رأي

كل من هب ودب

■ محمد الرحومي

من‭ ‬ثقب‭ ‬الباب

لم‭ ‬تعد‭ ‬الكتابة‭ ‬النقدية‭ ‬مجدية‭ ‬لحل‭ ‬عقد‭ ‬الأزمات‭ ‬والاشكاليات‭ ‬التي‭ ‬ترهق‭ ‬حياة‭ ‬المواطن‭ ‬الليبي‭ ‬تحديدا‭.. ‬كما‭ ‬لن‭ ‬تجدي‭ ‬حلقات‭ ‬ومناكفات‭ ‬طوابير‭ ‬الخبز‭ ‬أو‭ ‬البنزين‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬القضايا‭ ‬بالشكل‭ ‬المهني‭ .. ‬لذا‭ ‬كان‭ ‬سرد‭ ‬الواقع‭ ‬المعاش‭ ‬لكل‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬والأزمات‭ ‬وسيلة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصحفيين‭ ‬والمتخصصين‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬قراءة‭ ‬حقيقة‭ ‬مايحاك‭ ‬ومايدور‭ ‬من‭ ‬عبث‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬ومكتسبات‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬الطيب‭ ‬حد‭ ‬الهوس‭.. ‬او‭ ‬مناقشة‭ ‬أي‭ ‬قضية‭ ‬تمس‭ ‬حال‭ ‬المواطن‭.. ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬ساحاول‭ ‬سرد‭ ‬ماستوقفني‭ ‬خلال‭ ‬اليومين‭ ‬الماضيين‭ ..‬بداية‭ ‬كنت‭ ‬قاصدا‭ ‬احد‭ ‬براريك‭ ‬الخضار‭ ‬المنتشرة‭ ‬على‭ ‬حواف‭ ‬الطرق‭ ‬بشكل‭ ‬لن‭ ‬تجده‭ ‬في‭ ‬اي‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬اصل‭ ‬الي‭ ‬مافضلت‭ ‬منها‭ ‬استوقفني‭ ‬شاب‭ ‬ثلاثيني‭ ‬تقريبا‭ ‬وعلى‭ ‬الفور‭  ‬لبيت‭ ‬طلبه‭ ‬وتوقفت‭ ‬علني‭ ‬اكون‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬بالمعروف‭ .. ‬تفاجأت‭ ‬بأن‭ ‬الشاب‭ ‬يعرفني‭ ‬وعلى‭ ‬الفور‭ ‬سألني‭ ‬عن‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬ومدى‭ ‬صمودها‭ ‬وجدواها‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬فوضى‭ ‬صناعة‭ ‬المحتوى‭ ‬المنفلث‭ ‬تماما‭ ‬كمياه‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي‭ ‬في‭ ‬ضواحي‭ ‬العاصمة‭.. ‬أخبرته‭ ‬بأنها‭ ‬لازالت‭ ‬صامدة‭ ‬ووفية‭  ‬تسير‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬مواز‭ ‬النشر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬رغم‭ ‬إشكالية‭ ‬النشر‭ ‬المتواصلة‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الساحات‭ ‬الصحفية‭ ‬العربية‭ ‬والعالمية‭ ..‬

تحدثنا‭ ‬بعدها‭ ‬عن‭ ‬تسريبات‭ ‬رفع‭ ‬الدعم‭ ‬عن‭ ‬البنزين‭ ‬ومالها‭ ‬وماعليها‭ ‬من‭ ‬مصائب‭.. ‬كما‭ ‬طرحنا‭ ‬قضايا‭ ‬الفساد‭ ‬وملفات‭ ‬النائب‭ ‬العام‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالسراق‭ ‬الذين‭ ‬يمزقون‭ ‬جسد‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬ويسرقون‭ ‬رغيف‭ ‬خبز‭  ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬دون‭ ‬اي‭ ‬وازع‭ ‬اخلاقي‭ ‬ولا‭ ‬ديني‭.. ‬تداولنا‭ ‬أيضا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬والأحداث‭ ‬التي‭ ‬تقشعر‭ ‬منها‭ ‬الأبدان‭ ‬بسبب‭ ‬حجم‭ ‬هذا‭ ‬الفساد‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬والثقة‭ ‬المفقودة‭ ‬بين‭ ‬الشعب‭ ‬والحكومات‭ ‬وكأننا‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬متلفز‭ ..‬

لحظات‭ ‬وغادرني‭ ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬الممتليء‭ ‬بحسرة‭ ‬الواقع‭ ‬ورمادية‭ ‬المستقبل‭.. ‬توقفت‭ ‬بعد‭ ‬لحظات‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬براريك‭ ‬الخضرة‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬لأجلها‭.. ‬ومن‭ ‬مساويء‭ ‬الصدف‭ ‬التي‭ ‬جعلتني‭ ‬اتناسى‭ ‬كل‭ ‬مادار‭ ‬من‭ ‬حديث‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬الشاب‭ ‬هو‭ ‬انني‭ ‬وجدت‭ ‬عاملين‭ ‬مصريين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المحل‭ ‬المبنى‭ ‬من‭ ‬صفائح‭ ‬وخشب‭ ‬كان‭ ‬ملقى‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬شواطئنا‭ ‬حيث‭ ‬سأل‭ ‬احدهم‭ ‬رفيقه‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬إنشاء‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬البناية‭ ‬وإقامة‭ ‬مشروع‭ ‬بيع‭ ‬الخضار‭.. ‬فاجابه‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تفكير‭ ‬ولا‭ ‬تهويل‭ ‬العملية‭ ‬بسيطه‭ ‬ياكدع‭ ‬إنت‭ .. ‬أهم‭ ‬حاجه‭ ‬مش‭ ‬حتخسر‭ ‬شيء‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬رأسمال‭ ‬لامصاريف‭ ‬ولا‭ ‬حاجة‭ ‬وحيكون‭ ‬الربح‭ ‬مضمون‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬خسارة‭.. ‬فقط‭ ‬ابحث‭ ‬عن‭ ‬شريك‭ ‬ليبي‭ ‬يحميك‭ ..‬فعلا‭ ‬نحن‭ ‬شعب‭ ‬يحمي‭ ‬سراقه‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬ويساهم‭ ‬في‭ ‬زراعة‭ ‬بذرة‭ ‬الفساد‭.. ‬هؤلاء‭ ‬يمثلون‭ ‬قضية‭ ‬كبيرة‭ ‬مخجلة‭ ‬لم‭ ‬يلتفت‭ ‬لها‭ ‬القضاء‭ ‬ولا‭ ‬المحاكم‭ ‬ولا‭ ‬النائب‭ ‬والنواب‭ ‬ولاهم‭ ‬يحزنون‭..  ‬نحن‭ ‬فعلا‭ ‬كما‭ ‬وصفونا‭ ‬شعب‭ ‬طيب‭ ‬أوي‭..‬

إننا‭ ‬نؤدي‭ ‬السنن‭ ‬كاملة‭ ‬وننسى‭ ‬الفرائض‭..‬

إلى‭ ‬متى‭ ‬تضل‭ ‬قضايا‭ ‬الشارع‭ ‬الليبي‭ ‬خارج‭ ‬سقف‭ ‬مسؤوليات‭ ‬حكومتنا‭ ‬ووزرائنا‭ ‬المحترمين‭ ‬جدا‭.. ‬لماذا‭ ‬أصبحت‭ ‬مشاكلنا‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬الدعم‭ ‬او‭ ‬استلام‭ ‬المنافذ‭ ‬وليست‭ ‬فيما‭ ‬يحدث‭ ‬أمام‭ ‬منازلنا‭ ‬وعلى‭ ‬والأرصفة‭ ‬المجانية‭ ‬ومن‭ ‬أناس‭ ‬مجرده‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬أرقامنا‭ ‬الوطنيه‭ ‬من‭ ‬المذنب‭.. ‬الشعب‭ ‬أم‭ ‬الحكومة؟‭!‬

سؤال‭ ‬يحتاج‭ ‬لمن‭ ‬كان‭ ‬إيجابيا‭ ‬لوطنه

كونوا‭ ‬بخير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى