ولأنَّ خروجي كان ملحًا، وقفتُ على ناصية الشارع وما هي إلا لحظات حتى وقفتْ «حافلة ربع» بها مجموعة من الشباب يبدو أنهم كانوا في خضم حوارات ساخنة حول شكل الدولة ونظام الحكم بعد سقوط النظام. ركبتُ ثم جلستُ مستمعًا لنقاشاتهم المثيرة.
قال أحدهم وكان عشريني : أنا لا يهمني شكل الحكومة، )ليبرارية، إسلامية، علمانية، كرنكاطية( المهم السيد رئيس الدولة لا يتجاوز بقاؤه في الحكم أكثر من أربع سنوات وفق دستور، وقوانين ولوائح مجمع عليها، وبعد ذلك «يربح». أيضًا لا أريد أن أعلق صورته في المربوعة، أو تحتويها أطرٌ فخمة في المكاتب، أو في الساحات والميادين، ولا أرغب في أن أرى له قشرة وجه سواء في التلفزيون، أو على صفحات الصحف والجرائد. غايتي حكومة «مقنطة» تهتم بالصحة، والتعليم، والسياحة، والبنية التحتية والبيئة، وتولى قطاع الشباب رعاية خاصة، وتؤمن بالتعدَّدية، وحرية المرأة، وبالعربي الفصيح نريد العيش كما يعيش سكان الكرة الأرضية في حرية وأمان وسلام وطمأنينة، عندما سمعتُ عبارة حرية المرأة شعرتُ بأن ما تبقى من شعيراتِ رأسي قد انتصبتْ و ارتفعتْ درجة حرارة حسدي، وأحسستُ بأن الدم يتدفق في عروقي بقوة وقلتُ في ذات نفسي : هذا جيلٌ صعبٌ جدًا، رغم تدني ثقافته الموروثة عن أربعين سنة من الظلام، والجهل، والتخلف إلا أن طموحاته تفوق الخيال، وتذكرتُ التضحيات خلال ثمانية أشهر متتالية من أجل تحقيق أهدافهم وتحرير كامل تراب ليبيا، وقررتُ تسليم مفاتيح السيارة لابني ومعها إذن تجول مفتوح، بالطبع لا يخفى على عاقل .. لمن الإذن المفتوح ؟!.