رأي

النفط مقابل الشمس

هاشم شليق

بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030‭ ‬سوف‭ ‬يقضي‭ ‬البشر‭ ‬وقتهم‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بأنشطة‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬اختراعها‭ ‬أو‭ ‬تخيلها‭ ‬بعد‭..‬مثل‭ ‬اختراع‭ ‬سيارة‭ ‬بدون‭ ‬سائق‭ ‬بالأمس‭ ‬القريب‭ ‬وطائرة‭ ‬مسيرة‭ ‬لتوصيل‭ ‬الطلبيات‭ ‬غدا‭..‬وهكذا‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬نضعه‭ ‬في‭ ‬الإعتبار‭ ‬يأتي‭ ‬يوم‭ ‬ونعيشه‭..‬مثل‭ ‬سابق‭ ‬ظهور‭ ‬الذكاءالاصطناعي‭ ‬وزحفه‭ ‬التكنولوجي‭ ‬المتسارع‭..‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬تذبذب‭ ‬مبيعات‭ ‬وأسعار‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬بسبب‭ ‬التجاذبات‭ ‬الدولية‭ ‬والحروب‭ ‬الإقليمية‭..‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬مشاريع‭ ‬عودة‭ ‬الحياة‭ ‬والبناء‭ ‬والإعمار‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬تؤكد‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬استيعاب‭ ‬ليبيا‭  ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬تبني‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬البديلة‭ ‬لتكون‭ ‬مسار‭ ‬التنمية‭ ‬القادم‭..‬حيث‭ ‬يتوقع‭ ‬الخبراء‭ ‬أنه‭ ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬هذا‭ ‬العقد‭ ‬ستلعب‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬دوراً‭ ‬محوريا‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬اعتماد‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬الوقود‭ ‬التقليدي‭..‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬طاقة‭ ‬الرياح‭ ‬البرية‭ ‬والبحرية‭ ‬والطاقة‭ ‬النووية‭ ‬والكهرومائية‭..‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬لدينا‭ ‬مقومات‭ ‬الصحراء‭ ‬والرياح‭ ‬وطول‭ ‬الساحل‭ ‬والجبال‭ ‬وموقع‭ ‬جغرافي‭ ‬يتوسط‭ ‬القارات‭ ‬وعدد‭ ‬سكان‭ ‬يكتفي‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬بنسبة‭ ‬مُرضية‭ ‬مقابل‭ ‬تصدير‭ ‬الفائض‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬وغيرها‭..‬لتبقى‭ ‬أولى‭ ‬متطلبات‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬الإستثمار‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والتكنولوجيا‭..‬ولسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬دائمة‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬إلى‭ ‬تحديث‭ ‬الشبكات‭ ‬وتطوير‭ ‬حلول‭ ‬لتخزين‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتقطعة‭ ‬مثل‭ ‬الرياح‭ ‬والشمس‭..‬إذن‭ ‬العالم‭ ‬مهتم‭ ‬بالتحول‭ ‬إلى‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬الجديدة‭ ‬لأنه‭ ‬يقلل‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬انبعاثات‭ ‬الغازات‭ ‬المسببة‭ ‬للاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬مما‭ ‬يخفف‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭..‬كما‭ ‬يعمل‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬غير‭ ‬التقليدية‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬التصنيع‭ ‬والتركيب‭ ‬والصيانة‭..‬وبما‭ ‬أن‭ ‬ليبيا‭ ‬تمتلك‭ ‬احتياطيات‭ ‬نفط‭ ‬وغاز‭ ‬كبيرة‭ ‬فقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المرن‭ ‬وهو‭ ‬تجنيد‭ ‬المصادر‭ ‬غير‭ ‬المتجددة‭ ‬لخدمة‭ ‬الأخرى‭ ‬الدائمة‭..‬ولكون‭ ‬ليبيا‭ ‬أرض‭ ‬خصبة‭ ‬لذلك‭ ‬فقد‭ ‬أطلق‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإنمائي‭ ‬والوكالة‭ ‬الألمانية‭ ‬للتعاون‭ ‬الدولي‭ ‬مبادرة‭ ‬مؤخرا‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬قدرة‭ ‬ليبيا‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬المستمرة‭..‬كما‭ ‬تم‭ ‬إستقبال‭ ‬شركات‭ ‬معنية‭ ‬عاملة‭ ‬من‭ ‬فرنسا‭ ‬وأستراليا‭ ‬والصين‭ ‬والإمارات‭..‬وطبعا‭ ‬هكذا‭ ‬عمل‭ ‬ضخم‭ ‬يتطلب‭ ‬بيئة‭ ‬سياسية‭ ‬مستقرة‭ ‬وآفاق‭ ‬استثمار‭ ‬قابلة‭ ‬للتنبؤ‭..‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يدفع‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الإستراتيجي‭ ‬إلى‭ ‬تخصيص‭ ‬منح‭ ‬دراسية‭ ‬ودورات‭ ‬التدريبية‭ ‬وزيارات‭ ‬الوفود‭ ‬الإستطلاعية‭ ‬والنقاش‭ ‬في‭ ‬ردهات‭ ‬المؤتمرات‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تكثيف‭ ‬عمل‭ ‬الملحقيات‭ ‬الإقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬بالسفارات‭ ‬والمندوبيات‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭..‬ولا‭ ‬ننتظر‭ ‬زمن‭ ‬تظهر‭ ‬فيه‭ ‬عقبات‭ ‬تؤخر‭ ‬أو‭  ‬تلغي‭ ‬بشكل‭ ‬مؤثر‭ ‬استخدام‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬غير‭ ‬المتجددة‭ ‬مثل‭ ‬الفحم‭ ‬والنفط‭ ‬والوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬مع‭ ‬بقاء‭ ‬الغاز‭ ‬لفترة‭ ‬أطول‭ ‬نسبيا‭..‬حاليا‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬استثمار‭ ‬حوالي‭ ‬4‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭ ‬سنويا‭ ‬في‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2030‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬حتى‭ ‬يصل‭ ‬بالانبعاثات‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الصفر‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050‭..‬وهنا‭ ‬تتصدر‭ ‬النرويج‭ ‬والبرازيل‭ ‬ونيوزيلندا‭ ‬سباق‭ ‬طاقة‭ ‬المستقبل‭..‬ومن‭ ‬المفترض‭ ‬لبلادنا‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬تدريجيا‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬وقت‭ ‬تتخلف‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬الركب‭..‬إنه‭ ‬استحقاق‭ ‬أمامنا‭ ‬لسد‭ ‬حاجات‭ ‬أجيالنا‭ ‬القادمة‭.‬‭.‬فمن‭ ‬تصاريف‭ ‬الحياة‭ ‬زرع‭ ‬شجرة‭ ‬اليوم‭ ‬ليتفيأ‭ ‬أحفادنا‭ ‬ظلها‭ ‬غدا‭..‬وهكذا‭ ‬هي‭ ‬صيرورة‭ ‬التاريخ‭ ‬لكل‭ ‬حقبة‭ ‬إنجاز‭ ‬يتم‭ ‬الإلتفات‭ ‬إليه‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى