إجتماعيتقارير

بين العصر والرقمنة ولمسات الزمن الجميل

مفتاح الصغير

 

العيد لمة واللمة فرحة، والفرحة لا تكتمل إلا بوجود الأهل والأحباب..

قبل سنوات كان حوش العيلة عامر بالكبار والصغار, وبالكعك والحلاوات، وبالضحكة والكلمة الحلوة..

ومع عشية العيد يبدأ التزاور بين الجيران والاقارب، والكل مبسوط وفرحان، وكان من نتيجة هاللمة الحلوة، والتزاور المبارك، تصفية القلوب، وجبر الخواطر، والارتباط  الأسري والمجنمعي، وكم من أسرة كان أساسها تعارف وإعجاب في لمة عيد..

ومع التقدم التقني وثورة المعلومات، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، طال التأثير والتغيير عاداتنا وتقاليدنا، وصارت المسافات قريبة، والقلوب بعيدة.. وبدل اللمة في حوش العيلة، صار قروب الـ(فاميليا) عالواتساب او المسنجر وكل واحد في مكانه..

وسائل التواصل الاجتماعي أو السوشيال ميديا، صارت الاكثر استخداما من الجميع، سواء في العمل أو الدراسة، أو في الامور الاجتماعية من  تهاني وتعازي وتواصل، ومعها صار التباعد المجتمعي خاصة في ترابط الاجيال، وغرس المفاهيم والقيم المجتمعية، فاتسعت الهوة بين الأجيال، وأصبحت هناك حالة من الاغتراب الذاتي بين أفراد المجتمع..

المجتمع الليبي الذي كان قبل عقود قليلة منغلقا على نفسه إلى حد كبير خاصة من الناحية الاجتماعية، والذي سار لقرون على عادات وتقاليد، كانت مصدر تميزه، صار بين ليلة وضحاها لا يعبأ كثيرا بتلك التقاليد والعادات، وساعده في ذلك انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والتأثر بالثقافات الاخرى، والآثار المترتبة لهذا التأثير والتأثر على الهوية الليبية..

ومثلما طال التأثير الهوية الليبية في الملبس والمآكل والمسكن، فقد طالها أيضا في العادات والتقاليد والعرف الاجتماعي المتبع..

كان أغلبنا في الاعياد والمناسبات الدينية والاجتماعية حريصين على التزاور وعيادة المريض والمعايدة على كبار السن وصلة الرحم، والآن صرنا نكتفي برسالة من بضع كلمات، جافة لا حياة فيها، ما أبعدنا عن التجسيد الحقيقي لماهية العيد، والغاية المرجوة منه ..

وصارت وسائل التواصل الاجتماعي مكانا نمارس فيه غرورنا، ونغطي فيه نقصنا، ونتفاخر على غيرنا، وصارت تفاصيل حياتنا اليومية وحياة أسرنا منشورة عبرها، وهو أمر مستغرب على مجتمع يدعي المحافظة والترابط الاجتماعي.. ما جعل الصمت سيد الموقف في مجامعنا على تعرر مسمياتها , والملاحظ في سوريالية الفضاء الازرق  لوك المصطلحات دون ادراك ابعادها الدفينة مثل .. دير له رنة و تو نكلمه حتى بالهاتف , ليش تمشيله لحوشه اتصل بيه , الخ من التداعيات التي تحيلنا الى هوة كبيرة بين النفوس قبل الاجساد .

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى