الرئيسيةثقافةحوار

د. حافظ الولدة عن مدرج القوس الروماني.. غير مسبوق ولا يناسب وظيفته!

حاوره.. معمر سلام

 

للمعالم الأثرية أهمية حيث تعبر عن هوية المكان وتمثل شاهدا على رقي الحضارات التي مرت بتاريخه الطويل فلهذا كان الحفاظ عليها عملية مهمة ومعقدة في نفس الوقت لما يتطلبه ذلك من جهود ودقة لا تحتمل الخطأ، ومن معالم طرابلس الأثرية الهامة «قوس ماركوس» فهو شاهد على حقب تاريخية  موغلة في التاريخ ، وتتم هذه الفترة عمليات إنشاء مدرج حول القوس  مما أقلق بعض المختصين والمهتمين بالشأن التاريخي والأثري فتعالت أصوات عديدة لانتقاد هذه الخطوة وأن بها أخطاء فنية تحتاج لمزيد من التقويم والدراسة وكان من بين هذه الأصوات الدكتور حافظ الولدة رئيس لجنة متابعة الاثار المهربة و مندوب ليبيا السابق لدي اليونسكو حيث كان لنا معه هذا الحوار:

د نريد لمحة تاريخية موجزة عن القوس وأهميته؟

تأسست أويا (طرابلس القديمة) على يد الفينيقيين في القرن السابع قبل الميلاد على الميناء الطبيعي الذي كان محاطًا بشبه جزيرة صغيرة يسهل الدفاع عنها حيث أسسوا مستعمراتهم. وأصبحت فيما بعد مستعمرة رومانية كجزء من مقاطعة افريقيا الجديدة الرومانية، كانت أويا ومنطقة طرابلس المحيطة بها مزدهرة. .وصلت إلى ذروتها في القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد. النصب الرئيسي الباقي (لأويا) من فترة الازدهار الرومانية هو عبارة عن قوس نصر رباعي فريد مزين ومزخرف بشكل متقن ومكرس لماركوس أوريليوس, لوسيوس فيروس. تم بناء القوس في 165 من قبل مسؤول المدينة المسمى جايوس كالبورنيوس سيلسوس ، لإحياء ذكرى انتصارات ماركوس أوريليوس وشقيقه بالتبني الإمبراطور المشارك لوسيوس فيروس على الفرثيين في العراق ، كما هو مسجل في نقشها الإهدائي. يذكر النقش أن النصب التذكاري أقامه قاضٍ محلي يُدعى قايوس كالبونيوس سيلسيوس، مكرسًا للأباطرة، بمشاركة حاكم إفريقيا سرجيوس كورنيليوس سكيبيو سالفيدينوس والحاكم فيتيديوس مارسيلوس.

كان القوس يقف عند تقاطع شارعين رئيسيين في المدينة وتضم الشوارع والأزقة المجاورة للمدينة القديمة، والتي تعد كلاسيكية، وتضم العديد من عناصر مخطط الشارع المتعامد. كما توجد بالقرب من القوس بقايا معبد صغير يسمى عبقرية الولاية، بعض أجزاؤه محفوظة في متحف طرابلس والباقي موجود في مكانة بالقرب من القوس (18385 م).

 بالنسبة لعملية الصيانة ما هي أبرز نقاط الاعتراض من المختصين؟

هذا المعلم الوحيد المتبقي الفريد من مدينة أويا القديمة في طرابلس الحالية عندما شهدت المدينة عصرًا ذهبيًا فيجب المحافظة على رمز المدينة ورعايته بأفضل الطرق وعلي حسب ما تنص به المواد ذات العلاقة في القانون رقم 3 لسنة   1995م (قانون حماية الآثار والمدن التاريخية).

 لضمان الحفاظ على هذا الكنز الثقافي الثمين وحمايته، من الضروري أن يصبح تقييم المخاطر جزءًا لا يتجزأ من الدراسات التي تسبق الترميم او أي عمل آخر للقوس. من خلال تنفيذ عمليات تقييم المخاطر المنهجية، يمكنهم التخفيف من المخاطر المحتملة، وتعزيز نتائج المشروع، وحماية تراثنا الثقافي المشترك للأجيال القادمة.

أبرز النقاط التي جعلت الخبراء والمختصين يعترضون عليها ويطالبون بوقفها:

*عدم تغليف القوس والقطع الاثرية والمنحوتات الخاصة بالمعبد لحمايتها من الاعمال الجارية وغير الحريصة على الموروث الأثري الثمين..

*القيام بمجسات بالقرب من اساسات القوس بدون سبب وجيه وتعذر وجود مراقبين من مصلحة الآثار في كل الأوقات لمراقبة العمالة غير المدربه التابعة للمقاول.

*تعرض القوس إلى ظروف خارجية مثل الأعمال الحالية التي تجري حوله مثل استعمال الآلات الثقيلة حيث ان المسؤولين لم يقوموا بحمايته من الاعمال الانشائية الجارية وظروف داخلية مثل نزول ملحوظ في أساساته. التي بالإمكان أن يؤدي هذا إلى فقدان السمات المعمارية الأصلية، وإضعاف السلامة الهيكلية، وفي النهاية ممكن ان يسبب انهيار المعلم الذي سوف يشكل كذلك خطرا على الزوار لا قدر الله.

غياب ممارسات الحفظ الدورية واحتمال عواقبها الوخيمة على المعالم المعمارية الأثرية الفريدة. تتجلى هذه العواقب بطرق مختلفة، مما يؤثر على الحفاظ الشامل وطول العمر لهذه الرموز الأثرية الثقافية القيمة مثل قوس (ماركوس اوريليوس). هذا القوس لم يدرس ويرمم ترميما كاملا منذ 1936م الذي ادى الى التدهور المادي للهيكل نفسه. بدون الصيانة والترميم المناسبين. تعرض القوس للعناصر البيئية مثل الرطوبة وارتفاع نسبة الاملاح بارتفاع منسوب المياه الجوفية وتقلبات درجات الحرارة والتلوث البيئي سبب في أضرار لا رجعة فيها للمواد المستخدمة في البناء.

 أليس من الأولى قبل إنشاء مدرج حول القوس دراسة كيفية ترميم القوس بطرق احترافية قبل انشاء اي تعديلات؟

إن ترميم قوس النصر الروماني علي يد خبراء الحفاظ بطريقة صحيحة وفي سياقه التاريخي وقادر على مقاومة عامل الزمن بدون مشاكل. الحفاظ عملية معقدة تتطلب اهتمامًا دقيقًا بالتفاصيل. من أجل الحفاظ على هذا الهيكل الأيقوني بنجاح، يجب علينا أولاً تقييم الحالة الحالية للقوس وتحديد أي مناطق تدهور أو تلف. يمكن القيام بذلك من خلال مسح وتحليل شامل لمواد القوس، بما في ذلك العناصر الحجرية والملاط والعناصر المعدنية بمجرد اكتمال التقييم، يمكننا المضي قدمًا في عملية الحفاظ. يتضمن هذا عادةً تنظيف القوس لإزالة أي أوساخ أو ملوثات قد تكون قد تراكمت بمرور الوقت. يمكن القيام بذلك باستخدام مجموعة من طرق التنظيف الميكانيكية والكيميائية، مع الحرص على تجنب التسبب في مزيد من الضرر للقوس.

بعد تنظيف القوس، يمكننا البدء في مرحلة الإصلاح والدمج. قد يشمل ذلك استبدال الأحجار التالفة أو المفقودة، وتعزيز المناطق الضعيفة بالمواد المناسبة، وتثبيت أي عناصر هيكلية قد تكون معرضة لخطر الانهيار. من الأهمية بمكان استخدام المواد والتقنيات المتوافقة لضمان استقرار القوس وأصالته على المدى الطويل.

هذا الجهد الكبير للحفاظ وترميم القوس يبذل قبل أي عمل انشائي حول محيط القوس مثل انشاء المدرج الذي لا يتناسب مع وظيفة القوس الروماني وغير مسبوق في عالم حضارات البحر المتوسط..في الختام، يتطلب ترميم قوس النصر الروماني تقييمًا شاملاً وتنظيفًا دقيقًا وإصلاحًا دقيقًا وتوحيده. باتباع هذه الخطوات وليس انشاء اي تعديلات في محيطه بدون ترميمه، يمكننا ضمان الحفاظ على هذا الهيكل التاريخي للأجيال القادمة لتقديرها وتعجب بها.

 لو فرضنا أن الصيانته تمت  بطرق احترافية، هل بناء المسرح في محيطه مهم؟

خلق مدرجات اسمنتية وحجرية في حرم القوس ليست مناسبة لقوس نصر روماني ذو أربع واجهات نصب في تقاطع الشارعين الرئيسين لأويا القديمة ويتعارض مع تنظيم الزوار حول القوس ومن المفروض إنشاء مسارات واضحة ولافتات لتوجيههم. وتزويد لوحات إعلامية بالحقائق التاريخية والسياق حول القوس وكذلك إنشاء مناطق مخصصة للاصطفاف والانتظار، مما يضمن التدفق السلس وتثبيت مناطق جلوس للزوار للراحة والاستمتاع بالمناطق المحيطة بعيدة عن القوس والحفاظ على المنطقة بانتظام لضمان نظافتها وسلامتها وليست مدرجات تساعد على الازدحام والركود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى