‭ ‬اعتبره‭ ‬الليبيون‭ ‬بداية‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخطط‭ ‬أجنبى‭ ‬لتتغيير‭ ‬التركيبية‭ ‬السكانية‭ ‬وضرب‭ ‬وحدة‭ ‬الشعب‭ ‬الليبي‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬وذلك‭ ‬باستعمار‭ ‬أرضه،‭ ‬وهو‭ ‬طلب‭ ‬يضرب‭ ‬بالقوانين‭ ‬الليبية‭ ‬عرض‭ ‬الحائط،‭ ‬واستغلال‭ ‬الأزمة‭ ‬الليبية‭  ‬انقسام‭ ‬مؤسساتها،‭ ‬وما‭ ‬يفسر‭ ‬عدم‭ ‬قيام‭ ‬الانتخابات‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬لذا‭ ‬خرجوا‭ ‬في‭ ‬مظاهرات‭ ‬رفضًا‭ ‬لمشروع‭ ‬التوطين‭ ‬الاستيطانى

وقالوا‭ ‬لا‭ ‬للتوطين‭ ‬ليبيا‭ ‬لليبيين‭ ‬

ولمعرفة‭ ‬تفاصيل‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬التقينا‭ ‬مع‭ ‬

المحاميه‭ ‬ثريا‭ ‬الطويبي‭ ‬

عضو‭ ‬حراك‭ ‬نشطاء‭ ‬طوابلس

‎‭  ‬قالتْ‭ : ‬نظرًا‭ ‬لتصريحات‭ ‬منظمة‭ ‬الهجرة‭ ‬الدولية‭ ‬حول‭ ‬دمج،‭ ‬وتقسيم‭ ‬المهاجرين‭ ‬غير‭ ‬القانونيين‭ ‬بين‭ ‬البلديات‭ ‬لتوطين‭ ‬المهاجرين‭ ‬غير‭ ‬القانونيين،‭ ‬قمنا‭ ‬بحملة‭ )‬لا‭ ‬للتوطين‭( ‬بداية‭ ‬عبر‭ ‬‮«‬هاشتاق‮»‬‭ ‬نشرناه‭ ‬عبر‭ ‬‮«‬السوشيال‭ ‬ميديا‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬عبر‭ ‬تنظيم‭ ‬وقفات‭ ‬احتجاجية‭ ‬حتى‭ ‬تمكنا‭ ‬من‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬رفضنا‭ ‬لجعل‭ ‬ليبيا‭ ‬موطن‭ ‬بديل‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬أربعين‭ ‬جنسية‭ ‬لا‭ ‬قدرة‭ ‬لليبيا‭ ‬لاستيعابها‭. ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الدافع‭ ‬لتحركنا‭ ‬نابعا‭ ‬من‭ ‬تمييز‭ ‬عنصري‭ ‬ولا‭ ‬يحمل‭ ‬خطاب‭ ‬كراهية‭ ‬ولا‭ ‬تحريض‭ ‬ضد‭ ‬المهاجرين‭ ‬أنفسهم،‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬رفض‭ ‬فكرة‭ ‬توطين‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬وتدفقهم‭ ‬عبر‭ ‬المنافذ‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬شرعي‭ ‬استغلالاً‭ ‬لهشاشة‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬والسياسي‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬تصريحات‭ ‬بعض‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬المنظمة‭ ‬أنفسهم‭ ‬تؤكد‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬دولة‭ ‬أن‭ ‬تقبل‭ ‬مهاجرين‭ ‬يصل‭ ‬عددهم‭ ‬لملايين،‭ ‬وهذا‭ ‬الذي‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬تتدفق‭ ‬أعداد‭ ‬وصلت‭ ‬في‭ ‬طرابلس‭ ‬وحدها‭ ‬إلى‭ ‬خمسة‭ ‬ملايين‭ ‬هذه‭ ‬الأعداد‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إحصاؤها‭ ‬في‭ ‬طرابلس‭ ‬فقط‭. ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأعداد‭ ‬المتدفقة‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬خرجت‭ ‬عن‭ ‬كونها‭ ‬مجرد‭ ‬هجرة‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭ ‬نتيجة‭ ‬لظروف‭ ‬أمنية‭ ‬واقتصادية‭ ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬انتقال‭ ‬لوطن‭ ‬بديل‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬قفل‭ ‬باب‭ ‬العبور‭ ‬لأوروبا،‭ ‬فأصبحت‭ ‬بلد‭ ‬العبور‭ ‬هي‭ ‬وطن‭ ‬بديل،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬توفر‭ ‬الدعم‭ ‬للمواطن‭ ‬الليبي‭ ‬وممارسة‭ ‬اقتصاد‭ ‬الظل‭ ‬الذي‭ ‬يتهرب‭ ‬أصحابه‭ ‬من‭ ‬الضرائب‭ ‬والرسوم،‭ ‬وبهذا‭ ‬أصبحت‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬عبء‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الليبي،‭ ‬فأغلبهم‭ ‬يقودون‭ ‬السيارات‭ ‬ويستنزفون‭ ‬معنا‭ ‬الوقود‭ ‬المدعوم‭ ‬والكهرباء،‭ ‬والسلع‭ ‬مع‭ ‬تحويل‭ ‬العُملة‭ ‬الصعبة،‭ ‬فهذه‭ ‬الأعداد‭ ‬الفائضة‭ ‬عن‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬الليبي‭ ‬أصبحت‭ ‬مشمولة‭ ‬بالدعم‭ ‬الذي‭ ‬تقدمه‭ ‬الدولة‭ ‬للمواطن‭ ‬الليبي‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬الدولة‭ ‬تنفق‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬عشر‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬وعندما‭ ‬نعود‭ ‬لسبب‭ ‬ازدياد‭ ‬الأعداد‭ ‬فإننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعرج‭ ‬للإتفاقية‭ ‬التي‭ ‬أبرمتها‭ ‬حكومة‭ ‬الوفاق‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬الإيطالية‭ ‬والتي‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬ليبيا‭ ‬سجناً‭ ‬للهجرة‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬كانت‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬ليبيا‭ ‬بلد‭ ‬عبور‭ ‬وإيطاليا‭ ‬بلد‭ ‬المقصد،‭ ‬حيث‭ ‬نصت‭ ‬الفقرة‭ )‬9‭( ‬من‭ ‬المقدمة‭ ‬على‭:‬

‎1‭ – ‬‮«‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬عاجلة‭ ‬للمهاجرين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭ ‬العابرين‭ ‬ليبيا‭ ‬والقاصدين‭ ‬أوروبا‭ ‬‮»‬‭ ‬أي‭ ‬مساهمة‭ ‬ليبيا‭ ‬في‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤوليتهم‭ ‬وليس‭ ‬إيقاف‭ ‬تدفقهم‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬الليبية‭ ‬فقط‭. ‬2‭ – ‬تجهيز‭ ‬مراكز‭ ‬إيواء‭ ‬تمهيدًا‭ ‬لترحيلهم‭. ‬أي‭ ‬ترحيل‭ ‬الذين‭ ‬عبروا‭ ‬ليبيا‭ ‬لأوروبا‭ ‬وإعادتهم‭ ‬لليبيا‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭.‬

وهذا‭ ‬أمر‭ ‬خطير‭ ‬فالأعداد‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬عبرت‭ ‬لأوروبا‭ ‬سيتم‭ ‬ترحيلهم‭ ‬لليبيا‭ ‬بدل‭ ‬اعادتهم‭ ‬بشكل‭ ‬طبيعي‭ ‬لبلدانهم‭ ‬الأصلية‭. ‬3‭ – ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إقناع‭ ‬دول‭ ‬المصدر‭ ‬بقبول‭ ‬رعاياها،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ندركها،‭ ‬أن‭  ‬دول‭ ‬الموطن‭ ‬الأصلي‭ ‬للمهاجرين‭ ‬ترفض‭ ‬عودتهم،‭ ‬وستكون‭ ‬هناك‭ ‬محاولات‭ ‬لإعادتهم،‭ ‬فإن‭ ‬قبلت‭ ‬دولهم‭ ‬اللهم‭ ‬بارك‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تقبل‭ ‬سيقيم‭ ‬هؤلاء‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬ومع‭ ‬الوقت‭ ‬سيتم‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬ليبيا‭ ‬لمنحهم‭ ‬الجنسية‭ ‬والإقامة‭ ‬الدائمة‭.‬

وعند‭ ‬اطلاعي‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬منظمة‭ ‬الهجرة‭ ‬الدولية‭ ‬وجدتُ‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حالتي‭ ‬تصنيف‭ ‬المهاجرين‭ ‬غير‭ ‬القانونيين‭ ‬بطالبي‭ ‬اللجوء‭ ‬أو‭ ‬مهاجر‭ ‬فإن‭ ‬إعادة‭ ‬توطينهم‭ ‬يكون‭ ‬منفذًا‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭.‬

‎وعليه‭ ‬فإننا‭ ‬نرفض‭ ‬إعادة‭ ‬التوطين‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬كما‭ ‬نرفض‭ ‬الدمج‭ ‬والتغيير‭ ‬الديموغرافي‭ ‬للشعب‭ ‬الليبي‭ ‬ونطالب‭ ‬بإلغاء‭ ‬الاتفاقية‭ ‬التي‭ ‬وقعتها‭ ‬حكومة‭ ‬الوفاق‭ ‬مع‭ ‬إيطاليا‭ ‬وتنفيذ‭ ‬اتفاقية‭ ‬الصداقة‭ ‬الليبية‭ ‬الإيطالية‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬2008‭ ‬والتي‭ ‬تلزم‭ ‬إيطاليا‭ ‬بالمساهمة‭ ‬بدعمنا‭ ‬لحماية‭ ‬حدودنا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬وترحيل‭ ‬المهاجرين‭ ‬برًا‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يكلف‭ ‬الدولة‭ ‬الليبية‭ ‬أموالا‭ ‬طائلة،‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬حراسة‭ ‬وحماية‭ ‬الحدود‭ ‬تركيب‭ ‬منظومة‭ ‬رصد‭ ‬التسلل‭ ‬عبر‭ ‬الحدود،‭ ‬وتطبيق‭ ‬قانون‭ ‬دخول‭ ‬وخروج‭ ‬الأجانب‭ ‬وتفعيل‭ ‬التأشيرات‭ ‬للعمل‭ ‬حسب‭ ‬طلب‭ ‬رب‭ ‬العمل‭ ‬وكفالته‭ ‬ومسئوليته‭ ‬بحيث‭ ‬نكتفي‭ ‬لما‭ ‬يحتاجه‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬ويكون‭ ‬بعقود‭ ‬عمل‭ ‬واستجلاب‭ ‬عمالة‭ ‬محددة‭ ‬المدة‭ ‬ودفع‭ ‬الضرائب‭ ‬ورسوم‭ ‬الضمان‭ ‬وغيرها‭ ‬وتصحيح‭ ‬أوضاع‭ ‬العاملين‭ ‬منهم،‭ ‬مع‭ ‬تسهيل‭ ‬الإجراءات‭ ‬حسب‭ ‬متطلبات‭ ‬السوق‭ .. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تحسين‭ ‬أوضاع‭ ‬المهاجرين‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬أوطانهم‭ ‬مع‭ ‬تحسين‭ ‬أوضاعهم‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وليس‭ ‬تشجيعهم‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬أوطانهم‭ ‬وتفريغها‭ ‬منهم،‭ ‬وما‭ ‬نعبر‭ ‬عنه‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬المهاجرين‭ ‬غير‭ ‬القانونيين‭ ‬وليس‭ ‬مصلحتنا‭ ‬وحدنا‭.‬

الدكتور‭  ‬محمد‭ ‬غرس‭ ‬الله‭ ‬أحد‭ ‬أعضاء‭ ‬هيئة‭ ‬التدريس‭ ‬الجامعى‭ ‬بجامعة‭ ‬الزيتونهة‭ ‬بكلية‭ ‬الاتصال‭ ‬و‭ ‬الإعلام‭ ‬

ماهى‭ ‬أبعاد‭ ‬طلب‭ ‬التوطين‭ ‬فى‭ ‬ليبيا‭ ‬؟

يعد‭  ‬موضوع‭ ‬الهجرة‭ ‬الوافدة‭ ‬من‭ ‬وسط‭ ‬وجنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬إلى‭ ‬ليبيا‭ ‬من‭ ‬اخطر‭ ‬واكبر‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الدولة،‭ ‬والمجتمع‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬وهو‭ ‬موضوع‭ ‬أمن‭ ‬وطني‭ ‬وقومي‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬سبل‭ ‬معالجته‭ ‬والإجراءات‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬حياله،‭ ‬فليبيا‭ ‬بسبب‭ ‬ظروفها‭ ‬وما‭ ‬جرى‭ ‬ويجري‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬أنقسام‭ ‬وضعف‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬ومحدودة‭ ‬النفوذ‭ ‬الجغرافيا‭ ‬على‭ ‬أرضها،‭ ‬جعل‭ ‬منها‭ ‬طريقًا‭ ‬ومستودعاً‭ ‬مكتظًا‭ ‬بالمهاجرين‭ ‬منهم‭ ‬العابرون‭ ‬نحو‭ ‬أوروبا‭ ‬ومنهم‭ ‬الذين‭ ‬سيتوطنون‭ ‬سوى‭ ‬مؤقتٍ،‭ ‬و‭ ‬بشكل‭ ‬دائم‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬دون‭ ‬أية‭ ‬إجراءات‭ ‬ضبطية‭ ‬وقانونية‭ ‬تحدد‭ ‬قانونية‭ ‬دخولهم‭ ‬للبلاد،‭ ‬وتحدد‭ ‬فترة‭ ‬أقامتهم،‭ ‬وطريقة‭ ‬حياتهم‭ ‬وعملهم‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬بالاظافة‭ ‬إلى‭ ‬مشكلة‭ ‬المشروع‭ ‬الأوروبي‭ ‬لجعل‭ ‬ليبيا‭ ‬مستودع‭ ‬توطين‭ ‬لمجاميع‭ ‬المهاجرين‭ ‬الأفارقة‭ ‬نحو‭ ‬أوروبا،‭ ‬حيث‭ ‬تعمل‭ ‬منظمات‭ ‬أوروبية‭ ‬متنوعة‭ ‬بصورة‭ ‬واضحة‭ ‬وخفية‭ ‬سوى‭ ‬بالصيغ‭ ‬المباشرة‭ ‬أو‭ ‬بعملية‭ ‬تحايل‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭.‬

ما‭ ‬الخطوات‭ ‬التى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتخذها‭ ‬ليبيا‭ ‬لحماية‭ ‬أرضها‭ ‬؟

ليبيا‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬ثلاث‭ ‬صعوبات‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بموضوع‭ ‬الهجرة‭:‬

الأولى‭:‬‭ ‬الإنقسام‭ ‬السياسي‭ ‬الليبي،‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬الوضع‭ ‬الوطني‭ ‬مترهلًا،‭ ‬ومستباحًا،‭ ‬فجهاز‭ ‬الدولة‭ ‬مشغول‭ ‬بالأزمات‭ ‬السياسية‭ ‬المتلاحقة‭ ‬والمتوالدة‭ ‬رغم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الوطني‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬نكرانها‭ ‬أو‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬أهميتها‭ –  ‬فلا‭ ‬اهتمام‭ ‬بالغ‭ ‬ولا‭ ‬إجراءات‭ ‬عملية‭ ‬حقيقية‭ ‬حيال‭ ‬خطورة‭ ‬مشكلة‭ ‬المهاجرين‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الوطني،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالنواحي‭ ‬الأمنية‭ ‬من‭ ‬ضبط‭ ‬إقامة‭ ‬وتصاريح‭ ‬العمل‭ ‬والجانب‭ ‬الصحي،‭ ‬ووما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالجوانب‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬والسكانية،‭ ‬وما‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الرعاية‭ ‬الطبية‭ ‬والتعليم،‭ ‬وسوق‭ ‬العمل،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تسليم‭ ‬مسألة‭ ‬الوفاق‭ ‬الوطني‭ ‬للتدخلات‭ ‬الخارجية‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬معالجة‭ ‬موضوع‭ ‬الهجرة‭ ‬مرتبطًا‭ ‬بهذه‭ ‬التدخلات‭ ‬والإملاءات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخدم‭ ‬إلا‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬الهجرة،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمحاولتهم‭ ‬وعملهم‭ ‬الدؤوب‭ ‬على‭ ‬توطين‭ ‬المهاجرين‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭.‬

الثانية‭:‬‭ ‬متعلق‭ ‬بإنعدام‭ ‬الصرامة‭ ‬الأمنية‭ ‬والقانونية‭ ‬حيال‭ ‬دخول‭ ‬الأجانب‭ ‬لليبيا‭ ‬وحيال‭ ‬اقامتهم‭ ‬فيها‭ ‬التي‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الآن‭ ‬ليست‭ ‬مضبوطة‭ ‬بقانون‭ ‬وتصاريح‭ ‬اقامة‭ ‬وعمل؛‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬سيطرة‭ ‬مركزية‭ ‬على‭ ‬المنافذة‭ ‬البرية‭ ‬خاصة‭ ‬الجنوبية،‭ ‬فتحولت‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬تجارة‭ ‬يشترك‭ ‬فيها‭ ‬حتى‭ ‬عناصر‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬الليبي‭ ‬في‭ ‬شبكات‭ ‬منتشرة‭ ‬تقوم‭ ‬بنقل‭ ‬المهاجرين‭ ‬والإتجار‭ ‬بهم‭ ‬وبظروفهم،‭ ‬وتنقلهم‭ ‬إلى‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬الليبية

الثالثة‭:‬‭ ‬متعلق‭ ‬بالمشروع‭ ‬الأوروبي‭ ‬حيال‭ ‬المهاجرين‭ ‬وما‭ ‬يتعلق‭ ‬بليبيا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬بتحويلها‭ ‬لمستودع‭ ‬يخفف‭ ‬سيل‭ ‬المهاجرين‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬وذلك‭ ‬بتمويل‭ ‬اعمال‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تبقيهم‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬عبر‭ ‬منظمات‭ ‬تدعي‭ ‬أنها‭ ‬إنسانية،‭ ‬تتستر‭ ‬تحت‭ ‬عناوين‭ ‬ادماج‭ ‬المهاجرين‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الليبي،‭ ‬بدفع‭ ‬من‭ ‬حكومات‭ ‬أوروبا‭ ‬خاصة‭ ‬إيطاليا،‭ ‬وهي‭ ‬سياسات‭ ‬معلنة‭ ‬ومجاهر‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬الأشهاد،‭ ‬وللأسف‭ ‬لا‭ ‬يقابلها‭ ‬أي‭ ‬إجراءات‭ ‬وطنية‭ ‬تحفظ‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬المتفاقمة‭ ‬والخطيرة‭ ‬والمتشعبة‭.‬

إنّ‭ ‬التوطين‭ ‬له‭ ‬أبعاد‭ ‬خطيرة‭ ‬وعميقة‭ ‬على‭ ‬البلاد،‭ ‬فلا‭ ‬توجد‭ ‬بلاد‭ ‬تسمح‭ ‬بتدفق‭ ‬المهاجرين‭ ‬بشكل‭ ‬مفتوح‭ ‬ودون‭ ‬ضوابط‭ ‬أمنية‭ ‬وصحية‭ ‬واجتماعية،‭ ‬واقتصادية،‭ ‬ففي‭ ‬الجانب‭ ‬الأمني‭ ‬يشكل‭ ‬وجود‭ ‬مجاميع‭ ‬ضخمة‭ ‬خطر‭ ‬محيق‭ ‬بالبلاد‭ ‬التي‭ ‬ينتشر‭ ‬فيها‭ ‬السلاح؛‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتكون‭ ‬مجاميع‭ ‬مسلحة‭ ‬قد‭ ‬يتسرب‭ ‬السلاح‭ ‬إلى‭ ‬أيديها،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬الخاص‭ ‬بالمهاجرين‭ ‬يصنع‭ ‬لهم‭ ‬أطرًا‭ ‬خاصة‭ ‬إجتماعية‭ ‬وقيادات‭ ‬وفق‭ ‬طبيعتهم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬داخل‭ ‬ليبيا،‭ ‬وهذا‭ ‬يشكل‭ ‬مجموعات‭ ‬مترابطة‭ ‬قد‭ ‬تحمل‭ ‬السلاح‭ ‬يومًا‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬تتوالد‭ ‬فيها‭ ‬الخصومات‭ ‬والحروب‭ ‬الداخلية‭ ‬كل‭ ‬فترة‭.. ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الصحي‭ ‬والطبي،‭ ‬فإن‭ ‬دخول‭ ‬المهاجرين‭ ‬بالمجاميع‭ ‬الضخمة‭ ‬ينقل‭ ‬الأمراض‭ ‬الفتاكة‭ ‬والسارية،‭ ‬ويعيدها‭ ‬للمجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الليبي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬تخلص‭ ‬منها،‭ ‬وقد‭ ‬تنتشر‭ ‬عبر‭ ‬المخالطة‭ ‬والعمل‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المطاعم‭ ‬والمقاهي‭ ‬وفي‭ ‬الأعمال‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالإغذية،‭ ‬ومتعلق‭ ‬بالحماية‭ ‬الطبية‭ ‬والصحية؛‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬عبر‭ ‬التسيب‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المرافق‭ ‬الصحية‭ ‬ان‭ ‬تنتقل‭ ‬امراض‭ ‬غريبة‭ ‬عن‭ ‬البلاد‭ ‬والمجتمع‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬المهاجرين‭ ‬إلى‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الليبي‭ ‬وأسره‭ ‬وأطفاله‭ ‬ونسائه‭.‬

كما‭ ‬تكمن‭ ‬خطورة‭ ‬التوطين‭ ‬في‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬الواقع‭ ‬الديموغرافي‭ ‬حاضرًا‭ ‬ومستقبلاً،‭ ‬فليبيا‭ ‬بمواردها‭ ‬وإمكانياته‭ ‬وإتساع‭ ‬جغرافيتها،‭ ‬مستهدفة‭ ‬بالتغيير‭ ‬الديموغرافي،‭ ‬وجعله‭ ‬من‭ ‬معيقات‭ ‬الإستقرار‭ ‬الوطني،‭ ‬وله‭ ‬أثار‭ ‬على‭ ‬الواقع‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يظهر‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬فوات‭ ‬الأوان،‭ ‬فالشوارع‭ ‬تمتلء‭ ‬بمجاميع‭ ‬المهاجرين،‭ ‬والأحياء‭ ‬الفقير‭ ‬والضيقة‭ ‬تعج‭ ‬بالأسر‭ ‬الوافدة،‭ ‬وسوق‭ ‬العمل‭ ‬تهمين‭ ‬عليه‭ ‬مجاميع‭ ‬المهاجرين‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬الغذاء‭  ‬الخضروات‭ ‬واللحوم‭ ‬تحديداً،‭ ‬وسوق‭ ‬العمل‭ ‬المهني‭ ‬الذي‭ ‬خرجت‭ ‬اليد‭ ‬العاملة‭ ‬الليبية‭ ‬من‭ ‬المنافسة‭ ‬فيها‭ ‬تماماً،‭ ‬وهو‭ ‬يوفر‭ ‬مصدر‭ ‬دخل‭ ‬معتبر‭ ‬بل‭ ‬عالي،‭ ‬تهيمن‭ ‬عليه‭ ‬الأيدي‭ ‬العاملة‭ ‬المهاجرة‭ ‬والعابرة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬فكرة‭ ‬التوطين،‭ ‬وهذه‭ ‬الحالة‭ ‬مجتمعة‭ ‬تتخادم‭ ‬لتحقيق‭ ‬التوطين‭ ‬التدريجي‭ ‬الذي‭ ‬يحدث‭ ‬بحكم‭ ‬الواقع،‭ ‬وبفعل‭ ‬فاعل‭ ‬أوروبي‭ ‬خاصة‭ ‬الإيطالي‭.‬

اما‭ ‬عن‭ ‬المعالجات‭ ‬الممكن‭ ‬فهي‭ ‬تبدا‭ ‬بالإتفاق‭ ‬السياسي‭ ‬والإداري‭ ‬والحكومي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ليبيا‭ ‬على‭ ‬إتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬موحدة‭ ‬حيال‭ ‬موضوع‭ ‬الهجرة‭ ‬وفق‭ ‬الإعتبار‭ ‬الوطني‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬رضوخ‭ ‬للإملاءات‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وهي‭ ‬تبدأ‭ ‬بضبط‭ ‬المنافذ‭ ‬والمسالك‭ ‬الصحراوية،‭ ‬ثم‭ ‬حصر‭ ‬المهاجرين،‭ ‬وضبطهم‭ ‬قانونيا‭ ‬وفق‭ ‬إحصاءيات،‭ ‬وفرض‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬رخصة‭ ‬إقامة‭ ‬ورخصة‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬كل‭ ‬دائرة‭ ‬كل‭ ‬بلدية‭ ‬وبتصريح‭ ‬من‭ ‬جهاز‭ ‬الشرطة‭ ‬ومصلحة‭ ‬العمل،‭ ‬وتحديد‭ ‬صلاحيتها،‭ ‬وإنتهاء‭ ‬صلاحيتها،‭ ‬وتجديدها‭ ‬وفق‭ ‬القانون‭ ‬والإجراءات‭ ‬المناسبة،‭ ‬وتحصيل‭ ‬الضرائب‭ ‬وفقها،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬المعالجات‭ ‬لابد‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬متكاملة‭ ‬تتخادم‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬والضبط‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يسمح‭ ‬بخرقه‭ ‬او‭ ‬التهاون‭ ‬فيه‭ ‬او‭ ‬حوله،‭ ‬فالدول‭ ‬لها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬ضبط‭ ‬مجالها‭ ‬الحيوي‭ ‬وفق‭ ‬ظروفها،‭ ‬ووفق‭ ‬سيادتها،‭ ‬فمسألة‭ ‬اتوطين‭ ‬المهاجرين‭ ‬تعد‭ ‬بالنسبة‭ ‬لليبيا‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الحروب‭ ‬يتم‭ ‬تسييها‭ ‬لإتخام‭ ‬البلاد‭ ‬بالمجاميع‭ ‬المهاجرة،‭ ‬التي‭ ‬ببقائها‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬دون‭ ‬ضوابط‭ ‬ودون‭ ‬حساب‭ (‬سقف‭) ‬تعد‭ ‬خطر‭ ‬ومشكلة،‭ ‬وبرميل‭ ‬بارود‭ ‬إجتماعي‭ ‬وسياسي‭ ‬وأمني،‭ ‬وصحي،‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬أي‭ ‬شعب‭ ‬او‭ ‬حكومة‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬متفرجا‭ ‬عليه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ينفجر‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬داخل‭ ‬أحشائه‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى