رأي

“شرط النسيب الكاره”

أمين مازن

ليستْ الدعوة الرسمية التي شملتْ بعض مَنْ وصفوا بأبناء رجال دولة الاستقلال في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي، وقبل حلول المناسبة بما لا يزيد على اليومين ليضمهم فضاء ريكسوس بالعاصمة، تزيد عن كونها محاولة من المحاولات التكتيكية لكسب هذا الصنف من الذين طالما دفعتهم عفتهم وقد نقول تردد أكثرهم عن المشاركة في الحراك الذي عمَّ المدينة عقب إجراء الانتخابات النيابية وما ترتب على نتائجها من الخلاف الذي تطور إلى كل ما أضرَّ بالوطن، فرأت سياسة العلاقات العامة أن تسعى إليهم الآن بواسطة هذه الدعوة ليشاركوا في الاصطفاف من ناحية، وقد تدفعهم بعض الطموحات إلى التنافس حول أحقية الوراثة المعنوية والمنتظر من وهم عائدها، وإذا كان الحضور قد تم بين أكثر من منشط أُريد من ورائه كما لا يخفى على كل متتبع واعي التوسع في أوجه الصرف الذي تُسوِّغه عادة مثل هذه الاحتفاليات التي تعود تاريخيا إلى الذكرى العاشرة لدولة الاستقلال والتي حال دون تكرارها الفاتح من سبتمبر بعقوده الأربعة واحتفالاته التي كثيرا ما ازدانت بالحضور العربي، حتى أن أهم التنظيمات التي لم نكن بعيدين عنها لا تحظى بالاهتمام اللائق إلا من خلال إعطائها الطابع العربي، فقد عمدنا إلى توسيع الدائرة وتوظيفها لما يفيد المثقف الوطني وليس العكس، حتى أن مفردات هذا التنوع وحق الاختلاف ولو داخل الدائرة ما كانت لِتُمَرر دون حساسية لولا الحضور العربي الذي طالما زاد من رصيد القوى التقدمية بالذات، وما ذلك إلا لأنهم لم يتخلوا عن خصوصيتهم ولم يخفوا اختلافهم مع الكثير من المقولات المعادية للتعددية والمشيطنة للحزبية والأمثلة المؤيدة لصحة ما نعنيه هنا أكثر من أن يتسع لها المقام، ومن هنا فإن أول الأولويات لهؤلاء المستهدفين بالدعوة، لا فرق أن يكون الحضور أصالة أو بالوكالة هو أن يحذروا من إعطاء الأمر أكثر مما يحتمل، فهو في أحسن الفروض مجاملة من المجاملات السياسية، إن استبعدنا التفسير الأول، أما إذا ذهب طموح البعض إلى أكثر من ذلك فليبدأوا من البداية التي تحرك بها ذلك الجيل فأسس التجمعات السياسية المعروفة بالأحزاب وتحملت الكثير في سبيل الاستقلال فكافأها النظام الملكي بالإلغاء، وفتح لها النظام الجماهيري السجون، فلتكن قبلة الجميع مشاريع الأحزاب وتفعيلها بمزيد الالتفاف والدعم والمساندة لتحقيق الخيار الانتخابي بشقيه الرئاسي والنيابي ،والتصدي الحازم لكل المحاولات الرامية لتأجيله وإطالة عمر الحكومتين سواء كانت الموازية أو كثيرة المكلفين، أما ربط التخلي عن السلطة بالقوانين المرضية للجميع فليس أكثر من شرط النسيب الكاره كما يقول أهلنا في أمثالهم عن كل من يبرر رفضه بالطلبات الصعبة أو المستحيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى