رأي

أعيدوا رمضان كما كان..

المحرر المسؤول فائزة العجيلي

يحلُّ‭ ‬علينا‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬شهرُ‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬الذي‭ ‬فضَّله‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬سائر‭ ‬شهور‭ ‬السنة،‭ ‬وجعل‭ ‬ثواب‭ ‬العبادة،‭ ‬والعمل‭ ‬فيه‭ ‬مضاعفاً،‭ ‬وجعل‭ ‬فيه‭ ‬ليلة‭ ‬هي‭ ‬ليلة‭ ‬القدر،‭ ‬أنزل‭ ‬فيها‭ ‬القرآن‭ ‬وهي‭ ‬خيرٌ‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬شهر‭..‬

وفرض‭ ‬الله‭ ‬الصيام‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬تهذيباً‭ ‬للنفوس،‭ ‬وتقرباً‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬بالطاعات،‭ ‬وإصلاح‭ ‬ذات‭ ‬البين‭ ‬بين‭ ‬العباد،‭ ‬وترويضاً‭ ‬للأنفس‭ ‬بكبح‭ ‬جماح‭ ‬الشهوات،‭ ‬والتغلب‭ ‬على‭ ‬الهوى،‭ ‬والتعاضد‭ ‬والتعاون‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬ليكون‭ ‬مجتمعاً‭ ‬مسلماً‭ ‬متماسكاً‭ ‬مترابطاً‭..‬

وجعل‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬الإسلام‭ ‬نظام‭ ‬حياة‭ ‬متكامل،‭ ‬يسمو‭ ‬بالنفس‭ ‬البشرية،‭ ‬ويهتم‭ ‬بالإنسان‭ ‬ليحيا‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬طيبة،‭ ‬وينال‭ ‬الثواب‭ ‬والجنان‭ ‬في‭ ‬الآخرة‭..‬

فالصيام‭ ‬ليس‭ ‬تعذيبا‭ ‬ولا‭ ‬حرمانا،‭ ‬بل‭ ‬تهذيبا‭ ‬وايمانا،‭ ‬وتجلي‭ ‬أصدق‭ ‬حالات‭ ‬حب‭ ‬العبد‭ ‬لخالقه،‭ ‬في‭ ‬اتباع‭ ‬أوامره‭ ‬واجتناب‭ ‬نواهيه‭..‬

ومع‭ ‬قدوم‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬تنتشر‭ ‬مظاهر‭ ‬الفرح‭ ‬والاستبشار‭ ‬به،‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬المسلمين‭ ‬كافة،‭ ‬وهو‭ ‬شهر‭ ‬المغفرة،‭ ‬والرحمة،‭ ‬والعتق‭ ‬من‭ ‬النار،‭ ‬فيه‭ ‬يتوب‭ ‬المذنب،‭ ‬ويستزيد‭ ‬التقي،‭ ‬وتصفى‭ ‬القلوب،‭ ‬وتزيد‭ ‬الأنفس‭ ‬نقاءً‭ ‬وسموًا‭..‬

إن‭ ‬تطور‭ ‬الحياة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬فرض‭ ‬أنماطاً‭ ‬وأساليبَ‭ ‬صارت‭ ‬متبعة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬استعداداً‭ ‬لقدومه‭ ‬وخلال‭ ‬أيامه‭ ‬ولياليه،‭ ‬ما‭ ‬جعلنا‭ ‬نبتعد‭ ‬بالشهر‭ ‬الكريم‭ ‬عن‭ ‬المعاني‭ ‬والأهداف‭ ‬الروحانية‭ ‬السامية،‭ ‬التي‭ ‬أرادها‭ ‬الله‭ ‬لعباده‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الصوم‭ ‬والتعبّد‭ ‬والتقرب‭ ‬بالطاعات،‭ ‬وجعلناه‭ ‬شهراً‭ ‬للتبذير‭ ‬والإسراف‭ ‬والاستهلاك‭ ‬وصولاً‭ ‬حد‭ ‬التفاخر‭ ‬والمباهاة‭..‬

حتى‭ ‬أصبح‭ ‬قدوم‭ ‬الشهر‭ ‬المبارك،‭ ‬يمثل‭ ‬عبئاً‭ ‬ثقيلاً‭ ‬على‭ ‬كثيرٍ‭ ‬من‭ ‬الأسر،‭ ‬خاصة‭ ‬ذات‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود،‭ ‬نتيجة‭ ‬ما‭ ‬آل‭ ‬إليه‭ ‬حال‭ ‬الكثيرين،‭ ‬باتباعهم‭ ‬لأنماط‭ ‬حياة‭ ‬خلال‭ ‬الشهر،‭ ‬ما‭ ‬أنزل‭ ‬الله‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬سلطان،‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬لمجتمعنا‭ ‬الليبي‭ ‬المسلم‭ ‬بها‭..‬

وهنا‭ ‬يكمن‭ ‬دور‭ ‬التوعية‭ ‬المجتمعية،‭ ‬والتثقيف‭ ‬العام،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬نرى‭ ‬له‭ ‬أثراً‭ ‬إيجابيًا‭ ‬على‭ ‬سلوكيات‭ ‬المجتمع،‭ ‬ونظام‭ ‬الحياة‭ ‬العام‭.. ‬

فأين‭ ‬هو‭ ‬دور‭ ‬المساجد‭ ‬والجوامع‭ ‬والخطباء‭ ‬والوعاظ،‭ ‬وكذلك‭ ‬دور‭ ‬النخب‭ ‬المثقفة‭ ‬والمتنورة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬واستهجان‭ ‬أنماط‭ ‬السوك‭ ‬الغريبة‭ ‬عن‭ ‬المجتمع،‭ ‬وتوعية‭ ‬أفراده‭ ‬للرجوع‭ ‬عنها،‭ ‬والعودة‭ ‬بشهر‭ ‬رمضان‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أراده‭ ‬الله‭ ‬لنا‭ ‬فيه،‭ ‬من‭ ‬اغتنام‭ ‬أيامه‭ ‬ولياليه،‭ ‬بالتقرب‭ ‬بالطاعات،‭ ‬وتصفية‭ ‬القلوب،‭ ‬والتعاضد‭ ‬والتعاون‭.. ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى