ليبيا العقد الجميل المزدان بالحضارات منذ مئات السنين ليبيا الآثار البلد الذي وثقت فيه مدنه الخمس (لبدة وشحات وصبراته وغدامس واكاكوس) أجمل مشهد يتجلى لحضارة حفرت تفاصيلها في المسارح وعلى الأعمدة والأقواس والمعابد ليبيا الكنز الماضي والحاضر بتماثيلها وعملاتها ونقوشها ومدنها الضاربة في الأعماق ورغم ما تملكه من موروث ثقافي وحضاري جعلها محل اهتمام وبحث لم تسلم من أعمال النهب والتخريب والسرقات والعبث بمقدراتها بل ولم يُكشف الستار عن مئات المواقع الأثرية، التي لازالت مغمورة تحت مياه البحر المتوسط، شمالاً، أو تحت رمال الصحراء الشاسعة في الجنوب، والتي هي الأخرى عرضة للنهب والتهريب والعبث من تجار الآثار وشبكات التهريب.
(ح .ع) أحد سكان مدينة صبراته الواقعة بالغرب الليبي التي كانت تعتد مركزًا تجاريًا فينيقي لمرور منتجات أفريقيا الداخلية والتي شكلت حزءًا من المَّملكة النوميدية الزائلة قبل أن تتحول إلى الرومانية والتي أعيد بناؤها في القرنين الثاني والثالث اخبرنا عن تجاوزات تحدث في المدينة الآثرية ووجود تجار لقطع وعُملات أثرية تباع من دون ادنى خوف.
التجارة الالكترونية
لم يكن ما قاله (ح.ع) وحده ما آثار قلقنا ودفعنا لتتبع أمر الآثار المسروقة وتعريبها بل وجود تجار يبيعون القطع الاثرية في السوق المفتوح عبر صفحات (السوشيل ميديا) وعلى (الفيس بوك) تحديدًا هو ما دفعنا لكشف جزء مما يحدث من سرقة ونهب وتخريب للآثار المسروقة في أكثر من بقعة في بلادنا حاولنا التواصل مع أحد التجار الذين يعرضون قطعًا اثرية ومنحوتات يعود عمرها لـ500سنة من خلال صفحات (الفبس بوك) و(الماسنجر)ولكن قطع التاجر تواصله معنا عندما سألته عن طريقة وصولها إليه وهل يعلم قيمتها الثقافية والحضارية بعد أن كان قد حدّد سعرًا للقطعة يفوق الـ2000دينار.
ولأن الأمر ليس بالهين وأمر الاتجار مرتبط بشبكات متخصصة داخل البلاد وخارجها الوصول إلى أحدهم يعد أمرًا ليس بالهين وبعد محاولة تجميع عدد من الصور لمعروضات السوق الإلكتروني تحصلنا على تقريرنشره موقع (الجمعية الأميركية للبحوث الخارجية) بتمويل من المكتب الخارجي لسفارة الولايات المتحدة في ليبيا، حول (حالة التجارة غير المشروعة ونهب الآثار الليبية)، وقد شمل التقرير الفترة الممتدة من سنة 2011 إلى حدود سنة 2020.
ويذكر التقرير أن المدى الجغرافي لهذه التجارة يمتد إلى ما هو أبعد من ليبيا، فإذا تتبعنا طرق التهريب، فهي تصل إلى وسطاء في البلدان المجاورة مثل تونس ومصر، لتنتهي ببيوت المزادات الفنية الدولية وشبكة من هواة جمع التحف الفنية في جميع أنحاء الشرق الأوسط والخليج وأوروبا والولايات المتحدة).
يلجأ مهربو الآثار إلى طرق عدة لتجاوز الحظر المفروض على بيع الآثار الليبية والاتجار بها. فبالإضافة إلى اللجوء إلى السوق السوداء والتجار السريين، تبنّى هؤلاء وسائل التواصل الاجتماعي – خاصة فيسبوك – لبيع آثار سرقوها أو حصلوا عليها بالصدفة أو من خلال التنقيب غير القانوني.
التقارير الدولية
بعيد ثورة 2011، تم تقييد الاتجار في الآثار بشكل عام. وأمام هذا التحدي، فتحت الشبكات الاجتماعية أبواباً جديدة لسماسرة بيع وشراء قطع أثرية نادرة.
ومن بين الآثار الأكثر رواجًا، العُملات المعدنية التي يزيد عمر بعضها عن 100 عام في ليبيا، وأكثر ما يسهل انتشار هذا النَّوع من التجارة هو وفرة هذه القطع الأثرية الصغيرة وسهولة نقلها، والتربح منها.
وأكد التقرير أن البائعين يلجأون إلى مجموعات على (فيسبوك) من أجل عرض هذه السلع، وفور ظهور مشترٍ يتم التفاوض معه مباشرة حول السعر وطريقة الاستلام. وقد تصل مثلاً عملة رومانية برونزية كبيرة إلى 400 دينار ليبي، أي حوالي 66 دولارًا، بأسعار السوق السوداء الحالية، وهو أجر نصف شهر لموظف عادي في ليبيا، حسب التقرير.
ولكي تتضح الصورة أكثر توجهنا إلى مصلحة الآثار طرابلس للسيد محمد الشكشوكي الذي استقبلنا رغم انشغاله وأوضح لنا بعضًا من استفساراتنا حول الآثار الأكثر عرضة للسرقة بعد 2011 وكيف تعاملتْ المصلحة مع المسروقات؟.
ذكر بان موضوع الاتجار بالاثار المسروقة موضوع كبير وشائك لا نعانيه نحن فقط بل العالم اجمع يعاني من سرقة الآثار والاتجار بها وهو موضوع قديم ومنذ فترة زمنية بعيدة.
واوضح أن موضوع الآثار المسروقة ينقسم إلى أكثر من شق فلدينا مكتب بالمصلحة باسم مكتب الآثار المهجرة أو المسروقة أي المسروقة تنقسم لقسمين والمهجرة تعني التماثيل التي هجرت من الأراضي الليبية منذ فترات قديمة من العهد العثماني الأول والفترة الإيطالية حينما قام مجموعة من الولاة.
بإهداء بعض القطع والتماثيل والآثار إلى دول وشخصيات أخرى؛ وهذه للأسف كانت قبل 1970أي قبل اتفاقية «اليونيسكو» الخاصة بحظر الاتجار بالآثار الثقافية وبالتالي لا ينطبق عليها الأمر لأنها تمتْ في فترة قبل الاتفاقية؛ وهذا النَّوع استرجاعه يتم بالتفاوض بين الدول، وهذا هو السبيل الوحيد لاسترجاعها
هل استطاعت المصلحة استرجاع قطع وآثار مهجرة؟
لدينا حصر شبه كامل للآثار التي هجرتْ في فترات تاريخية من خلال مستندات ووثائق وبعض الكتابات من خلال ارشيف المصلحة الإداري وقد استطاعت المصلحة استرجاع مجموعة من القطع من خلال التفاوض المباشر مثل تمثال (افريديت شحات)، و(افريديت لبدة) كلاهما استرجعوا من إيطاليا أحدهم كان مهدياً من الحاكم الإيطالي في فترة الحكم الإيطالي لليبيا (بابلو)، وهذا تم في التسعينيات وبداية الالفين؛ وحديثاً السنة الماضية استرجعنا رأس (فنسطينا الصغرى) كان قد نُهب أثناء فترة الحرب العالمية الثانية في الاربعينيات عن طريق القوات الألمانية و وجد طريقه للنمسا وبالتعاون بين مصلحة الآثار والخارحية الإيطالية تم استرجاع هذا التمثال.
هذا فيما يخص المهربة وماذا عن المسروقة؟
المسروقة هي أما أن تكون مسجلة وموثقة في المتاحف والمخازن أو المواقع الأثرية وتحمل بطاقات وامكانية استرجاعها سهل جدًا لأنها مسجلة وتحمل بطاقات هوية يعمَّم عليها، ويتم متابعتها في الداخل والخارج وقد استرجعنا تمثالاً سُرق في التسعينيات من صبراته وهو «رأس دونتيلا» في 2012 وبمجرد عرضه تم التبليغ عنه واسترجع وفق المستندات المقدمة أما الاشكالية التي تواجه مصلحة الاثار هي الاثار المسروقة والمهربة عن طريق عمليات الحفر غير المشروعة في المناطق النائية أو محيط المدن الاثرية والتي انتشرت بشكل كبير بعد الـ2011 ولحسن الحظ أن هذا النوع من السرقات كان لطراز معين سهل علينا عملية استرجاعها والمطالبة بها و90 % من القطع للمؤلهة (برسفوني) ربة العالم السفلي في الثقافة الاغريقية ويمتاز بهذا الطراز إقليم قورينا هذا يعني أن منطقة شحات ومحيطها وهو سهل استرجاعه لأن التصميم استدل عليه من الفترة الزمنية والمكان حتى من دون بطاقة ومن 2011 ونحن نسعى لاسترجاع ما يتم عرضه في دور العرض والتبليغ عنه من خلال شبكة علماء الاثار التي تتعاون معنا حول العالم يتم التبليغ من خلالهم ونحن نتخذ ما يلزم من اجراءات
كيف تعاملتم كإجراءات مع الآثار المسروقة في فترة الحرب؟
أصدرت المصلحة في 2012/2013بطاقة حمراء باعتبار أن لثار ليبيا ضمن مناطق النزاع وصفنا فيها التماثيل المعرضة للسرقة وكان على رأسها هذا التمثال ولازلنا بصدد استرجاع قطع من اسبانيا وقد استرجعنا تماثيل من المملكة البريطانية صحبة السيد رئيس الوزراء في زيارته الاخيرة وايضا من فرنسا باريس تحديدا هربت في 2011 وللاسف هناك بعض القطع موجودة في (إسرائيل) ايضا.
من الجهة التي يتم من عبرهات الاسترجاع؟
وزارة الخارجية إدارة التعاون بالدرجة الأولى والانتربول، ولازلنا نسعى لاسترجاع ما يبلغ عنه وفق إجراءات قانونية وإدارية.
مصلحة آثار طرابلس
وعن تورط شبكات وجماعات في السرقات والتهريب للتماثيل والآثار من الحجم الكبير ؟
أضاف السيد محمد بان تهريب الآثار يعد من الجرائم أي مصنَّفة عالمياً كثاني تجارة بعد المخدرات والبشر؛ فهي تصنف تجارة عالمية ومن المؤكد وجود شبكات وعصابات محترفة فيه أسواق مصدر ومناطق عبور ومناطق وأسواق بيع أي خريطة لعملية الاتجار وبيعها وتهريبها وقد ارتبطت مؤخرًا بالارهاب حيث ينقب عنها وتباع كغسيل أموال يتم بها شراء أسلحة واستخدامها في العمليات الارهابية
وحينما سألناه عن القانون الليبي المادة (3) 1995الذي يجرم الاتجار بالاثار هل يعد ناقصًا ومتهاونًا من خلال عدم تغليظ العقوبة على التجار والمهربين المتورطين؟، ثم اردف بانه قانون محدث ولكن لم تراع فيه العقوبات بالشكل الفاعل والرادع في السابق كانت ليبيا دولة أمنية بامتياز لهذا لم يشدَّد على العقوبات لأن السرقات والتهريب كان مضبوطاً اكثر ويحدث بنسب أقل أما الآن فالوضع مختلف ونحن بلاد مثل العراق وسوريا ضمن مناطق نزاع وتحديث وتطوير القانون أمر ضروري ووجود نيابة خاصة بالآثار ضمن مجموعة نيابات صار لزاماً وقد تعهد النائب العام إيجادها وفق اجتماعنا معه بخصوص الآثار ومشاكلها ونحن بدورنا نسعى لتقديم رؤية وتصور لتعديل هذا القانون
القانون الليبي ومواده القاصرة
ولكي تكون الصورة اقرب واوضح بحثنا في القانون الليبي رقم (3) لعام 1995وفي جانب العقوبات المتعلقة بالاتجار وتهريب الآثار والعبث فيها ووجدنا وفق:
الفصل الخامس العقوبات مادة (51) انه
أ) يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف دينار ولا تجاوز عشرين ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من خالف أحكام المواد (7، 8، 14، 16، 17، 18، 19، 20، 1/25) من هذا القانون.
ب) ويحكم على المخالف برد الشيء إلى أصله، تحت إشراف الجهة المختصة وذلك في المهلة التي تحددها له.
ج (كما يحكم بمصادرة المضبوطات محل الجريمة.
وكذلك مادة (52)
يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد على سنة واحدة وبغرامة لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد على (5000) د.ل أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام بطمس أي معلم تاريخي، سواء بمحيه، أو طمره، أو تقويض جزء منه، أو قام بتشويه أي معلم تاريخي سواء باستبدال عناصره المعمارية الأصلية، بعناصر أخرى غير أصلية، أو بإدخال إضافات أو تغييرات حديثة عليه.
مادة (53)
يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن (2000 د.ل) ، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تسبب بشكل مباشر في استغلال أي عقار أثري أو تاريخي، لغرض تجاري أو حرفي أو سكني دون إذن رسمي صادر له وقد وجدنا فعلاً أن القانون الليبي بهذه العقوبات التي تعد غير رادعة يمكن التجار والمستغلين من تهريب وسرقة الآثار لعدم قوة وقسوة العقوبة والتي استغلها التجار بشكل جيد واستخفوا بها
المنظمات الدولية
وعن دور المنظمات الدولية ومتابعتها لتجارة الآثار وحفظ الموروث الثقافي من السرقات في ليبيا مكتب «اليونسكو» بطرابلس أكد لنا (التجربة أثبتت أن ثمة خطراً داهماً يهدد الآثار خلال الاضطرابات الاجتماعية)،و أن (هذه التجربة علّمتنا أن هناك عمليات نهب يقوم بها أشخاصٌ تضر بسلامة القطع الأثرية والمواقع الأثرية). وأن منظمة «اليونسكو» سارعت منذ بداية الحرب إلى التحرك باتجاه الدفاع عن الآثار في ليبيا، حيث ساهمت بورشات عمل، في العام خلال السنوات الماضية، في مجال مكافحة سرقة الآثار الليبية، خاصة بعد تزايد حالات السرقة. والتي كان أشهرها سرقة «الكنز القوريني» الذي يضم مجموعة من قطع العُملات الذهبية والفضية والعقيق والقلائد والأقراط والتماثيل البرونزية الصغيرة من المصرف التجاري ببنغازي في مايو 2011.
ولكي نعرف أكثر ماذا حل بكنز بنغازي سألنا السيد أحمد حسين رئيس مصلحة الآثار الليبية عبر التواصل معه هاتفياً والذي حدثنا بان كنز بنغازي نعتقد بانه ضُبط في مصر ومحرَّر في نيابة غرب الاسكندرية والدور يقع على وزارة الخارجية لإتخاذ الاجراءات الأولية للشروع في فتح الحرز و التأكد من مطابقته للكنز ومن ثم الشروع في إجراءات الاسترجاع وأما عن الاوضاع في الفترات الاخيرة قال بعد عام 2017 الوضع جيد و لم تسجل أي عملية سرقة في المخازن أو المتاحف بالمنطقة الشرقية.
وبخصوص الآثار المهربة والمسروقة التي تعرض على (الفيس بوك) قال :
أعمال النهب و تهريب الآثار تتم مما يستخرج بواسطة الحفر غير الشرعي من المواقع النائية في بطون الأودية و الحيازات الخاصة والتي لا يمكن لرجال مصلحة الآثار الوصول إليها إلا بصحبة رجال الشرطة السياحية وحماية الآثار التابعين لوزارة الداخلية. والأخيرة مقصرة جدًا في دعم الجهاز الذي أصبح في حكم الميت؛ وما يتم تهريبه من قطع أو سرقته يعد من القطع المستخرجة غير مسجلة لدينا و لذلك نتابعها في الأسواق المحلية وصالات العرض الدولية لايقاف بيعها وقد نجحنا في ايقاف بيع مئات القطع في دول الاتحاد الاوروبي وأمريكا والدول الآسيوية.وعن ما استرجع قال :
وفي أحدى عملية استرجاع للآثار الليبية المسروقة، ألقتْ إدارة البحث الجنائي بمدينة شحات، القبض في الـ11 من نوفمبر 2020 على شخص بحوزته مجموعة من القطع الأثرية تضمنتْ عددًا مهمًا من العُملات المعدنية ورأسي تمثالين، وقد أحيلت القضية إلى النائب العام وحُكم على الجاني بالسجن.
■ انتظروا ماذا قال الباحث التاريخي رمضان الشيباني عن الآثار المسروقة والمسترجعة؟
■ وبماذا رد جهاز الشرطة السياحية وحماية الآثار؟
■ وماهي أكبر عملية سرقة تمت؟ وأين؟
■ كل هذا في الجزء الثاني من التحقيق فانتظرونا