رأي

تناقضات فادحة

وفاء مفتاح

قيل‭ ‬قديمًا‭ ‬بإنّ‭ ‬أفدح‭ ‬ضحية‭ ‬للحرب‭ ‬هي‭ ‬الحقيقة،

لأن‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬المتصارعة‭ ‬ستسعى‭ ‬للتلاعب‭ ‬بها‭ !‬

‭)‬السائد‭( ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬الأول‭ ‬لم‭ ‬يتقدم‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الشعوب‭ ‬المطحونة،‭ ‬فقد‭ ‬سعى‭ ‬طيلة‭ ‬عقود‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬علومه‭ ‬لتطوير‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬وتغذية‭ ‬الجشع‭ ‬الرأسمالي‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬البيئة‭ ‬والطبيعة‭ ‬ووالخ‭ .‬

رغم‭ ‬أنموذج‭ ‬الحريات‭ ‬المدنية‭ ‬والتناوب‭ ‬السلمي‭ ‬للسلطة‭ ‬فهو‭ ‬قطعًا‭ ‬الحليف‭ ‬الأعظم‭ ‬للنظم‭ ‬الاستبدادية‭ ‬ويصّدر‭ ‬صورة‭ ‬معاقة‭ ‬للديموقراطية‭ ‬بينما‭ ‬نخب‭ ‬الرأسمالية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬بالقرار‭ ‬السياسي‭. ‬

مع‭ ‬التذكير‭ ‬بأن‭ ‬مظاهر‭ )‬التفوق‭( ‬الحضاري‭ ‬تتكئ‭ ‬على‭ ‬الظرف‭ ‬والسياق‭ ‬والغرض‭ ‬ولا‭ ‬تحتكم‭ ‬للمبادئ‭ ‬والأخلاق‭ ‬والعدل،‭ ‬وتختلط‭ ‬فيها‭ ‬تناقضات‭ ‬فادحة‭ ‬

إذ‭ ‬توظف‭ ‬التجارب‭ ‬بأنواعها‭ ‬لغايات‭ ‬نبيلة‭ ‬وأخرى‭ ‬مدمرة‭ .‬

فالتطّور‭ ‬الذي‭ ‬يغذي‭ ‬السيطرة‭ ‬والاستحواذ‭ ‬

والاستغلال‭ ‬يقتات‭ ‬فالوقت‭ ‬ذاته‭ ‬على‭ ‬حصاد‭ ‬التفوق‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬مدّمِراً‭ ‬

المفارقة‭ ‬صارمة‭ ‬هنا‭ ‬أمام‭ ‬الشعوب‭ ‬المستضعفة‭ ‬

والمثال‭ ‬يشمل‭ ‬العلاقات‭ ‬الإنسانية‭ .‬

كيف‭ ‬تختزل‭ ‬التفوق‭ ‬من‭ )‬العالم‭ ‬الأول‭( ‬فيمكّنها‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬هيمنته‭ ‬؟

وتنتفع‭ ‬بمخرجات‭ ‬‮«‬ذكائه‮»‬‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬الثمن‭ ‬من‭ ‬حريتها‭ ‬واستقلالها‭ !‬

إن‭ ‬الوجه‭ ‬الغامض‭ ‬ذو‭ ‬الجاذبية‭ ‬القاتلة‭ ‬للمتفوق‭ ‬‮«‬المتذاكي‮»‬‭ ‬في‭ ‬مخيال‭ ‬المستضعف،‭ ‬وّلد‭ ‬أنماطاً‭ ‬من‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬القاسية‭ ‬عند‭ ‬أول‭ ‬شعور‭ ‬بالخطر‭ )‬ينطبق‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حالة‭ ‬الحرب‭(‬

فترى‭ ‬الطرف‭ ‬الأقوى‭ ‬يزبد‭ ‬ويرعد‭ ‬بعدائية‭ ‬بالغة‭ ‬تقابلها‭ ‬حيرة‭ ‬الطرف‭ ‬الأضعف‭ ‬المشوبة‭ ‬بعدم‭ ‬الاستيعاب‭!‬

فلا‭ ‬يبقى‭ ‬الأول‭ ‬ولا‭ ‬يذر‭ ‬وانهيار‭ ‬الثاني‭ ‬ليس‭ ‬ببالغ‭ ‬من‭ ‬عقله‭ ‬و‭ ‬فؤاده‭ ‬شيئاً‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬يرتاب‭ ‬فيه‭ ‬ويتهمه‭ ‬

بالإذعان‭ ‬ويخّونه‭ ‬ثم‭ ‬يقارعه‭ ‬بحجة‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬شوّهت‭ ‬بالأساس‭ ‬و‭ ‬طمست‭ ‬ملامحها‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ !‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى