رأي

نجاح مصدق تكتب.. يا جارة الوادي

كلـمات ..

بين الحين والآخر تصر ذاكرتي المنهكة على استحضار وترديد بعض الأبيات أو الأغاني التي لها وقعٌ خاصٌ داخلي، فمثلاً :

يا جارة الوادي طربتُ وعادني

ما يشبه الأحلام من ذكراك

مثلت في الذكرى هواك وفي الكرى

والذكريات صدى السنين الحاك

ولقد مررتُ على الرياض بربوة

غناء تحيا لها ألقاك

(جارة الوادي) القصيدة التى نظمها أحمد شوقي وابدع في رسم صورها حفظتها الذكرة وخزنت كايقونة للجمال تسابق على غنائها محمد عبد الوهاب وفيروز ونور الهدى، وظلت كلما سمعناها مصدرا للطرب وجمال المعنى

الجاره والجيران مفردة ذات وقع خاص تكررت مرارا في الشعر والقصائد المغنى حتى اني عندما استعيد بعض من الاغاني التي مازلت احتفظ بها متضمنة هذه المفردة إلا ووجدتها مخزنة في وعينا الجمعي وذاكرتنا ليبييون وعرب

جاره ياجاره، وجاري ياحموده ونحن والقمر جيران، ووليش ليش ليش ياجاره، ووغيرها من الاغاني التي حضر بعضها وخانتني ذاكرتي في استحضار جلها كانت ولازالت تصر على اشعارنا بقيمة هذه العلاقة وما يتبعها من مشاعر وما ينشأ عنها من قصص  هي ليست علاقة جوار سطحية خالية من الروح كما هو الان حيث اصبحنا جميعا سجناء المكعبات الاسمنتية والاجهزة المسافرة  يصبنا التقوقع وتتكلس علاقاتنا بمن يشاركنا جدران بيوتنا او مداخل شققنا لايعلم احدنا عن الاخر شيء الا عرضا لا بل هي علاقة حب والتصاق هي لذى البعض وسادة للاوجاع متكىء وكتف وصناديق اسرار متبادلة مربوطة بالود والثقة والدفء كانت تغني الرفقة وتعوض الاهل وتؤنس الغربة

اليوم زارني نسيم تلك الصورة عندما التقيت بالسيدة التي تسكن مقابل بيتي جارتي من المفترض سبعينية العمر متعثرة الخطى  تحمل بيديها كيساً فيه زيت زيتون وتمر واناء مغطاء اخبرتني بان جارتها بالمنزل الملاصق ببيتها عشرة عمرها ورفيقة رحلة في هذا الشارع مسافرة للعلاج في تونس بعد الوعكة الصحية التي المت بها

دموعها وخوفها وكمية القلق المسيطرة عليها تجلت حينما التقيتا على باب المنزل واحتضنت كل منهما الاخرى بقوة قيل فيها مالا يمكن ان يقال على سمع الابناء والعيون الراصدة ودعت  الجارة جارتها بالدعوات والوصايا التي كشفتها النظرات وايقنت

كم نحن قساة وباردة قلوبنا وكم هم طيبون ودافئة حياتهم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى