
في موكبٍ جمع بين الكم والكيف شُيِّعَ عصر الأول من رمضان المبارك جثمان المثقف التقدمي المعروف رضا عبد الحميد بن موسى الذي وافاه الأجل المحتوم في مُوفَّى شعبان إثر مرض لم يمهله طويلاً، عندما هاجمه في الأيام الماضية واضطره للعلاج بإحدى المصحات الخاصة مع الإقامة بعض الوقت إلى أن بدا ما يُبشّرُ بالشفاء وكاد أن يخرج لولا أنه قد انتكس وحضر أجله، فكان الرحيل الذي ترك كبير التأثر الذي عبّرت عنه حلقات التواصل والمشاركين في العزاء، وكان الفقيد قد وُلِدَ في مطلع الخمسينيات وتلقّى تعليمه بين طرابلس وبنغازي حيث التخرج من الجامعة الليبية والانخراط في العمل النقابي الطلابي الذي اصطدم مع السلطة في سبعينيات القرن الماضي فشملته اعتقالات العام السادس والسبعين ومن ثم المحاكمة والبقاء إلى العام السابع والثمانين ليشمله الخروج ومواصلة الحياة والنشاط ولم يكن له من هَمٍّ سوى استمرار العمل العام دون أن يسأل عن الموقع ولا المكان، كما يظهر من بعض مقتطفاته التي كثيراً ما تعرضها بعض الفضائيات، وقد عرفت على الصعيد الشخصي المرحوم رضا وهو في المرحلة الأولى من دراسته من مدخل الصلة الأسرية التي ربطته بالأستاذ والصديق الراحل فاضل المسعودي مؤسس جريدة الميدان، وكان توأم رضا محمد الدايري مؤشرين لجيل يبعث على الكثير من الأمل والذي لم يضع وإن غلا ثمنه أحياناً، ولكنها طبيعة الحياة التي تجعل الصعوبة في الثبات على المبدأ السليم، وليس اختياره في البداية كما نُسِبَ إلى الزعيم المصري مصطفى النحاس، فالعزاء في المرحوم رضا لأسرته أولاً والقوى الوطنية ثانياً ومن رافقوه في سنوات المحنة وشاركوه التماسك والثقة القوية بالنفس والتنزّه عن نقيصة الجحود والتعالي والتنكّر لتراتبية الطريق، دون أن أنسى الشد على يد محمد الدائري الذي كان في الموعد أحسن الله جزاءه.