تقارير

على امتدادنا المغاربي ما يستحق الاهتمام : الزلابية والعسلة موروث لا يغيب

فرج غيث

يرتبط‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬والأطباق‭ ‬والمأكولات،‭ ‬وبحلويات‭ ‬من‭ ‬الموروث‭ ‬الغذائي‭ ‬رائحتها‭ ‬تجذبك‭ ‬من‭ ‬مسافة،‭ ‬بشكلها‭ ‬المميز‭ ‬والموضوع‭ ‬بطريقة‭ ‬تلفت‭ ‬نظر‭ ‬جميع‭ ‬المارة،‭ ‬وببخار‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬واحدة،‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مصنوع‭ ‬بالعسل‭ ‬ومنها‭ ‬المخلوط‭ ‬بحبيبات‭ ‬السكر،‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬يتكرر‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬إذ‭ ‬تعتبر‭ ‬هذه‭ ‬الحلويات‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬علامات‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬يقبل‭ ‬الناس‭ ‬علي‭ ‬شرائها‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬ففي‭ ‬رائحتها‭ ‬روحانيات‭ ‬الشهر‭ ‬المبارك،‭ ‬وفي‭ ‬مذاقها‭ ‬حلاوة‭ ‬لا‭ ‬ينافسها‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الحلويات،‭ ‬إنها‭ ‬الزلابية‭ ‬والمخارق،‭ ‬أشهر‭ ‬الحلويات‭ ‬الشعبية‭ ‬المعروفة‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬والتي‭ ‬تحضر‭ ‬حصراً‭ ‬للشهر‭ ‬المبارك،‭ ‬ولا‭ ‬تباع‭ ‬في‭ ‬باقي‭ ‬أيام‭ ‬السنة‭ ‬إلا‭ ‬نادراً،‭ ‬ليس‭ ‬لندرتها،‭ ‬ولكنها‭ ‬احدى‭ ‬التقاليد‭ ‬التي‭ ‬تعودها‭ ‬الليبيون‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬وعادة‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬تناولها‭ ‬خلال‭ ‬السهرة،‭ ‬أو‭ ‬يحملها‭ ‬بعضهم‭ ‬كهدية‭ ‬خلال‭ ‬زيارة‭ ‬الأهل‭ ‬والأقارب،‭ ‬وتقدم‭ ‬للضيوف‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬تعقب‭ ‬صلاة‭ ‬التراويح،‭ ‬لتحلية‭ ‬ريقهم،‭ ‬مع‭ ‬احتساء‭ (‬طويسة‭ ‬من‭ ‬الشاهي‭ ‬الاخضر‭ ‬المنعنع‭). ‬

هي‭ ‬عادات‭ ‬مغاربية‭ ‬قديمة‭ ‬لحلويات‭ ‬من‭ ‬الموروث‭ ‬الغذائي‭ ‬يزداد‭ ‬الطلب‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬ويشتهيها‭ ‬الصائمون‭ ‬خلال‭ ‬تجوالهم‭ ‬في‭ ‬ساعات‭ ‬الصيام،‭ ‬ويتهافتون‭ ‬على‭ ‬شرائها،‭ ‬وتمتد‭ ‬الطوابير‭ ‬لشراء‭ ‬مختلف‭ ‬الأصناف‭ ‬منها‭ ‬وهم‭ ‬يمنون‭ ‬النفس‭ ‬بتذوقها‭ ‬بعد‭ ‬سماع‭ ‬أذان‭ ‬صلاة‭ ‬المغرب،‭ ‬فمحلات‭ ‬بيع‭ ‬الحلويات‭ ‬تغير‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬نشاطها‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬وتتحول‭ ‬لصنع‭ ‬الزلابية‭ ‬والمخارق،‭ ‬ويدفعهم‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الإقبال‭ ‬الواسع‭ ‬على‭ ‬شرائها‭ ‬نظراً‭ ‬لشكلها‭ ‬الجذاب‭ ‬وطعمها‭ ‬اللذيذ،‭ ‬خاصة‭ ‬وأنها‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬السمن‭ ‬والعسل،‭ ‬وتشبه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬شكلها‭ (‬الشباكية‭) ‬المغربية‭.‬

ويختلف‭ ‬شكل‭ ‬الزلابية‭ ‬عن‭ ‬المخارق،‭ ‬فالشكل‭ ‬العام‭ ‬للزلابية‭ ‬يكون‭ ‬مستديرا،‭ ‬وتتخللها‭ ‬فتحات‭ ‬صغيرة،‭ ‬وهي‭ ‬كرات‭ ‬من‭ ‬العجين،‭ ‬تقلى‭ ‬في‭ ‬الزيت،‭ ‬ثم‭ ‬تغمر‭ ‬بالعسل،‭ ‬وبنكهة‭ ‬الورد،‭ ‬ويكون‭ ‬لونها‭ ‬أصفر‭ ‬أو‭ ‬أحمر‭ ‬فاقع،‭ ‬أما‭ ‬المخارق‭ ‬فهي‭ ‬بنية‭ ‬اللون‭ ‬وذات‭ ‬شكل‭ ‬مستطيل‭ ‬تحضر‭ ‬بالسمن‭ ‬وتقلى‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬الزيت،‭ ‬وتغمر‭ ‬بالعسل،‭ ‬ومشهد‭ ‬الزلابية‭ ‬والمخارق،‭ ‬كان‭ ‬معتادًا‭ ‬فيما‭ ‬مضى،‭ ‬لكنه‭ ‬أصبح‭ ‬الآن‭ ‬موسميًا‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الناس‭ ‬يصطفون‭ ‬في‭ ‬طوابير‭ ‬أمام‭ ‬المحال‭ ‬التي‭ ‬تصنعها،‭ ‬وليس‭ ‬غريبا‭ ‬أن‭ ‬تلاحظ‭ ‬الطوابير‭ ‬أمام‭ ‬محلات‭ ‬بيع‭ ‬الزلابية‭ ‬والمخارق،‭ ‬ساعة‭ ‬أو‭ ‬ساعتين‭ ‬قبل‭ ‬موعد‭ ‬الإفطار،‭ ‬حيث‭ ‬يتفنن‭ ‬أصحاب‭ (‬الصنعة‭) ‬بتجهيز‭ ‬حلوياتهم‭ ‬وتعسيلها‭ ‬وعرضها‭ ‬بألوانها‭ ‬المختلفة‭ ‬لاجتذاب‭ ‬المارة‭ ‬منذ‭ ‬الصباح‭ ‬إلى‭ ‬المغرب‭.‬

وعادة‭ ‬ما‭ ‬تجهز‭ ‬الطلبيات‭ ‬يومياً‭ ‬على‭ ‬حسب‭ ‬حاجة‭ ‬الزبائن‭ ‬ونسبة‭ ‬المبيعات‭ ‬،‭ ‬ويزداد‭ ‬إقبال‭ ‬الزبائن‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬على‭ ‬المخارق،‭ ‬وعلى‭ ‬اللون‭ ‬الأحمر‭ ‬من‭ ‬الزلابية‭ ‬الذي‭ ‬تفضله‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬واللون‭ ‬الأصفر‭ ‬الذي‭ ‬يفضله‭ ‬كبار‭ ‬السن،‭ ‬فيما‭ ‬انحسر‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬اللون‭ ‬الأصلي‭ ‬وهو‭ ‬لون‭ (‬غروب‭ ‬الشمس‭)‬،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬اهتمام‭ ‬البعض‭ ‬بشراء‭ ‬حلويات‭ ‬أخرى‭ ‬كالبسبوسة‭ ‬خلال‭ ‬أيام‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬يفضلون‭ ‬الزلابية‭ ‬والمخارق‭ ‬التي‭ ‬تربوا‭ ‬على‭ ‬مذاقها‭ ‬منذ‭ ‬الصغر،‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬الحلويات‭ ‬مرغوبة‭ ‬في‭ ‬الإفطار‭ ‬والسحور‭ ‬وجلسات‭ ‬السمر‭ ‬في‭ ‬ليالي‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭.‬

وتعتبر‭ ‬الزلابية‭ ‬والمخارق‭ ‬حلويات‭ ‬مغاربية‭ ‬بامتياز،‭ ‬الموطن‭ ‬الأصلي‭ ‬لها‭ ‬هو‭ ‬البلدان‭ ‬المغاربية،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬وتونس‭ ‬والجزائر،‭ ‬وتشتهر‭ ‬بهما‭ ‬مدينة‭ ‬باجة‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬ومعروفة‭ ‬لدى‭ ‬المجتمعات‭ ‬المغاربية‭ ‬بزلابية‭ ‬ومخارق‭ ‬باجة،‭ ‬وتعرض‭ ‬بكثرة‭ ‬خلال‭ ‬أيام‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬وعن‭ ‬سر‭ ‬إقبال‭ ‬الليبيون‭ ‬عليها،‭ ‬لأنها‭ ‬أصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غذاء،‭ ‬فهي‭ ‬حلويات‭ ‬من‭ ‬الموروث‭ ‬الغذائي،‭ ‬وتتربع‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬الحلوى‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬فقد‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬عادة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬ليبي‭ ‬أن‭ ‬يتخلى‭ ‬عنها،‭ ‬فحتى‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يشكون‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬السكري‭ ‬أو‭ ‬يتبعون‭ ‬حمية‭ ‬معينة،‭ ‬أوجدت‭ ‬لهم‭ ‬حلولا،‭ ‬كأن‭ ‬تعد‭ ‬لهم‭ ‬زلابية‭ ‬ومخارق‭ ‬بدون‭ ‬سمن‭ ‬مع‭ ‬عسل‭ ‬خفيف،‭ ‬وهي‭ ‬رائجة‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬فكثيرون‭ ‬وخاصة‭ ‬النساء‭ ‬يحرصن‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬وزنهن‭ ‬دائما‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬المقبول‭.‬

هذه‭ ‬الحلويات‭ ‬التراثية‭ ‬ارتبط‭ ‬تحضيرها‭ ‬وصناعتها‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬بأشقائنا‭ ‬التوانسة‭ ‬لأنهم‭ ‬افضل‭ ‬من‭ ‬يتقن‭ ‬صناعتها‭ ‬في‭ ‬محلات‭ ‬الحلويات‭ ‬الليبية،‭ ‬لعل‭ ‬اشهرهم‭ ‬جارنا‭ ‬وصديقنا‭ ‬السنفاز‭ ‬التونسي‭ ‬سي‭ ‬سالم‭ ‬التطواني‭ ‬المقيم‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬بنغازي‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1968م،‭ ‬شخص‭ ‬محترم‭ ‬جدا‭ ‬وصاحب‭ ‬صنعة‭ ‬متميز،‭ ‬والتونسي‭ ‬الأخر‭ ‬سي‭ ‬القمودي،‭ ‬الرجل‭ ‬البشوش‭ ‬قصير‭ ‬القامة،‭ ‬كان‭ ‬محله‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬سيدى‭ ‬سالم‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬مدينة‭ ‬بنغازي‭ ‬القديمة،‭ ‬ويعد‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬وأمهر‭ ‬صانعي‭ ‬الزلابية‭ ‬والمخارق،‭ ‬حيث‭ ‬تشتم‭ ‬رائحة‭ ‬الزلابية‭ ‬والمخارق‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يحضرها‭ ‬من‭ ‬مسافة،‭ ‬وأنت‭ ‬قادم‭ ‬الى‭ ‬محله‭ ‬من‭ ‬سوق‭ ‬الظلام‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬ميدان‭ ‬الحدادة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬ميدان‭ ‬البلدية،‭ ‬ولا‭ ‬أنسى‭ ‬سي‭ ‬محمد‭ ‬التونسي‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬اقام‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬درنة‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1948م،‭ ‬ذلك‭ ‬الرجل‭ ‬الشهم‭ ‬والأصيل،‭ ‬المتطوع‭ ‬لحرب‭ ‬48‭ ‬بفلسطين،‭ ‬حيث‭ ‬شارك‭ ‬مع‭ ‬اخوته‭ ‬الليبيون‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬48،‭ ‬وحين‭ ‬عودته‭ ‬اثر‭ ‬العيش‭ ‬بدرنة‭ ‬والاستقرار‭ ‬بها،‭ ‬ولازالت‭ ‬أسرته‭ (‬أبنائه‭ ‬وأحفاده‭) ‬تقيم‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬الزهر‭ ‬والنوار‭ ‬درنة‭ ‬حتى‭ ‬الأن،‭ ‬وتحمل‭ ‬هذه‭ ‬الأسرة‭ ‬التونسية‭ ‬الكريمة‭ ‬الجنسية‭ ‬الليبية،‭ ‬ولا‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬الأحبة‭ ‬المغاربة‭ ‬في‭ ‬بلدانهم،‭ ‬فهم‭ ‬أبناء‭ ‬بلد‭ ‬واحد‭.‬

تقول‭ ‬أختي‭ ‬وزميلتي‭ ‬التونسية‭ ‬المثقفة‭ ‬الأستاذة‭ ‬عبير‭ ‬البدوي‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬والمفوض‭ ‬العام‭ ‬لمؤسسة‭ ‬إرثنا‭ ‬للتراث‭ ‬والثقافة‭ ‬EFHC‭ ‬في‭ ‬الجمهورية‭ ‬التونسية‭:‬

حلويات‭ ‬باجة‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬العهد‭ ‬العثماني،‭ ‬وتشكل‭ ‬ميزة‭ ‬من‭ ‬مميزات‭ ‬شهر‭ ‬الصيام‭ ‬لكل‭ ‬التوانسة،‭ ‬و‏تبقى‭ ‬الزلابية‭ ‬والمخارق‭ ‬الباجية‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬الحلويات‭ ‬التونسية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬مقاومتها،‭ ‬كما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الحلويات‭ ‬التي‭ ‬تستقطب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التوانسة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬‏فهي‭ ‬صنعة‭ ‬أجدادهم‭ ‬وعادة‭ ‬رمضانية‭ ‬رافقتهم‭ ‬أبا‭ ‬عن‭ ‬جد،‭ ‬ولا‭ ‬تكاد‭ ‬تخلو‭ ‬مائدة‭ ‬افطار‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬منها‭.‬

وتضيف‭ ‬قائلة‭ ‬بلهجتها‭ ‬التونسية‭: ‬الزلابية‭ ‬تحضر‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬ومعها‭ ‬المخارق‭ ‬وهي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الحلويات‭ ‬الرمضانية‭ ‬التي‭ ‬اشتهرت‭ ‬بها‭ ‬مدينة‭ ‬باحة،‭ ‬وكانت‭ ‬بدايتها‭ ‬عندما‭ ‬صنعها‭ ‬سيدي‭ ‬بعداش‭ ‬زوج‭ ‬زينب‭ ‬بن‭ ‬زلاوية،‭ ‬لتخرج‭ ‬من‭ ‬دار‭ ‬بن‭ ‬زلاوية،‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬عملوها‭ ‬دار‭ ‬ڤورباد‭ ‬ثم‭ ‬دار‭ ‬السويسي‭ ‬واشتهرت‭ ‬عند‭ ‬دار‭ ‬بن‭ ‬شريفة،‭ ‬لأنه‭ ‬عندما‭ ‬ذهب‭ ‬لأمين‭ ‬باي‭ ‬لباجة‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬وجد‭ ‬ابن‭ ‬شريفية‭ ‬يصنع‭ ‬المخارق‭ ‬في‭ ‬محل‭ ‬بن‭ ‬زلاوية‭ ‬وأخذ‭ ‬شهادة‭ ‬من‭ ‬عند‭ ‬لأمين‭ ‬باي،‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬توارثها‭ ‬جميع‭ ‬الناس،‭ ‬ولم‭ ‬تكون‭ ‬مثل‭ ‬التي‭ ‬نشاهدها‭ ‬الأن،‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬تحضر‭ ‬من‭ ‬السميد‭ ‬وتغطس‭ ‬بالعسل‭ ‬الحر‭ (‬الطبيعي‭)‬،‭ ‬وهذه‭ ‬المواد‭ ‬اليوم‭ ‬اصبحت‭ ‬مكلفة،‭ ‬وكان‭ ‬شكلها‭ (‬كراكب‭) ‬ويضع‭ ‬بداخلها‭ ‬السميد‭ ‬ثم‭ ‬تثنى‭ ‬العجينة‭ ‬وتغطس‭ ‬بالعسل،‭ ‬وترش‭ ‬باللوز‭ ‬المبشور،‭ ‬وكانت‭ ‬تقدم‭ ‬هدايا‭ ‬لكل‭ ‬زوار‭ ‬باجة‭ ‬كتذكار‭ ‬من‭ ‬باجة،‭ ‬ومعروفة‭ ‬لدى‭ ‬المجتمعات‭ ‬المغاربية‭ ‬بمخارق‭ ‬باجة،‭ ‬تماما‭ ‬مثل‭ ‬المقروض‭ ‬القيرواني،‭ ‬وكلها‭ ‬حلويات‭ ‬تعرض‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬الصيام،‭ ‬ومن‭ ‬العادات‭ ‬الباجية‭ ‬أيضا‭ ‬كانت‭ ‬تقدم‭ ‬المخارق‭ ‬في‭ ‬أربعين‭ ‬المتوفي،‭ ‬كذلك‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬الحفلات‭ ‬الصوفية‭ ‬مثل‭ ‬زرد‭ ‬الأولياء‭ ‬الصالحين‭ ‬ويقدمون‭ ‬معها‭ ‬أكلة‭ ‬اخرى‭ ‬تسمي‭ ‬المدموجة‭ ‬لأنها‭ ‬تحمل‭ ‬ذات‭ ‬الخلطة‭. ‬

هذه‭ ‬الحلويات‭ ‬التراثية‭ (‬الزلابية‭ ‬والمخارق‭) ‬والتي‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬الموروث‭ ‬الغذائي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يغيب‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬الذي‭ ‬تشبث‭ ‬به‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬وتونس‭ ‬والجزائر،‭ ‬كما‭ ‬تشبثوا‭ ‬بعاداتهم‭ ‬وتقاليدهم‭ ‬العريقة‭ ‬وحرصوا‭ ‬على‭ ‬موروثهم‭ ‬الأصيل‭ ‬خلال‭ ‬أيام‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬حفظ‭ ‬الله‭ ‬أهلنا‭ ‬جميعا‭.‬

صحة‭ ‬فطوركم‭ ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬وأنتم‭ ‬بخير‭.‬

إعداد‭ ‬وتجميع‭ ‬المادة‭ ‬أعضاء‭ ‬مؤسسة‭ ‬إرثنا‭ ‬للتراث‭ ‬والثقافة‭ ‬EFHC‭ ‬من‭ ‬ليبيا‭ ‬

أ‌‭. ‬فرج‭ ‬غيث،‭ ‬ومن‭ ‬تونس‭ ‬أختي‭ ‬وزميلتي‭ ‬المجتهدة‭ ‬والمثقفة‭ ‬الأستاذة‭ ‬عبير‭ ‬البدوي‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬لبرامج‭ ‬مؤسسة‭ ‬إرثنا‭ ‬للتراث‭ ‬والثقافة‭ ‬EFHC،‭ ‬والمفوض‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬الجمهورية‭ ‬التونسية‭. ‬كل‭ ‬الشكر‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬الجهد‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬دائما،‭ ‬لتعريفنا‭ ‬بروائع‭ ‬مأثر‭ ‬التراث‭ ‬المغاربي‭ ‬الجميل،‭ ‬الغني‭ ‬بكل‭ ‬تفاصيله‭ ‬الرائعة‭.‬

دائما‭ ‬امتدادنا‭ ‬واحد‭ ‬ومجتمعنا‭ ‬المغاربي‭ ‬واحد‭ ‬وتراثنا‭ ‬وموروثنا‭ ‬المغاربي‭ ‬واحد‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى