الرئيسيةمتابعات

7800 حجاج البيت الحرام والحكومة تتولى التكاليف

تقرير: مفتاح المصباحي

بسم الله الرحمن الرحيم: «وأذّن في النَّاس بالحجِّ يأتوك رجالا وعلى كلّ ضامر يأتين من كل فج عميق * ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير» صدق الله العظيم

يعدّ الحجّ الركن الخامس في الإسلام، وقد ذُكر في القرآن الكريم «ولله على الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً»، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بني الإسلام على خمس: شهادة لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، إيتاء الزكاة، صوم رمضان، وحج بيت الله»، ومن هنا تأتي أهمية هذه الفريضة، حيث يكتسي الحج أهمية كبيرة لدى المسلمين..

 والحج واجب لمرة واحدة في العمر لكل بالغ قادر من المسلمين..

ويعد الحج طقسًا دينيًا شائعًا وموجودًا في كثير من الديانات، وكذلك الحج إلى بيوت كانت موزعة في مختلف مناطق الجزيرة العربية سميت كعبات، ومنها الكعبة في مكة أو ما يشار إليه بالبيت الحرام تحديداً، فالحج إليه موجود من قبل الإسلام، والحج شعيرة فرضها الله تعالى على أمم سابقة مثل الحنيفية أتباع ملة النبي إبراهيم، مستشهدين بالقرآن: وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ، ويقرون أن الناس كانوا يؤدونها أيام النبي إبراهيم ومن بعده، لكنهم خالفوا بعض مناسك الحج وابتدعوا فيها، ويردون ذلك إلى الحين الذي ظهرت الوثنية وعبادة الأصنام في الجزيرة العربية على يد عمرو بن لحي بحسب بحسب ما جاءت به الروايات. وقد حجّ النبي  صلى الله عليه وسلم – مرة واحدة فقط هي حجة الوداع في العام العشر من الهجرة، ويمارس المسلمون مناسك الحج المأخوذة عن تلك الحجة باعتبارها المناسك الصحيحة، مستشهدين بقوله: «خذوا عني مناسككم»، كما ألقى النبي خطبته الشهيرة التي أتم فيها قواعد وأساسات الدين الإسلامي..

يرجع تاريخ الحج في الإسلام إلى فترة سابقة على بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بآلاف السنين، وبالتحديد إلى عهد إبراهيم الخليل عليه السلام. تنص المصادر الإسلامية إلى أن إبراهيم كان نازلا في بادية الشام، فلما ولد له من جاريته هاجر إسماعيل، اغتمتْ زوجته سارة من ذلك غمًا شديدًا لأنه لم يكن له منها ولد فكانت تؤذي إبراهيم في هاجر وتغمه، فشكا إبراهيم ذلك إلى الله، فأمره أن يخرج إسماعيل وأمه عنها، فقال: «أي رب إلى أي مكان؟» قال: «إلى حرمي وأمني وأول بقعة خلقتها من أرضي وهي مكة»، وأنزل عليه جبريل بالبراق فحمل هاجر وإسماعيل وإبراهيم، فكان إبراهيم لا يمر بموضع حسن فيه شجر ونخل وزرع إلا قال: «يا جبريل إلى ها هنا إلى ها هنا» فيقول جبريل: «لا إمض لا إمض» حتى وافى مكة فوضعه في موضع البيت، وقد كان إبراهيم عاهد سارة أن لا ينزل حتى يرجع إليها، فلما نزلوا في ذلك المكان كان فيه شجر فألقت هاجر على ذلك الشجر كساء كان معها فاستظلت تحته فلما سرحهم إبراهيم ووضعهم وأراد الانصراف عنهم إلى سارة قالت له هاجر: «لم تدعنا في هذا الموضع الذي ليس فيه أنيس ولا ماء ولا زرع؟»، فقال إبراهيم: «ربي الذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان»، ثم انصرف عنهم فلما بلغ كدى وهو جبل بذي طوى التفت إليهم إبراهيم فقال: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ، ثم مضى وبقيت هاجر.

لما ارتفع النهار عطش إسماعيل، فقامت هاجر في الوادي حتى صارت في موضع المسعى فنادت: «هل في الوادي من أنيس؟» فغاب عنها إسماعيل، فصعدت على الصفا ولمع لها السراب في الوادي وظنت أنه ماء فنزلت في بطن الوادي وسعت فلما بلغت المروة غاب عنها إسماعيل، ثم لمع لها السراب في ناحية الصفا وهبطت إلى الوادي تطلب الماء فلما غاب عنها إسماعيل عادت حتى بلغت الصفا فنظرت إلى إسماعيل، حتى فعلت ذلك سبع مرات فلما كان في الشوط السابع وهي على المروة نظرت إلى إسماعيل وقد ظهر الماء من تحت رجليه فعدت حتى جمعت حوله رملا وكان سائلا فزمته بما جعلت حوله فلذلك سميت زمزم، وكانت قبيلة جرهم نازلة بذي المجاز وعرفات فلما ظهر الماء بمكة عكفت الطيور والوحوش على الماء فنظرت جرهم إلى تعكف الطير على ذلك المكان فاتبعوها حتى نظروا إلى امرأة وصبي نزول في ذلك الموضع قد استظلوا بشجرة قد ظهر لهم الماء فقال لهم كبير جرهم: «من أنت وما شأنك وشأن هذا الصبي؟»، قالت: «أنا أم ولد إبراهيم خليل الرحمن وهذا ابنه أمره الله أن ينزلنا ها هنا»، فقالوا لها: «أتأذنين أن نكون بالقرب منكم؟» فقالت: «حتى أسأل إبراهيم»، فزارهما إبراهيم يوم الثالث فاستأذنته هاجر ببقاء قبيلة جرهم، فقبل بذلك، فنزلوا بالقرب منهم وضربوا خيامهم وأنست هاجر وإسماعيل بهم، فلما زارهم إبراهيم في المرة الثانية ونظر إلى كثرة الناس حولهم سر بذلك سرورا شديدا..

عاش إسماعيل وأمه مع قبيلة جرهم إلى أن بلغ مبلغ الرجال، فأمر الله إبراهيم أن يبني البيت الحرام في البقعة حيث أنزلت على آدم القبة، فلم يدر إبراهيم في أي مكان يبني البيت، كون القبة سالفة الذكر استمرت قائمة حتى أيام الطوفان في زمان نوح فلما غرقت الدنيا رفعها الله، وفق المعتقد الإسلامي، فبعث الله جبريل فخط لابراهيم موضع البيت وأنزل عليه القواعد من الجنة، فبنى إبراهيم البيت ونقل إسماعيل الحجر من ذي طوى، فرفعه في السماء تسعة أذرع، ثم دله على موضع الحجر الأسود، فاستخرجه إبراهيم ووضعه في موضعه الذي هو فيه وجعل له بابين: بابا إلى المشرق وبابا إلى المغرب، فالباب الذي إلى المغرب يسمى المستجار، ثم ألقى عليه الشيح والإذخر وعلقت هاجر على بابه كساء كان معها فكانوا يستظلون به، فلما بناه وفرغ حج إبراهيم وإسماعيل ونزل عليهما جبريل يوم التروية لثمان خلت من ذي الحجة، فقال: «يا إبراهيم قم فارتو من الماء»، لأنه لم يكن بمنى وعرفات ماء فسميت التروية لذلك، ثم أخرجه إلى منى فبات بها ولما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال: «رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير».

أخذ المؤمنون برسالة إبراهيم وإسماعيل ومن خلفهما من الأنبياء يحجون إلى الكعبة سنويا، واستمر الأمر على هذا المنوال حتى انتشرت الوثنية بين العرب أيام سيد مكة عمرو بن لحي الخزاعي، الذي يعتبر أول من أدخل عبادة الأصنام إلى شبه الجزيرة العربية، وغير دين الناس الحنيفي. وقام العرب مع مرور الزمن بنصب الأصنام والأوثان الممثلة لآلهتهم حول الكعبة، وأخذت بعض قبائل مكة تتاجر بها، فسمحت لأي قبيلة أو جماعة أخرى، بغض النظر عن دينها أو آلهتها، أن تحج إلى البيت العتيق. استمر بعض الأحناف والمسيحيون يحجون إلى الكعبة بعد انتشار الوثنية، وبعد بعثة محمد بتسع سنوات، أو عشر، فرض الحج على من آمن بدعوته ورسالته، وذلك في سورة آل عمران: «ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا». لم يحج المسلمون إلى مكة قبل عام 631، أي سنة فتحها على يد الرسول محمد، الذي دمر كافة الأصنام والأوثان، وطاف بالكعبة هو ومن معه وأدوا كافة المناسك الأخرى التي استقرت منذ ذلك الحين على هذا النحو.

فرض الحج في السنة التاسعة للهجرة، ويجب على المسلم أن يحج مرة واحدة في عمره، فإذا حج المسلم بعد ذلك مرة، أو مرات كان ذلك تطوعًا منه، فقد روى أبوهريرة أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم- قال:

«يا أيها النَّاس، قد فرض عليكم الحج فحجوا». فقال رجل من الصحابة: «أيجب الحج علينا كل عام مرة يا رسول الله؟»، فسكت النبي، فأعاد الرجل سؤاله مرتين، فقال النبي: «لو قلتُ نعم لوجبت، وما استطعتم»، ثم قال: «ذروني ما تركتكم». .

وشروط الحج خمسة؛ الشرط الأول الإسلام بمعنى أنه لا يجوز لغير المسلمين أداء مناسك الحج. الشرط الثاني العقل فلا حج على مجنون حتى يشفى من مرضه. الشرط الثالث البلوغ فلا يجب الحج على الصبي حتى يحتلم. الشرط الرابع الحرية فلا يجب الحج على المملوك حتى يعتق. أما الشرط الخامس الاستطاعة بمعنى ان الحج يجب على كل شخص مسلم قادر ومستطيع..

والحجّ ثلاثة أنواع (إفراد، وقران، ومتمتع) وفي الإفراد ينوي الحاج النية بالحج فقط، وفي القران ينوي الحاجّ الحج والعمرة في وقت واحد، وحج التمتع، هو أن يقدّم العمرة على الحج ثم يتحلل من إحرامه بينهما ويتمتع بحياته العادية حتى يوم الثامن من ذي الحجة.

وللحج أركان أربعة وهي:

الإحرام

الوقوف في عرفة

طواف الإفاضة

والسعي بين الصفا والمروة

ويعدّ الترتيب في فعل هذه الأركان شرطاً لا بد منه لصحتها، فيشترط تقديم الإحرام عليها جميعاً، وتقديم وقوف عرفة على طواف الإفاضة، ثم طواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة..

أما واجبات الحج فهي:-

 الإحرام من الميقات المعتبر شرعاً -هي الأماكن التي حددها النبي محمد صلى الله عليه وسلم – لمن أراد أن يحرم للحج والعمرة. يتجرد من الثياب ثم يرتدي ملابس الإحرام البيضاء، ثم يبدأ في التلبية بقول «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك».

التوجه إلى مِنى في اليوم الثامن من ذي الحجة.

الوقوف في عرفة في اليوم التاسع.

 التوجه إلى مزدلفة بعد غروب شمس اليوم التاسع.

في اليوم العاشر يكون رمي جمرة العقبة، ونحر الأضحية، وحلق الشعر أو التقصير، والطواف.

 يلي ذلك الرجوع إلى مِنى، والمبيت فيها ليالي التشريق (أيام عيد الأضحى)، وتُرمى الجمرات الثلاث، الصغرى، والوسطى، والعقبة.

وتبلغ أيام الحج (بحسب الفقهاء) ستة أيام، وهي التي تتم فيها مناسك الحج كاملة، تبدأ من اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، المعروف بيوم التروية، ويفرغ الحجاج من أداء مناسكهم يتحللون من الإحرام مع نهاية اليوم الأخير من أيام التشريق وهو يوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة..

ليبيا من الدول الإسلامية التي يحج مواطنوها إلى البيت الحرام، وفق أعداد محددة لكل دولة تم تحديدها حسب نسبة معينة من عدد السكان..

ويتم اجراء قرعة سنوية لاختيار العدد المطلوب للحجاج الليبيين، وتقوم على ذلك الهيئة العامة لشؤن الحج والعمرة..

وبعد اختيار العدد المطلوب للحجاج، تقوم الهيئة بتشكيل بعثة الحج، والتي تتكون من مجموعة من اللجان تتولى الإشراف على تفويج الحجاج إلى الأراضي المقدسة، والعمل طيلة فترة الحج على توفير كافة السبل والامكانيات لهم ليؤدوا مناسكهم بكل يسر وراحة..

وتعتبر ليبيا من الدول الرائدة في مجال تقديم الخدمات لحجاجها، فتسعى حكوماتها للتسابق من أجل راحة الحجاج.. وبلغ عدد الحجاج الليبيين لهذا العام 8150 حاجا وحاجة. يتم نقلهم إلى الأراضي المقدسة على طائرات الخطوط الجوية الليبية، والخطوط الجوية الافريقية، حسب الاتفاق بينهما وبين هيئة الحج والعمرة لنقل الحجاج من 6 مطارات تم اعتمادها من رئيس حكومة الوحدة الوطنية لتخفيف العبء على المواطنين وهي امعيتيقة ومصراته وبنينا والابرق وطبرق وسبها..

وفي بادرة أدخلت الفرحة والسرور على قلوب الحجاج وذويهم، فقد تكفلت الحكومة بتكاليف الحج هذا العام..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى