الاولىتقارير

عروس البحر تختنق.. أسعفـوها

 

 

سُمَيتْ مدينة طرابلس بعروس البحر المتوسط لجدرانها البيضاء وجمالها ونظافتها تقتضى القوانين المعمارية التي كانت تطبق حرفياً في بلدية طرابلس أن تُدهن جدران جميع المباني باللون الأبيضوالنوافذ والأبواب بأحد اللونين الأزرق الخفيف أو الأخضر وتصطف الأشجار الدائمة الخضرة على جانبي شوارع المدينة والطرق الرئيسة والفرعية تظلّل الأرصفة وتلطف الهواء وتزود المارة بالأكسجين وتجلب الغيث  فى تناسق مبهر عروس ليلة زفافها.

ألوان موحدة وتصميم ثابت ارتفاع جميع المبانى السكنية لا يزيد على ثلاثة طوابق والكثير منها تلفه حديقة من جميع الجهات .. كل شخص يسكن داخل حدود المدينة له الحق في ثلاثين متراً مربعاً من الفضاء حول المبني إضافة إلا أن مواقف سيارات السكان يجب أن تشغل جزءًا من الأرض المسقوفة أى داخل المباني.. الأرصفة والطرقات ملك للجميع ولا يحق لأحد شغلها أو حجزها أو إعاقة المارة مهما كانت الأسباب  جميع السكان يساهمون فى صيانة والحفاظ على مظهر العمارات دون حاجة إلى تدخل السلطات المحلية ..البلديات …..

 

القوانين المعمارية تكفل كل ذلك إضافة إلى تحديد العلاقات بين السكان: مثلاً .. أعمال الصيانة مقننة بحيث تقتصر على ساعات محددة ولا تبدأ إلاَ بتصريح من البلدية بمواصفات ثابتة .. عملاً بقانون المباني المشتركة .. لا تتعارض مع ساعات الراحة والعطلات ولا تتعدى القدر الذى يؤدى إلي انتهاك الحقوق والحريات العامة .. «حرية كل فرد فى المجتمع تنتهي عند بدئ حرية الآخرين» ..

لكل هذه المواصفات والقيود أسباب مدروسة ومعللة .. اللون الأبيض يبرره مناخ البلاد فهو أقل الألوان امتصاصا للحرارة واللونين الأخضر والأزرق أرفق الألوان بالنظر .. تحديد عدد الأدوار ناتج عن ضعف ضغط الماء وغاز المدينة (عندما كان مستعملاً) وندرة الخبرات الفنية لصيانة المصاعد .. الامتداد الأفقي للمدن افضل بكثير من النمو العمودى .. نظرة خاطفة والتدبر في مساوي العمارات التي تنتشر فى جميع المناطق السكنية في ليبيا تعزز ذلك .. ليبيا مجتمع محافظ .. تشييد العمارات بالكيفية الحالية يؤدى إلي مشاكل اجتماعية وخيمة العواقب .. فى كل المناطق التي شيدت فيها مجمعات سكنية متراصة تكاد تمد يدك لتسلم على جارك فى العمارة المقابلة .. فالمرأة مهما حاولت أن تتستَر يأتي يوم تسهو فيه وتفتح أحدى النوافذ لتصطدم بأحد الجيران وجهاً لوجه فينسلخ قناع الحياء إلي الأبد .. أسباب أخرى لا تقل أهمية .. لو شب حريق في إحدى هذه العمارات تتأثر كل العمارات المجاورة .. لو أنقطع التيار الكهربائي على عمارة تتأثر كل العمارات القريبة .. لو انسدت المجارى لإحدى العمارات يتأذى سكان جميع العمارات القريبة .. أى ضجة مثل أعمال الصيانة أو فرح أو ترح يحل بأسرة في إحدى العمارات (والليبيون دون استثناء يجاهرون بمناسباتهم لدرجة تدعو للسخرية) يصل تأثيرها إلي الحي بأكمله ..

لا يُوجد مبرر للنمو العمودى فليبيا مساحتها شاسعة والتطوير العمراني يجب أن يقتصر علي الامتداد الأفقي … هناك دول محدودة المساحة ومكتظة بالسكان ومعظم سكانها يعيشون في منازل محدودة الارتفاع .. مثلاً : ألحقت الحرب العالمية الثانية الدمار بجل المدن البريطانية .. لحل مشكلة السكن المزمنة عمدت السلطات البريطانية بعد انتهاء الحرب مباشرة إلي تشييد آلاف العمارات الشاهقة .. بعد أقل من عشر سنوات من بنائها أتضح أن المشاكل الاجتماعية التي سببتها التجمعات السكانية المكتظة فى مساحات محدودة أكثر ضرراً علي المجتمع مما تسببه إليه نذرة المساكن .. فدُمرت جميع هذه العمارات .. واُستبدلت بمجمعات سكنية لا تتعدى الدورين فى وحدات من أعداد محدودة من البيوت المتلاصقة .. أقتصر استغلال المباني الشاهقة الارتفاعات علي الاستعمالات التجارية والإدارية .. الفنادق .. المصارف .. الشركات .. المكاتب العامة والخاصة … السكن المؤقت أثناء أيام العمل الأسبوعي أو للموظفين والعمالة الأجنبية ..

المناطق الخضراء .. كانت عروس البحر تعيش مطمئنة في ظل حزام من الغابات الدائمة الخضرة يصل عرضه إلى 35 كم .. يمتد على شكل هلال، من الشرق إلى الغرب، يفصلها عن المناطق الرملية ويصد العواصف الرملية .. ويُوفر لها أكسير الحياة – الأكسجين – ويجلب لها الغيث .. كُنت تسير فى ظل أشجار «اليكالبتوس» الضخمة حتى تصل إلى بداية طريق أبوغيلان مروراً بالعزيزية التي لا زالت تحتل الرقم القياسي لأعلي درجات الحرارة المسجلة في العالم (58 درجة مئوية في الظل) .. ومع ذلك تشعر كأنك تمر بمدينة مكيفة الهواء من كثافة أشجار «اليكالبتوس».

عمد الاستعمار الفاشي إلى مسح جميع الأراضي الليبية التي سيطر عليها لمعرفة الصالحة منها للزراعة من غيرها .. تبين أن مساحات شاسعة تحيط بالساحل لا تصلح للزراعة فخُصصت لزراعة الغابات ..

لو كانت هذه المناطق تصلح للزراعة لما فضَل المعمَرون الفاشيون مناطق مثل الجبل الغربي وترهونة للزراعة على الأراضي الساحلية الواقعة تحت حماية قواتهم .. مُعظم أشجار الغابات التي غرسها ورعاها الاستعمار أثناء سنوات الاحتلال .. وتلته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة بمسح وغرس باقي الغابات التي اختفت خلال سنوات الظلام والتخريب بأيدي ليبية  وأغلبها لا زال منهمكاً في غيه من الفساد .. مأساة بيئية لم يسبق لهل مثيل … بعد عقود من التخريب والإهمال خلعت عروس البحر الأبيض المتوسط  ثوب الزفاف وارتدت عبايات الحزن .. انقلبت إلي غابات من الأسمنت المسلح .. وجبال من القمامة المتعفنة تلوث الطرقات وتخنق الصدور وتسد النفوس بالهواء النتن، والمجاري المسدودة تحول شوارع المدينة إلى غدران من المياه القذرة متى من علينا الحق جل في علاه بشيء من الغيث .. المباني التي حولها القصف إلي أنقاض وأكوام من الرمال والحجارة وأسلاك الحديد الملتوية وحطام الزجاج المبعثر في كل مكان لم تزاح منها ولا حبة رمل واحدة .. وبلايين الدينارات تهدر دون جدوى .. عروس البحر حولها أهلها إلي مزبلة ومكب لنفايات وخردة أوربا .. مأساة أخلاقية إنسانية بيئية لا تصدق ولا يعرف أحد أو يفكر كيف ولا متى المخرج منها .. الحكومة الليبية الجديدة من مختلف الجنسيات .. بمعني آخر .. ليبيون بجنسيات أجنبية يعملون نيابة عن الدول صاحبة المصالح فى ليبيا .. في انتظار ظهور مرشح ليبي (وطني مخلص لم يستطيع أحدٌ شراء ذمته، لم يلمَعه أحد ولم تزكيه دول أجنبية، يعشق ليبيا والليبيين ويحب الخير للجميع، يكره الدنيا وزخرفها ولا يخاف أحدٌ سوى الحق جل في علاه) تهمه مصلحتها ومستقبل شعبها لا يقبل عنهما بديلاً .. يضحي  بكل ما يملك في سبيلهما حتى بروحه .. حتى ذلك الحين عظم الله لكم الأجر في ليبيا الحبيبية .. ليبيا البلد الوحيد الذى يدمره أهله من الداخل طواعية  ورغبة ملحة متأصلة للعبث والتخريب ..

لماذا اهتمام العالم بما فيه دول المناطق الاستوائية التي تغطيها أوسع غابات الأرض وأكثرها كثافة تصل إلى مليارات الأميال المربعة، وعند الجميع الأشجار مقدَسة يعاقب القانون على بتر شجرة منها .. السبب أن الحياة على هذا الكوكب تعتمد كلياً على المناطق الخضراء كمورد وحيد لتعويض ما نتنفسه ونحرقه من الأكسجين .. لذلك بدأت عروس البحر الأبيض المتوسط – طرابلس – تختنق ، لقد أتي سكانها طواعية علي جل المناطق الخضراء .. فوصل مخزُونها من الأكسجين إلي حد النفاذ .. للأشجار فوائد جمة تفرض علينا غرسها وحمايتها بكل ما نملك من الوسائل … للأشجار فوائد  أهمها إفراز الأكسجين .. الأشجار تنق الهواء من ثاني أكسيد الكربون  ..  والأشجار أهم العوامل الطبيعية لجلب الغيث .. حماية المدن من زحف الصحراء والعواصف الرملية (مصدات للرياح) .. مكافحة التصحر .. وهي «مصيدة» لتنقية الهواء من الغبار .. الترويح عن النفوس المتعبة لذلك سُميت الحدائق العامة والغابات منتزهات .. خلع حلة من البهجة والجمال علي شوارع وطرق البلاد .. للعناية بالأشجار وصحة الناس والهواء .. يتعين صياغة وأحياء القوانين الصارمة وتنفيذها بكل دقة وإخلاص لحماية الشجرة والأخذ بكل حزم لردع الأيدي العابثة عن قطع الأشجار .. فالشجرة هي سر الحياة على هذا الكون دون منازع ..

تعمل منظمات الأمم المتحدة بالتعاون مع سلطات الغابات في جميع دول العالم – عدا ليبيا – والمؤسسات الغير حكومية للمحافظة على ثروة الأرض من الغابات وتجند معظم دول العالم حرس خاص لمراقبة الغابات وتسخَر الأقمار الصناعية ومحطات أرضية دائمة لمحاربة تجارة الأخشاب الغير شرعية وتعقد مؤتمرات دورية لمعرفة جدوى ما تنفقه في هذا المجال .. وهي في صراع دائم مع شركات وتجار الأخشاب، وترصد لذلك ميزانيات هائلة لدعم مراكز المراقبة وتغطية تكاليف الأقمار الصناعية المتخصصة ..  إذا اختفت الغابات الاستوائية وباقي المناطق الخضراء من علي وجه الأرض تصبح الحياة مستحيلة علي هذا الكوكب ..

خلاصة القول .. تبقى الغابات المصدر الأهم للأكسجين على الأرض ورئتى الكون التي لا تتوقف عن ضخ الأكسجين في الجو، وجميع المخلوقات مُدانة للأشجار بسر حياتها..

المهندس : عياد علي السباعي

يمكن أن يواجه الليبيون مشكلات مائية وشيكة إذا بقيت القضايا البيئية مهملة

 

ذكرتْ صحيفة (عرب نيوز) اليومية أن بعض المصادر تصف النهر الصناعي بأنه من أكبر المشروعات في العالم، ينقل 2.5 مليون متر مكعب من المياه يوميًا في عام 2017 ، بما يشكل 70 % من المياه العذبة المستخدمة في ليبيا.

وأضافت الصحيفة أن مدينتي بنغازي وطرابلس وغيرهما من المدن تعتمد على شبكة إمدادات المياه المعقدة والتي عانت الاهمال الشديد خلال الحرب الأهلية .

قالت الناشطة «ملاك الطيب» : إن التقليل استهلاك المياه وتوسيع استخدام محطات تحلية المياه وتطوير السياسات المائية يمكن أن تقلَّل الاعتماد على النهر الصناعي؛ وتقلّل من ندرة المياه في ليبيا وهي خطوة حاسمة إذا كانت البلاد تسعى إلى تجنب كارثة بيئية.

بالإضافة إلى تجديد السياسات الداخلية الليبية ومن المرجح أن تحتاج السلطات الليبية إلى دعم من المجتمع الدولي لمواجهة التحديات الموازية للفيضانات وندرة المياه.. من المحتمل أن يكون إصلاح محطات تحلية المياه المتضرَّرة وبناء محطات جديدة مكلفًا أيضًا، مما يتطلب أموالًا كثيرة.

قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 3.2 مليون دولار لمساعدة السلطات الليبية في توزيع المساعدات الإنسانية على المناطق المنكوبة، أرسلت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ، التي غالبًا ما يتم اختصارها إلى USAID ليبيا 31.3 دولارًا لتلبية الاحتياجات الإنسانية التي تشمل المياه والصرف الصحي في أعقاب فيضانات البيضاء قدم الاتحاد الأوروبي أيضًا المساعدة إلى ليبيا.

وبقدر ما تبدو هذه المبادرات واعدة، فإن تحذير «اليونيسف» الأخير بشأن ندرة المياه يشير إلى أنه سيتعين على الأمم المتحدة، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والاتحاد الأوروبي بذل المزيد إذا كانوا يعتزمون معالجة هذه القضية البيئية على المدى الطويل وبالمثل، فإن استعداد ليبيا للفيضانات القادمة سيتطلب مساعدة خارجية مستمرة للدولة الواقعة في شمال إفريقيا لتقديم مساعدة سريعة لسكانها.

في العام الماضي اجتمع فريق ليبيا المتنامي باستمرار من أصحاب المصلحة المحليين للتوصل إلى وقف إطلاق النَّار مما قلّل من الهجمات على النهر الصناعي، ومحطات تحلية المياه، والبنية التحتية الأخرى.

وأشارت الصحيفة إلى أن ايجاد حل طويل الأمد للقضايا البيئية في ليبيا وفي مقدمتها الفيضانات وندرة المياه سوف يحتاج إلى موافقة الحكومة الليبية، والقوى الإقليمية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى