إقتصادالاولىالرئيسيةتحقيقاتمتابعات

عام دراسي دون كتاب مدرسي

 

 

تتفاقم أزمة الكتب المدرسية في ليبيا، فرغم انطلاق العام الدراسي الجديد في السابع من نوفمبر الماضي، إلا أن المدارس تعاني من نقص حاد في مطبوعات عديد المقررات، رغم تخصيص ميزانية ضخمة وصلت إلى المليارات لتوفير هذه الكتب.إلا أن هذا العام الدراسي بدأ دون كتب دراسية، وما أن أصبحت هذه الأزمة حديث الشارع ووسائل الإعلام حتى تحولتْ إلى قضية رأي عام، وبدأ التراشق بالاتهامات والمسؤولية ترفع وتوضع، وفتحتْ أسواقٌ لبيع الكتب جملة في الشوارع والطرقات، واستغل هذه الأزمة تجار الأزمات من أصحاب المكتبات ، حتى وصل سعر الكتب فيها إلى أرقام فلكية عجز أولياء الأمور عن تسديدها، وبقى التلميذ يذهب إلى مدرسة ليس بها كتاب، ليبدأ عامًا دراسيًا جديدًا دون كتاب ودونما منهاج .. فعلى من تقع هذه المسؤولية ؟؟!!.

رأتْ صحيفة (فبراير) متابعة القضية، فانطلقتْ مباشرة إلى المسؤول الأول عن توفر الكتب؛ ألا وهو مركز المناهج والتقينا بمدير إدارته بمركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية (د.عليّ الخريّف).

 

ماهي أبعاد أزمة نقص الكتاب المدرسي ؟

في هذا الوقت الحساس ليس المهم من المسؤول عنها بقدر كيف يمكن حلها هذه المشكلة ، التلميذ والمعلم ليسا بحاجة الى معرفة من تسبب في حدوث أزمة الكتب الدراسية ، لكنهما مؤكدا بحاجة الى حلول جذرية لهذه الإشكالية. أما عن ادارة المناهج كونها المسؤول الأول عن الكتب ، فلقد استعدت إدارة المناهج للدفع بالكتاب المدرسي في وقت مبكر حيث بدأت عملها منذ ديسمبر 2020 وأنهت عملها في 28 من شهر مارس سنة 2021 حيث أعدت المناهج وانتهى بها أن سلمتها إلى ادارة الكتاب في سيديهات لتكون جاهزة للطباعة ،الى هنا ينتهي عمل إدارة المناهج.كل ما يمكن قوله أن هناك ثلاث ركائز أساسية لبناء العملية التعليمية ، ويأتي على رأسها الكتاب المدرسي ثم المعلم ثم المبنى المدرسي وما يحتويه من فصول ومعامل ووسائل تعليمية وخدمات أخرى جيدة تخدم المتعلم والمعلم.

وفي السياق نفسه كان لنا حوار ٌمع الدكتورة نوال أبو شاقور الخبيرة في مجال البحوث بمركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية.

من المسؤول عن أزمة الكتاب المدرسي؟

الكتاب مسؤولية مركز المناهج التعليمية، لذا فإن سحب إختصاصات إدارتي الكتاب والمناهج بالمركز من عملية طباعة الكتاب، تسبَّب بالدرجة الأولى في تفاقم أزمة الكتاب.

وفي تقديري المشكلة تكمن في الرقابة على توفير العدد المطلوب من الكتب والميزانية الموضوعة للكتب. ومن خلال خبرتي ورؤيتي في تعامل بعض الدول مع توفير الكتاب المدرسي أجد هناك فرقًا كبيرًا للغاية، فالدول المتقدمة التي تضع العلم نصب أعينها تجهز الكتب الدراسية كل عشرة أعوام..أما نحن لأجل درس جديد يضاف يطبع الكتاب من جديد، سوء إدارة وهدر للأموال؛ وأيضا كان على اللجنة الاستشارية بالمركز أن ترفض تسليم إختصاصات المركز وميزانيته المتعلقة بتوفير الكتب.

كيف تعلقين على مشاهد بيع الكتب المدرسية جملة على الأرض واستغلال المكتبات لبيع المناهج بأرقام فلكية؟

من المؤسف ما يحدث في الشارع الليبي، أصبحنا فعلا كالدول المتأخرة جداً، أسأل أين الرقابة والشرطة؟..  كيف يسمحون ببيع الكتب بالشارع؟.

هذه الكتب التي تباع في الشارع الآن هي كتب خرجت من مخازن الكتب في تاجوراء ليتم توزيعها فقاموا ببيعها، لذا أشدَّد على مسألة الحاجة إلى قانون وفتح تحقيق واستجواب المطابع وفروع المخازن الذين خانوا الأمانة.

لجوء وزارة التعليم إلى رقمنة المناهج الدراسية في حالة مثل الحالة الليبية هل تراها خطوة ناجحة؟

الخطوة في حال كانت في وقت آخر وبلد آخر كنتُ قد أعجبتُ بها، لكن الوضع الرقمي في ليبيا من جودة الإنترنت الضعيفة والكهرباء المتردية اعتبرها خطوة غير ناجحة، بل ساعدت المكتبات في قرصنة هذه الكتب وطباعتها وبيعها بأغلى الأثمان للمتاجرة بتلاميذنا .

أزمة الكتاب أزمة مفتعلة

تتفق (أ. آمنة الشح) المفتشة التربوية بوزارة التعليم مع ما جاء في قول أ. نوال أبو شاقور حول أزمة الكتاب المدرسي حين طرحنا عليها بعض الأسئلة.

كيف تعليقن على من يعد أزمة الكتاب المدرسي؟ ما هي إلا أزمة رؤوس فساد ؟

نعم .. أزمة الكتاب المدرسي مثلها مثل بقية الأزمات المفتعلة في بلادنا بفعل الأيادي السوداء التي تطاولت في غياب القانون واستغلت الفوضى السياسية في البلاد للعبث بحياة المواطن ولن تنتهي هذه الأزمات إلا بعقاب مرتكبيها عقابًا رادعًا ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه المساس بمستقبل أبنائنا.

في حال وجد حل لأزمة الكتاب المدرسي ، كيف يمكنَّنا تفادي عدم تكرارها ثانية ؟

نحن بحاجة لتفعيل القانون وجعله السلطة العليا في البلاد أما بخصوص التعليم؛ فأول خطوة هي إبعاد العابثين الدخلاء على قطاع التربية والتعليم ووضع معايير دقيقة في إختيار المختصين من التربويين ذوي الأفكار الرائدة في مجال التعليم ليتم التخطيط المسبق والإعداد الجيد لكل عام دراسي قبل أن يبدأ؛ فسر نجاح الأنظمة التعليمية المتطورة الانضباط والتنظيم وإختيار القادة التربويين المناسبين في قطاع التعليم.

وزارة التعليم لم تحمل بالكتاب المدرسي لكي تلده!!

خلال رحلة متابعة أبعاد ازمة الكتاب والحلول المقترحة الفورية منها وطويلة المدى، صادفنا مدير عام مركز المناهج السابق أ.عبدالقادر أبوجلالة؛ وحاولنا معرفة وجهة نظره من هذه الأزمة من واقع تجربته في إدارة مركز المناهج سابقًا.

هل من سيناريوهات متوقعة حول هذه الأزمة؟، وما هو اقرب حل يمكن أن يحل المشكلة ؟

حقيقة أزمة الكتاب المدرسي كنتُ أتوقعها، لأن وزير التعليم لم يدفع بأي خطوة إيجابية في اتجاه طباعة وتوريد الكتاب المنهجي، إضافة إلى سحب اختصاصات مركز المناهج وتحويلها إلى وزارة التعليم، فترتيب منطقي للأمور أن تحدث أزمة الكتاب المدرسي، وبالمناسبة فقد اطلعتُ على اللجنة المشكلة من قبل مجلس الوزراء، لأنني غير متفائل بهذا اللجنة كونها بعيدة جدًا من الأزمة وغير مدركة بأبعاد وحجم أزمة الكتاب. وفي تقديري لن يتم توفير الكتاب المدرسي قبل أربعة أشهر من الآن وعندها سنكون على أعتاب نهاية الفصل الدراسي.

ومن المهم أن يعلم الجميع أن أزمة نقص الكتب هي ليست بجديدة، لكن اختلافها عن هذه السنة هو أنه في السنوات الماضية كانت وزارة التعليم تبرم عقود طباعة، ولا تقوم بسداد المستحقات في وقتها، فتتأخر الشركات في تسليم الكتب إلى المخازن، لكن هذه السنة لم تبرم الوزارة أي عقد بشأن طباعة الكتاب المدرسي، بإيجاز القول نقول، إن وزارة التعليم لم تحمل بالكتاب المدرسي لتلده.

المعلم خجل أمام تلاميذه

ولأن أزمة الكتاب لا تستهدف التلميذ فحسب، بل تمس دور المعلم وقد تقلَّل من أهميته أمام طلابه ما جعل عديد المعلمين يتذمرون من هذا الوضع المأساوي الذي وضع المعلم والتلميذ بين فكي كماشة. وللوقوف على وضع المعلم أثناء غياب الكتاب المدرسي تقول المعلمة بمدرسة تاقرفت للتعليم الأساسي مريم التراسي:

أجد صعوبة بالغة في توصيل المعلومة وشرح الدروس خصوصًا أن مادة اللغة العربية التي أقوم بتدريسها لا يمكن أن تكون ثانوية بل هي مادة دسمة ورئيسة، ومن الصعب تجاهل وجود كتاب مدرسي لدى كل طالب يساعدهم على الفهم والاستيعاب وتقبل المعلومة، في حين هناك مواد قد يكون هناك مجال للتغاضي عن وجود الكتاب مبدئياً، لكن بشكل عام، جميع المواد بحاجة إلى كتاب مدرسي بين يدي الطالب، وإلا فإننا نضيع هذا العام وعندها سنكون قد ارتكبنا جريمة بحق تلاميذنا.

وختامًا لهذه الرحلة البائسة لمعرفة أسباب وحلول أزمة الكتب المدرسية، ألتقينا ببضعة تلاميذ من عدة مدارس من بلديات طرابلس الكبرى للوقوف على حال التلميذ وسط هذه الأزمة التي تستهدفهم بالدرجة الأولى .

قالت الطالبة الثانوية هديل الطاهر بسبب غياب الكتاب المدرسي بتُ غير متشجعة لهذا العام الدراسي .. أما أحمد الجعفري الذي يدرس في الصف الخامس الإبتدائي أضاف دون كتاب مدرسي لا أشعر أنني أذهب الى مدرسة.. أما الطالبة سناء عبدالرحيم عبرت عن أزمة الكتاب قائلة.. ناهك أن جودة تعليمنا في أرذل القائمة عالمياً، فقد جنت علينا وزارة التعليم والحكومة وكل مسؤول في هذه الدولة وعلى الجميع أن ينقذ هذا العام الدراسي من الضياع.

ويرى مصدرنا داخل وزارة التعليم أن الاهتمام ذهب إلى تخصيص تلك الأموال من أجل تنفيذ أعمال متعلقة بتحديثات المنشآت التعليمية، لكن أهمل في الوقت نفسه أهم أساسات التعليم، وهو الكتاب، منتقدًا ما وصفه بـ»حالة التخبط الإداري» داخل أروقة الوزارة.

يجذر الذكر أنه قد قامت الوزارة بمراسلة مديري المدارس الثانوية لأجل جمع كتب العام الماضي من الناجحين، وتوزيعها على الطلاب الجدَّد، على أن يشترط عدم تسلُّم استمارات النجاح إلا بعد تسليم الكتب في محاولة لتدارك الازمة بشكل مؤقت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى