الرئيسية

العيد والطرحة ليبية : بسكل وكـاط .. وسفرة حلاوات 

عادات أصيلة وتقاليد متوارثة

الجارة للجارة وحنة منقوشة وعود قماري وبخارة 

أطفال وألعاب وتجهيزات في بيوت كثيرة تحتفظ غرفها بتفاصيل تأهبًا، أكياس تمتلئ بها خزنات الملابس وروائح تقبض عليها المطابخ وأسرار أطفال يخبئون  ألعابهم ويعلقون ثيابهم الجديدة مع الأحذية كأنهم يرون أنفسهم في المرآة حركة واستعداد يصاحب اواخر ايام الشهر الفضيل تجهزًا لقدوم الفرح العيد السعيد تجهيزات مسبقة للحلويات المختلفة، واسواق مكتظة بالباعة والزبائن وشوارع مزدحمة لا تخلو منها البلاد قبيل اقتراب العيد.

ثياب وعادات 

اعتاد الليبيون ككل عام الخروج للأسواق والمحال التجارية منتصف الشهر الكريم لشراء ملابس العيد هاجس الاسر تأمين ثياب جميلة وانيقة مع الحفاظ على متانة الصُنع والجودة والسعر المناسب غالبا ما يحرص الليبيون الرجال تحديدًا على ارتداء اللباس التقليدي يوم العيد فتجد محال تجارية لبيع الفرامل والزبونات والملف والكاط والبدل العربية بنقوش وألوان مختلفة يحرص الشاب الليبي والطفل الصغير والشيخ على الالتزام بارتداىها سكان المدينة القديمة كانت لبس طاقية البسكل هي الاكثر جمالا والبسكل هو خيوط حرير «يقوللهم خرج»، أو خيوط برنبخ يركّبوهم في الطاقية الصوف سوداء، أو الحمراء، وتسمي طاقية بالبسكل !

لبّمن عادات أهل طرابلس في الزّاي البسكل وقديمًا كان إذا وضع االبسكل فوق «الوذن اليمين» معناها الشاب متزوج .. أما إذا وضع البسكل فوق «الوذن اليسار» معناها الشاب عازب .. أما لو البسكل كان للخلف على الظهر معناها الرجل كبير في السن.

أما السيدات الليبيات فمع تعاقب الأجيال وتطور الحياة لم يعد لبس الرداء الحرير أو العادي موجودًا في مظهرهن؛ فقد تمسكت به الجدات والنساء الكبيرات في السن أما البقية تنوعت ملابسهم من بدل وفساتين مختلفة الخطوط والتفاصيل تستورد من أسواق أجنبية تركية كانت أم صينية أم لماركات عالمية أسعارها متفاوتة تصل إلى أرقام عالية تجهد غالبية أرباب الأسر خصوصًا لو كانت للأسرة أكثر من صبية وتحرص على التميز والفخامة

الفتيات الصغيرات يلبسن الفساتين الطويلة كالعرائس تزين ايديهن الحنة بنقوشها المختلفة ولا يكتمل مظهرهن الا بالحقائب ومشابك الشعر الملونة وتسريحات تظهر انسدال الشعر وجماله

اكل

تنوع الموروث الثقافي في ليبيا جعل هناك تنوعا ملحوظا في تفاصيل الاكل الليبي فلكل مدينة عادات وتقاليد خاصة فالأكل ففي طرابلس تكون العصيدة بالعسل والفطيرة والسفنز مع الكعك والمقروض والغريبة والبكلاوة والقوة والشاي حاضرة على وجبة الافطار ثم يجهز النسوة بعد اجتماع الابناء في بيت الجد الكبير الغذاء الذي اختلف من منطقة لأخرى أيضا من الفاصوليا بلحم الضان مع المبطن والطاجين الى الحرايمي والسمك  طبيخة البطاطا الى الفتات في الجبل وخبز التنور والفطيرة وأساوف والتارويت في الجنوب والمبكبكة والمقطع في الشرق الليبي  

الاجتماع بعد صلاة العيد في بيت الأب أو الجد بعد الصلاة يعد طقسا مهما حافظت عليه اغلب الاسر الليبية التي تستغل اواخر شهر رمضان للذهاب في العطل الى بيوت الارياف والمناطق الجبلية اذا ماكان الاجتماع الاسري بالعي وهناك يجتمع الاعمام والابناء في حضور بهيج لا يخلو من العيدية للأطفال وتأهب جيوب الرجال لمنح الاطفال دينارات تصل الى العشرة والعشرين دينار او تقل للدينار الواحد الى حانب حضور الالعاب التي تنوعت واضحى صوت العاب الرصاص والبنادق هو والأكثر حضورا في ايدي الأطفال صبيحة العيد اما الفتيات بالعرائس والبلالين والاطقم

ترتدي النساء ثياب جديدة تتجمل فالحضور والاستعداد لاستقبال المعيدين بالخلويات والاكل اما مجالس الرجال او المربوعة هي المكان الاساسي والاكبر لاستقبال المعيدين

تسامح

لا يخلو يوم والعيد من تفاصيل تلامس الروح وتختبر ترويض النفس طيلة الشهر الكريم فمع اول ايام العيد يخرج بعد التوجه باكرا لصلاة العيد في المساجد والساحات نساء بعبايات او جلباب محتشم و الرجال بثيابهم التقليدية يهرج المصلين المعيدن من المساجد للمصافحة والاحضان وطلب السماح من بعضهم البعض حتى ممن كانت بينهم عداوة او خلاف وقد حرصت البيوت الليبية على استقبال المعيدين للمعايدة وطلب السماح وتقبيل يد الام والاب 

اليوم الاول من العيد غالبا ماكان للأولاد وبناتهم ام اليوم الثاني للأصهار والاقارب

عادات دخيلة

طغت في الآونة الاخيرة ومع انفتاح الليبيين على دول اخرى اجنبية وغيرها ثياب بنقوش ورسومات مختلفة اضافة الى زينة البيوت وتجهيز اواني معينة ذات فخامة توضع على الطاولات للحلويات واكواب الشاي بدلا من العالة التي كانت بصمة ليبية خالصة في كل بيت اضافة لدخول الثوب الخليجي للجنسين والاماراتي وهناك اطعمة مثل المنسف والمندي ووالبرياني التي هي اطعمة ليست من عادات الليبيين الاصيلة  والحرص الشديد على التقاط الصورة بالأجهزة الالكترونية النقالات والتي كانت غير موجودة سابقا فأصبحت كل اللحظات تحت التحنيط بكاميرا الموبايلات من الاطفال و الكبار

ايضا كانت اغلب العطور معتمدة على الاخشاب والبخور او العطور المحضرة اما الان فأصبحت الماركات العالمية لمحال العطور واقبال الفتيات والشبان على اقتناىها جزءا من التحضيرات لإطلالة العيد إضافة للنظارة الشمسية مع الثوب العربي ومع لباس الفتيات الشابات.

الشوارع

صبيحة العيد يكاد يكون شكل الشوارع وخصوصا القريبة من الاسواق كساحات معارك انتهت جولاتها منذ ساعات بقايا اكياس واوراق  وصناديق ملابس كان التجار الطراحة على الارصفة او في بدايات الشوارع يعرضون عليها بضائعهم في الصباح تخف الحركة خلافا لليالي رمضان قبيل حلول العيد واثناء التحضر له حيث تعلو اصوات الاطفال باللعب والجري اما الطرقات الرئيسة فحركة السيارات بها اقل ازدحاما

اما ميدان الشهداء فهو مكان يلتقط فيه الصور ويتحلق حوله وفيه الليبيون والأجانب من جنسيات مختلفة بثياب مزركشة ألوانها فاقعة كما يلبس أصحاب الجنسيات الافريقية المقيمين بليبيا وكذلك العرب 

ظلال أخرى

رغم الاوضاع السياسية والانقاسامات والازمات الاقتصادية التي اطاحت بالدينار الليبي ارضا ولم يفق منها بعد وارتفاع سعر الصرف ووضع ضريبة عليه والغلاء المبالغ فيه للأسعار  الا ان الليبييون حافظوا قدر الامكان على الفرحة بالعيد والتحضر لها فقد سلك كل رب اسرة مسلكا لتامين مشتريات اولاده منهم من اتجه للأسواق الشعبية التي لاتتجاوز اسعار ثيابها المئتان دينار اما البعض الآخر اكتفى بمحال اعتاد ارتيادها غير مبالغا في حداثة الملابس وتصاميمها والبعض الاخر تجنبا للخروج والازدحام سلك دروب التسوق الالكتروني والحصول على طلبه منه في حين تكفل  اهالي الخير على تقديم مساعدات عينية واشكال هدايا وقدمت بعض الجمعيات ثياب العيد للأسر غير القادرة على تامين ملابس العيد أو طعامه على شكل سلال وباقات وصناديق

خياط وبيوت الحياكة

لم يغب الخياط بإبرته ومقصه عن المشهد فكثيرًا ما يلجأ الليبيون لانقاص ملابس العيد الطويلة أو الواسعة حتى تتناسب واجسامهم 

الى محال الخياطين والذين اغلبهم من الجنسيات الاخرى السودان أو مصر أو الجزائر أو من افارقة من الجنوب وغيره وبعض الدكاكين لسيدات امتهن الحياكة وتواجدن في الاحياء الشعبية مثل بوسليم سوق الجمعة غوط الشعال الهضبة وغيرها بينما تذهب سيدات بعض الاسر لبيوت التصميم التي باتت متواجده في شوارع العاصمة لتحضير اثواب العيد بأشكال وتفاصيل يختارونها حتى تكون جاهزة من تحت ايدي المصممات الليبيات اللاتي لازلن يناضلن للاحتفاظ بأهمية الشغل المحلي اليدوي والاكتفاء به عن المستورد الخاص 

اما محال الأقمشة فلا تشهد اقبالا كبيرا لان الاغلبية من الليبيين يفضلون الملابس الجاهزة عن الملابس المحاكة 

آخر الليل

عند المساء ومع اقتراب المغرب يعود اغلب الابناء المتزوجين لبيوتهم ويذهب اغلب الليبيين للنوم باكرا إثر التعب والسهر المتواصل ليلة العيد

 تبقى الامهات تجمع الملابس المرمية وتعيد ترتيبها في أماكنها تضع عند رؤوس الأطفال هداياهم وفي الصباح تستيقظ ليكن عيدا ايضا وخروجا جديد لبيت اهل الزوجة 

الليبيون رغم كل شيء لازال العيد بالنسبة لهم عرسا جماعيا وسنة مستحبة لا غنى عنها وطقوس متوارثة من جيل لجيل 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى