
في عصرٍ أصبحتْ فيه منصات التواصل الاجتماعي ساحةً مفتوحةً يشارك فيها الملايين تفاصيل حياتهم اليومية، تساؤلات جوهرية حول رأي النَّاس في هذا الانفتاح غير المسبوق: هل هم مع أم ضد نشر «كل شيء» عبر هذه الصفحات الافتراضية؟، وكيف يمكن للمستخدم أن يرسم خطًا فاصلًا بين حرية التعبير والمشاركة، وبين الوقوع في فخ المساءلة القانونية، أو ما يُعرف بـ الجريمة الإلكترونية لأن خطورة النشر الإلكتروني تكمن في سرعة انتشاره، وصعوبة محوه، مما يجعل المسؤولية القانونية تقع على الناشر الأصلي لذلك يجب التحلي بالحذر، وتوخي المسؤولية، ووضع «فلتر الوعي» قبل ضغطة زر «انشر» صحيفة )فبراير( قامتْ باستطلاع آراء النَّاس «مع أو ضد» نشر تفاصيل حياتهم عبر هذه الصفحات، ومتى يصنف النشر جريمة إلكترونية..
البدايةً كانت مع ..أسامة شتوان
أنا بصراحة مع وليس ضد لأنَّ سرعة الوصول للمعلومة والأخبار التي تنشر فوريًا تتيح للجميع معرفة ما يحدث أولاً بأولٍ، مما يزيد الوعي بالأحداث، أيضًا مساحة الحرية في التعبير عن آرائهم، ومشاريعهم الشخصية بحرية دون قيود الإعلام التقليدي، أيضًا توثيق اللحظات والتجارب يجد البعض متعةً وفائدةً في مشاركة تفاصيل حياتهم كـ)السفر، الإنجازات، الأفراح( لتكوين ذكريات، والتواصل مع الأصدقاء والعائلة، ونشر القضايا المهمة، لتسليط الضوء على قضايا مجتمعية، أو إنسانية تحتاج إلى دعم، أو معالجة.
منى التهامي
أنا ضد وبقوة لأن هناك انتهاكًا للخصوصية، والقلق الأكبر هو فقدان الخصوصية الشخصية، والعائلية؛ حيث يتم نشر تفاصيل الحياة الخاصة لكل من المستخدم وعائلته أيضًا
جميلة الخيتوني
ليس كل ما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي يُصنَّف جريمةً إلكترونية.إنما يصنَّف النشر جريمة إلكترونية إذا تضمن أفعالاً يُجرمها القانون، مثل:
التشهير، والقذف، والسبَّ والإساءة للغير أيضًا نشر الشائعات والأخبار الكاذبة المضللة التي تضر بالنظام العام، أو المصالح العامة.
التحريض على ارتكاب الجرائم ،أو على الكراهية
الابتزاز الإلكتروني، أو التهديد بنشر معلومات، أو صور خاصة.انتهاك الخصوصية، ونشر بيانات، أو صور شخصية للغير دون موافقتهم، الاحتيال المالي باستخدام الشبكة المعلوماتية.كذلك نشر محتوى مخل للنظام العام أو الآداب العامة مثل المحتوى الإباحي، خاصة الذي يستهدف الأطفال، إعادة نشر أي محتوى تُعاقب عليه القوانين الخاصة بـ «الجرائم الإلكترونية،» أو «الجرائم المعلوماتية» في العديد من الدول العربية والعالمية توسعتْ لتشمل الأفعال المرتكبة عبر الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي.
النشر يصبح جريمة إلكترونية عندما :
يتم باستخدام الحاسب الآلي، أو الشبكة المعلوماتية، وهذا ينطبق على النشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كذلك
يخالف نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، أو القوانين الأخرى ذات الصلة لذلك، يجب على المواطنين توخي الحذر والانتباه لما ينشرونه، أو يعيدون نشره، لأنهم قد يُعاقبون على ذلك بموجب تلك القوانين.
مفيدة الميلادي
أعتقد أنّ الحقَ في التعبير ونشر تفاصيل الحياة اليومية هو شكل من أشكال التعبير عن الذات وحرية شخصية مكفولة لبناء العلاقات الاجتماعية الذي يستخدمه البعض لبناء صداقات، والحصول على الدعم الاجتماعي، والشعور بالانتماء؛ حيث يحصلون على «إعجابات»، وتعليقات تعزَّز تقديرهم لذاتهم.. إبراز الهوية قد يكون النشر وسيلة لإظهار «الذات المثالية»، أو الشخصية التي يريد الفرد أن يراها الآخرون يسعى البعض للشهرة، أو التأثير على الآخرين، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي.في الوقت نفسه فيه من يحذر من التبعات ويدعو لتقييد النشر وهذا أيضًا حرية شخصية حتى لا يحدث انتهاك الخصوصية، يُعتبر النشر المفرط، خاصة لبعض التفاصيل الحساسة، انتهاكاً لخصوصية الفرد، ومن يشاركونه حياته مثل أفراد الأسرة، والأطفال.
المسؤولية الاجتماعية والقانونية: وسريع إنّ الحرية الشخصية على أنها مقيدة بحدود لا تضر بالآخرين، أو تخالف الأنظمة والقوانين، خاصة فيما يتعلق بنشر معلومات العمل أو سلوكيات تضر بالمجتمع.
الأسباب النفسية السلبية: قد يؤدي «هوس» النشر والبحث عن الإعجابات إلى مشاعر سلبية أو الاكتئاب في حال عدم الحصول على التقدير المتوقع، أو قد يكون دافعه الأساسي هو شعور بـ «الخواء»، أو الوحدة.
نشر الموقع الجغرافي، أو معلومات العمل الحساسة أو البيانات الشخصية قد يُستغل في الإعلانات غير المرغوبة، أو الجرائم الإلكترونية، ونشر الخلافات العائلية يمكن أن يؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. كل هذا يؤثر على الأجيال الأصغر سنًا الذين يقلدون المشاهير في تصرفاتهم.
المبادئ الأخلاقية والدينية: في بعض الثقافات، يتم التأكيد على أهمية «الستر» وخصوصية البيوت، وأنَّ ما يدور داخل البيت لا يجب أن يتعدى بابه. بشكل عام أرى أن نشر التفاصيل اليومية هو ممارسة شخصية، لكن يجب أن تكون مقيدة بالوعي والمسؤولية الذاتية، والقانونية والأخلاقية. بمعنى أن حق الفرد في النشر ينتهي عند المساس بخصوصية الآخرين، أو تعريضهم أو تعريضه هو للخطر، أو مخالفة القوانين العامة.
انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة: إن النشر المفرط يُسهم في انتشار المعلومات غير الموثوقة، والفتن كذلك التأثير السلبي على العلاقات الاجتماعية، يمكن أن يؤدي إلى المقارنة المستمرة بين حياة الأفراد ما يُنشر يبدو مثاليًا في الغالب مما يولد شعورًا بالإحباط وعدم الرضا.
ولا ننسى خطر الاستغلال والابتزاز الإلكتروني:
كشف كل ما يحدث يمكن أن يجعل الأفراد عرضةً للابتزاز أو الاستغلال بسبب نشر صور، أو معلومات حساسة.
عدم المسؤولية الوطنية والأخلاقية: إن النشر العشوائي لبعض السلوكيات، أو الأحداث المسيئة يضر بالقيم المجتمعية، ويخالف الأخلاق ولهذا يجب :
الاعتدال والمسؤولية هما المفتاح للنشر المفيد، والهادف والموثوق به هو أمر إيجابي، لكن النشر المفرط وغير المسؤول الذي ينتهك خصوصية الآخرين، أو ينشر الشائعات هو ما يواجه انتقادًا، كبيرًا وضرورة للتقنين والتوعية.
عبدالله ابوشندي
أعتقد أن الرأي الغالب يميل إلى التحفظ و«الستر» ضد النشر المفرط لأنهناك توجهًا دينيًا، وأخلاقيًا، واسعًا يدعو إلى الستر على النفس، وعلى الغير وعدم نشر الخصوصيات، وتفاصيل الحياة الشخصية المذمومة، استنادًا إلى نصوص شرعية تدعو إلى ذلك.
إن النشر المفرط للخصوصيات على أنه من قبيل طلب الشهرة المذموم، أو التماديح المكروهة.
هناك وعي متزايد بالأثار السلبية للنشر المفرط مثل:
الأثار النفسية: زيادة القلق، الاكتئاب، تكوين صورة سلبية عن الذات بسبب المقارنة مع حياة الآخرين المثالية على الإنترنت، الانعزال عن المجتمع الواقعي.
أما المخاطر الاجتماعية والأمنية: منها التعرَّض لـ)لابتزاز، التهديد، التنمر، أو استغلال المعلومات المنشورة(.
قاسم عبيد
هناك فئةٌْ تميلُ إلى النشر كوسيلةٍ للتعبير عن الذات والمشاركة في الحياة العامة.حيث يستخدم البعض النشر كمنفذ للتعبير عن الآراء بحرية، والوصول إلى المعلومات، والاتصال مع الأصدقاء.
أحيانًا يكون النشر كجزءٍ من الثورة الاتصالية التي جمعت إمكانات وسائل إعلامية متعدَّدة؛ فقد يكون الدافع هو البحث عن الشهرة، أو لفت الانتباه.
والنشر غير الجيد يصنّف نوعًا من أنواع الجريمة في العديد من التشريعات والقوانين، خاصة تلك المتعلقة بالجرائم الإلكترونية. يتضمن عدة أفعال منها:
السب، القذف، التشهير، والتحقير: توجيه عبارات مسيئة أو إسناد وقائع تضر بالسمعة أو الكرامة عبر شبكة معلوماتية.أيضًا انتهاك الخصوصية:
نشر صور، فيديوهات، أو تسجيل أقوال خاصة أو سرية للغير دون موافقتهم.
استعمال برامج معلوماتية لمعالجة بيانات شخصية للغير وربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة أو إظهارها بطريقة مسيئة.. كذلك نشر الشائعات والأخبار الكاذبة: خاصة تلك التي من شأنها زعزعة الأمن والسلامة المجتمعية، أو الإضرار بسمعة أو هيبة جهات عامة أو خاصة، أو التسبب في خسائر اقتصادية.التهديد والابتزاز الإلكتروني: باستخدام محتوى تم نشره أو التلويح بنشره للإضرار بالشخص.
التحريض على الكراهية أو الإرهاب: نشر محتوى يدعو إلى العنف أو الانتماء لجماعات منظمة إجرامية أو إرهابية.
السرقة الأدبية والفكرية: نشر محتوى مملوك للغير دون إسناده إلى صاحبه، يقع في إطار جريمة السرقة الفكرية. باختصار الرأي العام يميل إلى الحذر والتقليل من نشر الخصوصيات المفرط لأسباب دينية، أخلاقية، ونفسية.
وفي الجانب القانوني، فإن «النشر غير الجيد» الذي يمس حقوق الآخرين، أو الأمن العام، مثل التشهير وانتهاك الخصوصية ونشر الشائعات، يعاقب عليه القانون ويُصنف كجريمة إلكترونية في الكثير من الدول العربية، والدولية.
آمال الشتيوي
موضوع النشر في مواقع التواصل الاجتماعي محور جدل واسع، بين التأييد والمعارضة، وصعبة تصنيفه بشكل مطلق ضمن خانة واحدة كـالجريمة، أو الحرية الشخصية، أو المواكبة؛ فهو يتأثر بعدة عوامل منها :
نوع المحتوى، وسياق النشر، والقوانين المحلية، والمعايير الاجتماعية.آنا اعتبره :
حرية شخصية: كحق أساسي للتعبير عن الرأي، وتبادل الأفكار، ونشر وجهات النظر المختلفة،وذلك لمواكبة التطور وضرورة للاندماج في العصر الرقمي،واستخدام أدواته بفعالية في مختلف المجالات لتوعية، التجارة، التعليم، الترفيه.. في حين أن منصة التواصل: وسيلة لبناء العلاقات، وتشكيل المجتمعات الافتراضية، ومتابعة المستجدات.
سالم الزايدي
شخصيًا ضد أي نوع من النشر على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصًا عرض الصور الخاصة بهم لأنه تهديد للخصوصية لأن النشر المفرط، خاصة للمعلومات والصور الشخصية، يعرض الأفراد لخطر استغلال البيانات، والابتزاز، والتهديد..أيضًا يعد مصدرًا للمحتوى السلبي: انتشار الشائعات، والأخبار الكاذبة، والمحتوى الذي يحث على الكراهية، وتشويه القيم، والتأثير السلبي على الصحة النفسية.وانتهاك للنظام العام والآداب: بعض المنشورات قد تتجاوز الخطوط الحمراء الدينية، أو الأخلاقية، أو القانونية.
وتصنيف النشر، كمواكبة، أم حرية شخصية
هو «مواكبة» و«حرية شخصية» لكن بقيود:
مواكبة: النشر هو في جوهره استخدام لأداة عصرية، وهو مواكبة طبيعية للتطور التكنولوجي، والإعلامي.
أما كونه حرية شخصية: يُعتبر التعبير عن الرأي والنشر على المنصات الرقمية حقًا مكفولًا في كثير من الأحيان، لكن هذه الحرية ليستْ مطلقة، بل تُقيد بالقوانين التي تهدف لحماية حقوق الآخرين والنظام العام.
عبدالسلام اشطيبة
هناك العديد من أنواع النشر الذي يُنشر ويُصنف كـ«جريمة»حيث يتحوَّل النشر من حرية شخصية إلى «جريمة إلكترونية» عندما يخالف القوانين السارية في الدولة «قوانين مكافحة الجرائم المعلوماتية».
وأبرز ما يُصنَّف كـ جريمة نشر، أو ما يسمى بـ «المحتوى الإجرامي» يشمل: التشهير، والقذف، والسب الإلكتروني: نشر أي عبارات أو صور أو مقاطع فيديو تهدف إلى الإساءة لسمعة شخص أو اعتباره المهني أو الاجتماعي.
كذلك انتهاك الحياة الخاصة والخصوصية: نشر صور أو معلومات شخصية للغير دون موافقتهم، أو اختراق حساباتهم.والتحريض على الكراهية والعنف: نشر أي محتوى يحث على التمييز، أو الكراهية، أو العنف ضد فئة معينة «بسبب العرق، الدين، الجنس» ..نشر الأخبار الكاذبة والشائعات»تضليل الرأي العام: المحتوى الذي يهدَّد الأمن والسلم الاجتماعي، أو يثير الفتنة.
نشر المواد المنافية للآداب العامة والنظام العام: مثل المواد الإباحية، الابتزاز الإلكتروني: استخدام محتوى تم الحصول عليه بطرق غير مشروعة )صور، معلومات( لتهديد وابتزاز شخص آخر..
باختصار النشر في مواقع التواصل الاجتماعي هو مزيجٌ من حرية التعبير وضرورة المواكبة، لكنه يصبح جريمةً عندما يتجاوز الحدود القانونية، وينتهك حقوق الآخرين، أو يهدد الأمن والنظام العام.



