في زمن أصبحت فيه هواتفنا أبوابًا مفتوحة على العالم، تسلّل نوع جديد من العنف إلى حياتنا اليومية:
التنمر الإلكتروني.
ظاهرة حديثة، لكنها تنتشر كالنار في الهشيم، وباتت تؤثر بشكل مباشر على نفسية الشباب والأطفال وحتى البالغين.
من خلال منشور على فيسبوك، أو تعليق جارح على تيك توك، أو صورة مسيئة على إنستغرام، يتحول الفضاء الرقمي إلى ساحة حرب نفسية، فيها الكلمات تجرح أكثر من السلاح.
ضحايا هذا التنمر لا يظهرون في الشوارع، بل يختبئون خلف الشاشات.
البعض يعاني من الاكتئاب، الانعزال، أو حتى يفكر في إيذاء نفسه، وكل ذلك دون أن يلاحظهم أحد، لأن «الضرب» هذه المرة لم يكن جسديًا، بل نفسيًا.
لماذا يصمت المجتمع؟
في ثقافتنا، لا يُؤخذ التنمر بجدية كافية.
يُقال للضحية: )خلي روحك قوي، كلام في الإنترنت بس(.
لكن الحقيقة أن آثار التنمر الرقمي قد تدوم طويلًا، وتحتاج إلى علاج ودعم نفسي.
الأخطر من ذلك أن المتنمرين أحيانًا أطفال أو مراهقين.
يتعلمون الإساءة مبكرًا، ويظنون أن الإنترنت مساحة “بدون حساب”. وهنا تبرز مسؤولية الأسرة في التربية الرقمية، والمدرسة في غرس ثقافة الاحترام، والدولة في وضع قوانين صارمة.
ما نحتاجه ليس فقط إنترنت سريع، بل وعي أسرع.
وعي بأن خلف كل صورة حساب، هناك إنسان.
وأن «إرسال» تعليق ساخر قد يعني تدمير نفسية شخص آخر في الطرف الثاني من الشاشة.