تقارير

تكريم.. وتجريم

تقرير.. مفتاح المصباحي

عملت الشركة العامة للكهرباء منذ تأسيسها سنة 1984 على إنجاز كافة المهام الملقاة على عاتقها، من إنتاج الطاقة الكهربائية، وتوزيعها ونقلها، وإيصالها إلى كافة مناطق البلاد، التي بحجم قارة، ورغم تضاريسها المختلفة، من أودية وجبال وصحارى ممتدة على مدى النظر..

ورغم المساحة الكبيرة لليبيا، وامتيازها بساعات سطوع شمسي طويلة، وحركة رياح نشطة في كافة فصول السنة، إلا أن إنتاج الطاقة الكهربائية فيها/ لا زال مقتصرا على الوقود الاحفوري، حيث تمتلك ليبيا أكبر احتياطي نفطي على مستوى القارة الأفريقية.. ولم يتم استغلال المناخ في إنتاج الطاقة الكهربائية، رغم المؤتمرات والندوات وورش العمل الخاصة بإنتاج الطاقة من البيئة، وما نتج ع ذلك من دراسات وأبحاث وتوصيات وخطط عمل ظلت حبيسة الأدراج والأدمغة..

أموال صرفت وإدارات توالت فمن يحاسب؟!

بلاد بحجم قارة وشركة كهرباء وحيدة!!

موارد كثيرة والمصدر الوحيد للكهرباء هو النفط

ظروف صعبة

ومشاكل ومعوقات..ونجحت الشركة في مهمتها

وبالعودة إلى المساحة الجغرافية الكبيرة التي تتربع عليها ليبيا، إلا أن المسؤول الوحيد عن إنتاج الطاقة الكهربائية ونقلها وتوزيعها هي الشركة العامة للكهرباء، وهو أمر يجعل الحمل ثقيلاً على إدارة الشركة في متابعة كافة تفاصيل عمليات الإنتاج والتوزيع والنقل والجباية، وكذلك الصيانة والعمرة، وتوفير مواد التشغيل، وتحديث وزيادة المحطات الإنتاجية والتحويلية والقدرات، وتأمين كل ذلك..

ورغم بعض المحاولات السابقة لتحويل الشركة العامة للكهرباء إلى شركة قابضة تضم شركة للإنتاج وشركة للنقل وأخرى للتوزيع، إلا أن ذلك لم يتم..

وبالنظر إلى كل المشاكل والمعوقات التي تواجه الشركة في سبيل إنجاز المهام الموكلة لها على أكمل وجه، فإن مشكلة إنتاج الكهرباء وارتفاع الطلب عليها ليست بالوليدة، بل هي مشكلة قائمة منذ أكثر من عقدين..

ونظرا للأحداث التي مرت وتمر بها البلاد منذ العام 2011 وحتى الآن، فأن الصعوبات التي تواجه الشركة زادت وتفاقمت، في ظل حروب واشتباكات تندلع بين الحين والآخر، والانقسام السياسي، وعدم استقرار الحكومات، وتأخر اعتماد الميزانيات، وضعف وتلاشي جباية الإيرادات المستحقة عن استهلاك الكهرباء..

ومع كل ما سبق إلا أن الشركة استمرت بتقديم خدماتها، رغم ما يواجهه العاملون بها من مصاعب وعوائق وصلت أن دفع بعضهم حياته مقابل أداء عمله وتوفير الخدمة للمواطن، ناهيك عن ازدهار سوق بيع النحاس الذي أوجد فئة ضالة فاسدة تمتهن سرقة خطوط نقل الطاقة الكهربائية وبيعها خردة.. ولم تكن تجارة المولدات المنزلية ببعيدة عن كل ذلك، فهناك من يشير إليها بالاتهام في زيادة ساعات طرح الأحمال، وإجبار المواطن على شرائها، رغم عدم توفر دليل قاطع على ذلك، في غياب تحقيقات شفافة، وصحافة استقصائية فاعلة..

وبالرغم من تركيز كل الحكومات السابقة والحالية على ملف الكهرباء، وتغيير إدارات الشركة لعدة مرات، وصرف الأموال الطائلة للشركة، وإبرام العقود مع شركات من كل حدب وصوب، إلا أن ذلك لم يأت بنتيجة تذكر، وبقي الحال كما هو عليه، مجرد وعود وصرف أموال، وإدارة تغادر لتأتي أخرى.. 

إلا أن تكليف الإدارة الجديدة للشركة عكس كل التوقعات، ونفض الإحباط المزمن القابع على صدر المواطن، الذي لاحظ ولمس التغير الحقيقي والايجابي في ملف الكهرباء من حيث استقرار الشبكة الكهربائية، والتغلب على الذروة الشتوية دون أحمال تذكر، وسرعة الاستجابة من الشركة لكل ما يطرأ عليها من تغييرات او مشاكل.. 

وليس ذلك فقط، بل عملت الشركة على جباية الإيرادات المستحقة على استهلاك الكهرباء بطريقة سلسة ومريحة للمواطن، وذلك من خلال إسقاط كل الديون السابقة عن المواطن شريطة اشتراكه في المنظومة المصرفية للجباية، وفي ذلك استفادة للطرفين، حيث برأت ذمة المواطن في الديون المستحقة عليه، ولم يتم ارهاقه بدفع الديون المتراكمة منذ سنوات، سواء الفعلية أو التقديرية، وكذلك تحصيل إيراد شهري ممتاز للشركة من خلال المصارف العاملة وبكل أريحية، ما يساعدها على إنجاز أعمالها ودفع مرتبات العاملين بها، بالإضافة لذلك، فقد بدأت الشركة في تركيب منظومة العدادات ذات الدفع المسبق، التي ستساهم بشكل فعّال في ترشيد استهلاك الكهرباء..

وهنا وجب التنويه بل المطالبة من كافة المواطنين والجهات الرسمية بتكريم الإدارة الحالية للشركة العامة للكهرباء، التي نجحت وفي وقت قصير في العمل على استقرار الشبكة الكهريائية، وزيادة قدرتها الإنتاجية، في وقت فشلت إدارات سابقة كثيرة، في إنجاز المطلوب منها رغم ما توفر لها من دعم وإمكانات وأموالٍ طائلة، الأمر الذي يحتم تفعيل التحقيقات والمحاسبة على ذلك من الجهات المختصة، وتجريم من قصّر في أداء عمله، وفي خدمة المواطن الليبي، وبالمثل تكريم من أكرم المواطن الليبي، وعمل جاهدا على توفير سبل الراحة له، وإنجاز ما كُلّف به على أكمل وجه، وضمير واتقان..

آن الأوان ليقال للمحسن أحسنت، وللمسيء أسأت..

 موظف سابق بالشركة العامة للكهرباء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى