رأي

ما ينفع النَّاس و يمكث في الأرض

 

أمين مازن

باشرتْ الأطراف الدولية المؤثرة تواصلها مع السلطة الليبية الجديدة بشقيها الرئاسي والحكومي مجسدة ذلك في زيارات قام بها ممثلوها القياديون أحياناً، واستقبال خُص به بعض من تسنت دعوتهم أحياناً أخرى، محدَّدين مستهدفات هذا التواصل بمفردات شديدة الوضوح حملت الحرص على الاستقرار واستتباب الأمن و وقف إطلاق النَّار والحرص على انجاز العملية الإنتخابية رئاسةً و نواباً في موعد لا يتجاوز مختتم هذه السنة، وبالجملة ما اصطُلِحَ على تسميته بخارطة الطريق التي تم بموجبها آخر العمليات التوافقية التي أقرتها الأمم المتحدة عندما بلغت أقصى مراحل فاعليتها في عهدة المندوبة بالوكالة «ستيفاني ويليامز» بتشكل المجلس الرئاسي ثلاثي الرؤوس و حكومة منفصلة أنجزت شراكة بالمستويين الجغرافي و المرجعي وفقاً للمنصوص عليه في أول اقتراع، فتبين من ذلك كله أن العملية الإنتخابية خيارٌ لا رجعة فيه و أن كل دسترة لها لن توفر الذرائع التي يحلم بها البعض لكسب الوقت و إعادة مهزلة سلطة الأمر الواقع، تلك التي تزامن كشف سواد صفحاتها المالية بإماطة اللثام عن تقرير ديوان المحاسبة.

لقد تبين بما لا يدع مجالاً للشك أن الاتصالات التي تمت و تتم بين الكبار قد أدخلت المعضل الليبي ضمن حساباتها و أن ترك ليبيا كمصدر للإزعاج والسماح لبعض المغامرين بها أن يعكروا صفو هذا البلد أو ذاك لم يعد مقبولاً، و أن ما طُرِحَ  و يُطرَح حول المرتزقة إنما يعني مرحلة جديدة ضمن استحقاق عالمي وليس في عداد المحلّي، أي أن ما جاء على لسان الرئيس الفرنسي في حديث مع الأفارقة حول ليبيا وردود السيد موسى الكوني الواضحة في الخصوص لم تكن مجرد كلمات أملتها مراسم الزيارة، وإنما هي المصلحة الأكبر والإلتزامات الأشمل والمكاشفة التي لا مكان فيها للتلاعب بين القول والفعل و دونما خشية من أن يتسرع متسرع فيرى في الإشادة بهذا الحراك والذي ليس خارجه رصدنا لمقابلة الجانب التركي يوم الجمعة كدليل على استثمار الوقت والحرص على عدم إضاعته في العُطَل، و أن المشترك الكبير مع الطرف التركي لا مجال للتقليل من جدواه أو التحسس من إعطائه الأولوية، فما من تصرُّف إلا وله أكثر من وجه و ما من سلطة وطنية ناجحة إلا و تملك التفريق بين الزبَد الذي يذهب جفاءً والآخر الذي (يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى