اجتماعي

التنمر‭ ‬عنف‭ ‬يقتل‭ ‬في‭ ‬صمت

فايزة‭ ‬العجيلي

في‭ ‬زمن‭ ‬أصبحت‭ ‬فيه‭ ‬هواتفنا‭ ‬أبوابًا‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬تسلّل‭ ‬نوع‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬إلى‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭:‬

التنمر‭ ‬الإلكتروني‭.‬

ظاهرة‭ ‬حديثة،‭ ‬لكنها‭ ‬تنتشر‭ ‬كالنار‭ ‬في‭ ‬الهشيم،‭ ‬وباتت‭ ‬تؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬نفسية‭ ‬الشباب‭ ‬والأطفال‭ ‬وحتى‭ ‬البالغين‭.‬

من‭ ‬خلال‭ ‬منشور‭ ‬على‭ ‬فيسبوك،‭ ‬أو‭ ‬تعليق‭ ‬جارح‭ ‬على‭ ‬تيك‭ ‬توك،‭ ‬أو‭ ‬صورة‭ ‬مسيئة‭ ‬على‭ ‬إنستغرام،‭ ‬يتحول‭ ‬الفضاء‭ ‬الرقمي‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬حرب‭ ‬نفسية،‭ ‬فيها‭ ‬الكلمات‭ ‬تجرح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬السلاح‭.‬

ضحايا‭ ‬هذا‭ ‬التنمر‭ ‬لا‭ ‬يظهرون‭ ‬في‭ ‬الشوارع،‭ ‬بل‭ ‬يختبئون‭ ‬خلف‭ ‬الشاشات‭.‬

البعض‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬الاكتئاب،‭ ‬الانعزال،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬إيذاء‭ ‬نفسه،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يلاحظهم‭ ‬أحد،‭ ‬لأن‭ ‬‮«‬الضرب‮»‬‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬جسديًا،‭ ‬بل‭ ‬نفسيًا‭.‬

لماذا‭ ‬يصمت‭ ‬المجتمع؟

في‭ ‬ثقافتنا،‭ ‬لا‭ ‬يُؤخذ‭ ‬التنمر‭ ‬بجدية‭ ‬كافية‭.‬

يُقال‭ ‬للضحية‭: )‬خلي‭ ‬روحك‭ ‬قوي،‭ ‬كلام‭ ‬في‭ ‬الإنترنت‭ ‬بس‭(.‬

لكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬آثار‭ ‬التنمر‭ ‬الرقمي‭ ‬قد‭ ‬تدوم‭ ‬طويلًا،‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬علاج‭ ‬ودعم‭ ‬نفسي‭.‬

الأخطر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬المتنمرين‭ ‬أحيانًا‭ ‬أطفال‭ ‬أو‭ ‬مراهقين‭.‬

يتعلمون‭ ‬الإساءة‭ ‬مبكرًا،‭ ‬ويظنون‭ ‬أن‭ ‬الإنترنت‭ ‬مساحة‭ ‬“بدون‭ ‬حساب”‭. ‬وهنا‭ ‬تبرز‭ ‬مسؤولية‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬التربية‭ ‬الرقمية،‭ ‬والمدرسة‭ ‬في‭ ‬غرس‭ ‬ثقافة‭ ‬الاحترام،‭ ‬والدولة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬قوانين‭ ‬صارمة‭.‬

ما‭ ‬نحتاجه‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬إنترنت‭ ‬سريع،‭ ‬بل‭ ‬وعي‭ ‬أسرع‭.‬

وعي‭ ‬بأن‭ ‬خلف‭ ‬كل‭ ‬صورة‭ ‬حساب،‭ ‬هناك‭ ‬إنسان‭.‬

وأن‭ ‬‮«‬إرسال‮»‬‭ ‬تعليق‭ ‬ساخر‭ ‬قد‭ ‬يعني‭ ‬تدمير‭ ‬نفسية‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬الطرف‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الشاشة‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى