
إنّ المشكلات الأسرية أو الزوجية والتي قد تعصف بالحياة الزوجية وقد تؤدي في النهاية لانتهائها لا تحصر ولا تعد؛ ولكن إذا ما امعن النظر في طبيعة تلك المشكلات من واقع ملفات التداعي أمام المحاكم قد نجدها لا تخرج عن عدة أسباب .
..ولأن تلك المشاكل تختلف من حيث طبيعتها، وأسبابها والرأي القانوني الذي يحكمها الأمر الذي يقودنا لإفراد مقال يخص كل مشكلة على حدى.
تدخل الأهل
نبدأ هنا بالسبب الأول الأكثر شيوعًا، وهو تدخل أهل الزوجين في حياتيتهما، ونسرد هنا بعض الدعاوى التي فصلت فيها دوائر الأحوال الشخصية بالمحاكم؛ ففي الحالة الأولى..
اقامتْ )ت.ف.ا( دعوى تطليق للضرّر ضد زوجها )موكلنا( ومن بين ما ادعته انعدام الخصوصية لحياتها الزوجية مع زوجها باعتبار أن زوجها يستشير أشقاءه في كل شاردة، وواردة تخص حياتهم؛ وبالتالي تكون متضرَّرة وتلجأ لطلب تطليقها منه للضرّر، والمحكمة بعد أن نظرتْ الدعوى لم تلتفت لهذا السبَّب، وذلك باعتبار أن ما ادعته الزوجة لا يعد من قبيل الأسرار الزوجية، أو ما قد يلحق بها أي ضرَّر معنوي أو مادي لأن حسب قولها في الجلسة السرية التي عقدتها المحكمة بين طرفي الدعوى لمحاولة الإصلاح بينهما ذكرتْ أن زوجها يستشير والدته مثلاً بخصوص شراء قطعة أرض ويستشير شقيقه حول شراء نوع من المركبات الآلية وبالتالي فالمحكمة لم تلتفت لهذا الادعاء باعتبار أنه لا علاقة له بحياة طرفي الدعوى الزوجية ولا يعد من قبيل أسرارها التي لا يجب أن يعلم الغير بها .. وبالتالي فالمحكمة قضتْ بتطليقها للضرر الواقع عليها ولكن لأسباب أخرى غير «تدخل الأهل».
وفي دعوى أخرى مماثلة أقام )م.ج.ا( دعوى رجوع لبيت الزوجية ضد زوجته طالبًا فيها رجوعها لبيت الزوجية، ودخولها في طاعته وأسس دعواه على أن السبَّب الرئيس لمغادرة زوجته المدعى عليها بيت الزوجية كان نتيجة تدخل شقيقاتها، وأهلها وتحريضها على ترك بيت الزوجية .. والمحكمة عقدتْ جلسة سرية بين الطرفين، وانكرتْ الزوجة بدايةً أي تدخل لأهلها إلا أن هذا الانكار لم يصمد أمام شهود الاثبات الذين أكدوا ذلك فقضتْ المحكمة بإلزامها بالرجوع لبيت الزوجية والدخول في طاعة زوجها.
وفي دعوى أخرى اقامت الاخت )س .م.ع( دعوى تطليق ضد زوجها طالبةً فيها تطليقها منه للضرر الواقع عليها منه؛ وكان أساس دعواها أنّ أهل زوجها يتدخلون في كل كبيرة وصغيرة في حياتها الزوجية حتى وصل الأمر أن بعضًا من أهل زوجها يدخلون بيت الزوجية دون إذن في حضورها أو غيابها ولم تنفع مطالبتها لزوجها وأهله بالتوقف عن هذا التصرف ..
وبعد عقد الجلسة السرية للطرفين وبعد سماع شهود الاثبات والنفي لطرفي الدعوى استقر في وجدان المحكمة أحقية الزوجة في طلبها التطليق لثبوت الضرر حيث إن ما تدعيه من انعدام الخصوصية وانتهاكها ودخول منزلها يجعل من الحياة الزوجية واستمرارها بهذا الشكل فيه أضرار بها فقضت لها بالتطليق للضرر .
من هنا عزيزي القارئ يتضح لنا أن ليس كل تدخل من أهل الزوجين يعد اضراراً أو يعتد به قانونًا؛ فطبيعة التدخل في حد ذاته واعتباره انتهاكًا للخصوصية أو تدخل فيه مضرة يكون من صلاحيات محكمة الموضوع تقدره وفقًا لمعطيات وواقع كل دعوى على حدى.
الرأي القانوني في هذدا الشأن نصت المادة 17 من القانون رقم 10لسنة 1984 على حقوق الزوجة اتجاه زوجها وجاء فيإحدى فقراته)عدم الحاق الضرر المادي والمعنوى بها( وكذلك الحال في نص المادة 18 من القانون ذاته نصت على واجبات الزوجة اتجاه زوجها وعدم الحاق الضرر المادي والمعنوى به.
وبالتالي فإن السماح للغير من الأهل بالتدخل في العلاقة الزوجية واطلاعهم على ادق التفصايل قد يلحق الأذى المعنوي، وربما المادي بأحد الزوجين الأمر الذي يكون معه قيام الاساس القانوني للمطالبة بالتفريق.
ومن هذا المنطلق ندعو لمن يتصور وقوع هذا الأمر عليه أن يتمهل قبل اللجوء للقضاء وأن يمنح للطرف الاخر الوقت الكافي لينتهي عن هذا الأمر؛ وأن يتأكد أصلاً من وقوع هذا التدخل من عدمه وأن يكون متأكدًا أن هذا التدخل مذمومًا، وفيه مضرة له، فليس كل تدخل من الاهل له غايات سيئة، أو أهداف دنيئة، وتذكر إن الطلاق ابغض الحلال، وإن كان مشروعًا، وإن الآثار المترتبة عليه غايةٌ في السوء ِ..