رأي

قبلنا التوضيح فسارعوا بالتصحيح

أمين مازن

قبلت‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أمنن‭ ‬أو‭ ‬أستكثر‭ ‬التوضيح‭ ‬الذي‭ ‬أبداه‭ ‬المشرفون‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬دورة‭ ‬معرض‭ ‬الكتاب‭ ‬وما‭ ‬رافقها‭ ‬من‭ ‬المناشط،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬التزم‭ ‬بها‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬مركز‭ ‬البحوث‭ ‬الجنائية‭ ‬ورعاها‭ ‬النائب‭ ‬العام،‭ ‬بخصوص‭ ‬ملابسات‭ ‬عدم‭ ‬توصلي‭ ‬بدعوة‭ ‬الحضور‭ ‬ممن‭ ‬كُلِّفَ‭ ‬بها،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬ترتيب‭ ‬مفردات‭ ‬الافتتاح‭ ‬يتضمن‭ ‬مشاركتي‭ ‬بكلمة،‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬اعتبار،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬ضيق‭ ‬الوقت‭ ‬ما‭ ‬يغلب‭ ‬الاعتذر‭ ‬وربما‭ ‬تعمد‭ ‬الغياب،‭ ‬لولا‭ ‬معرفتي‭ ‬لحقيقة‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يغب‭ ‬محتجا‭ ‬لن‭ ‬يؤخر‭ ‬ما‭ ‬سيجري،‭ ‬فكنت‭ ‬بهذا‭ ‬الفهم‭ ‬بين‭ ‬المتكلمين‭ ‬بالمتيسر‭ ‬والذي‭ ‬أجملته‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الصفات‭ ‬إلى‭ ‬زوال‭ ‬وجميع‭ ‬المراكز‭ ‬إلى‭ ‬إقصاء،‭ ‬وأن‭ ‬الكتاب‭ ‬وحده‭ ‬حين‭ ‬يُتقَن‭ ‬ويُصان‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يضمن‭ ‬لصاحبه‭ ‬الحضور،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬الغيبات‭ ‬التي‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬طالت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬عباد‭ ‬الله‭ ‬ممن‭ ‬سعدنا‭ ‬بوجودهم‭ ‬أحيانا‭ ‬وضقنا‭ ‬ذرعا‭ ‬بهم‭ ‬أحينا‭ ‬أخرى،‭ ‬وما‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬لأني‭ ‬أُصدر‭ ‬في‭ ‬حديثي‭ ‬عن‭ ‬تجربة‭ ‬شخصية‭ ‬يسندني‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬أمكن‭ ‬نشره‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬حديث‭ ‬مُذاع‭ ‬ومقال‭ ‬في‭ ‬الصحف،‭ ‬ومُجمّع‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬وفي‭ ‬جنس‭ ‬من‭ ‬الأجناس،‭ ‬أهمها‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬ما‭ ‬أرّخَ‭ ‬للمرحلة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬بالأول‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬69‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬التأييد‭ ‬المتحفظ‭  ‬أو‭ ‬المقترن‭ ‬بانتظار‭ ‬البرامج،‭ ‬امتدادا‭ ‬للتمسك‭ ‬بالثوابت‭ ‬وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬رافقت‭ ‬حضور‭ ‬الرمز‭ ‬القومي‭ ‬الكبير‭ ‬مشاركا‭ ‬في‭ ‬فرح‭ ‬أكبر‭ ‬شباب‭ ‬المرحلة‭ ‬وأكثرهم‭ ‬إمساكا‭ ‬بالخيوط‭ ‬والأحداث‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬خارجها‭ ‬اعتقالات‭ ‬أبريل‭ ‬73‭ ‬وما‭ ‬سبقها‭ ‬من‭ ‬الملتقيات‭ ‬أشهرها‭ ‬ندوة‭ ‬الفكر‭ ‬الثوري‭ ‬وجلسات‭ ‬محكمة‭ ‬الشعب‭ ‬التي‭ ‬أدانت‭ ‬القضاة‭ ‬بأكثر‭ ‬مما‭ ‬أدانت‭ ‬المتهمين،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬مجتمعة‭ ‬غير‭ ‬غائبة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬تيسر‭ ‬التعبير‭ ‬عنه‭ ‬إذاعة‭ ‬ونشرا؛‭ ‬نعم‭ ‬أنه‭ ‬النهج‭ ‬الذي‭ ‬طالما‭ ‬كان‭ ‬موضع‭ ‬مراعاة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المواقع‭ ‬التي‭ ‬تيسّر‭ ‬شغلها‭ ‬ووسائل‭ ‬النشر‭ ‬التي‭ ‬أمكن‭ ‬التعبير‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تغفل‭ ‬الخط‭ ‬الإصلاحي‭ ‬الذي‭ ‬ساد‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬منتصف‭ ‬ستينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬فتأسس‭ ‬مركز‭ ‬البحوث‭ ‬الجنائية‭ ‬الذي‭ ‬نراه‭ ‬يقيم‭ ‬اليوم‭ ‬هذا‭ ‬المعرض‭ ‬وكذلك‭ ‬تمييز‭ ‬خريجي‭ ‬القانون‭ ‬بدرجات‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬الجامعيين‭ ‬تسهيلا‭ ‬لصعودهم‭ ‬وإحلالهم‭ ‬لما‭ ‬يُنتظر‭ ‬منهم‭ ‬ولهم،‭ ‬ليأتي‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬دوره‭ ‬الإيجابي‭ ‬في‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬بحُسن‭ ‬معالجة‭ ‬ما‭ ‬أُطلِقَ‭ ‬عليه‭ ‬الكسب‭ ‬الحرام،‭ ‬عندما‭ ‬وُضِعَت‭ ‬المعايير‭ ‬التي‭ ‬حدّت‭ ‬من‭ ‬الانتقام‭ ‬وتغليب‭ ‬الرأي‭ ‬القائل‭ ‬بدرء‭ ‬الحدود‭ ‬بالشبهات‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الحكم‭ ‬المسبق،‭ ‬ليبقى‭ ‬قطاع‭ ‬العدل‭ ‬ودون‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬التزكية‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬التزام‭ ‬الموضوعية،‭ ‬وكم‭ ‬يكون‭ ‬مجديا‭ ‬وبنّاءً‭ ‬لو‭ ‬يتخذ‭ ‬الذين‭ ‬ثبت‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الذين‭ ‬يغشون‭ ‬مجالسهم‭ ‬بمناسبة‭ ‬ودون‭ ‬مناسبة‭ ‬ما‭ ‬يتوفرون‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬الجراءة‭ ‬في‭ ‬العبث‭ ‬بما‭ ‬يعهد‭ ‬إليهم‭ ‬بصدد‭ ‬إشراك‭ ‬غيرهم‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬المنافسة‭ ‬الشريفة‭ ‬أو‭ ‬الأهلية‭ ‬المختلفة‭ ‬الحذر‭ ‬منهم‭ ‬مستقبلا‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬يعبثوا‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬أكبر‭ ‬ويتبنون‭ ‬تغييب‭ ‬غيرهم‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أحق‭ ‬بتوسيع‭ ‬الدائرة‭ ‬وتوزيع‭ ‬الفرص‭ ‬وقطع‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬محترفي‭ ‬عرض‭ ‬التعاون‭ ‬ومحترفي‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة،‭ ‬وعسى‭ ‬أن‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬افتتاح‭ ‬هذا‭ ‬المعرض‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬أسرة‭ ‬القانون‭ ‬ما‭ ‬يدخل‭ ‬الكتاب‭ ‬وانسيابه‭ ‬والأخذ‭ ‬بأيدي‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬حقله‭ ‬ما‭ ‬يحقق‭ ‬خطوة‭ ‬أكثر‭ ‬جدية‭ ‬وإسهامات‭ ‬تتبنى‭ ‬الجدية‭ ‬والوضوح،‭ ‬وليس‭ ‬العرض‭ ‬المُنَفِّر‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬المناسبات‭ ‬والأعياد،‭ ‬فالثقافة‭ ‬رأي‭ ‬وكتاب‭ ‬وترفّع‭ ‬عن‭ ‬طرق‭ ‬الأبواب،‭ ‬وأخيرا‭ ‬قبلنا‭ ‬فسارعوا‭ ‬بالتصحيح‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى