
مع حلول شهر رمضان المبارك استعدت ليبيا لاستقبال هذا الشهر كبقية الدول العربية والإسلامية خاصة لما يتمتع به هذا الشهر من خصوصية تميزه عن بقية أشهر السنة الأخرى وكعادة جميع مدن ليبيا وتحديدا في طرابلس استعدت جميع شوارع مدينة الزهر والحنة لاستقبال هذا الشهر فتزينت معظم الشوارع والأزقة بزينة رمضان والاسواق التى اخرجت ما في جعبتها من بضائع من مواد غذائيه وخضروات ولحوم ومواد منزليه«التى نستطيع ان نطلق على هذه الأخيرة بهوس الليبيات» جولة بسيطة تجعلك تنتعش بعبق التوابل الطرابلسيه «الفايح» ولكن ستلاحظ كذلك مدى الضيق والحيرة المرتسمة على وجوه الكثير من المارة حين يسأل البائع بكم هذا ؟؟؟ وعند معرفة الإجابة يرمي بيده وكان نارا قد لسعته !!! فالوجوه مرسومه عليها عشرات الأسئلة لا تجد إجابات لها والكل يردد مع أول يوم من رمضان امتا تنزل المنحة،؟؟؟ المحنة سحبتها المصارف لسداد القرض وامتى الرواتب ؟؟؟ و شنو صار في شهر 2 ؟؟ صرفوه او مازال؟؟؟ اسئله كثيره وكثيره صعبة من شأنها أن تحل وضع أصعب في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخضروات واللحوم أثقل كاهل المواطن الليبي وجعله بين مطرقة الطلب وسندان الأسعار الملتهبة في ظل التضخم الحاصل وتأخر رواتب الذي جعل الكثير من المواطنين لا يشعرون بفرحة هذا الشهر الفضيل بسبب عجزهم عن سداد احتياجات أسرهم ،«فالجيب فارغ مقابل رفوف عامره» فأسعار اللحوم الوطنية قفزت بسعر خيالي والقهوة كذلك والفواكه ومعجون الطماطم والبطاطا التي تصر على تصدر المشهد الاقتصادي ولعل هذا ما جعل في المقابل تنتشر في الآونة الأخيرة ظاهرة جميلة بقيام بعض المتبرعين بإيجاد نقاط لتوزيع وجبات إفطار وذلك بإعداد وجبة يتم توزيعها على المحتاجين وغير المحتاجين كذلك مثل ما يتم في كل سنة في منطقة تاجوراء باعداد «بازين بالفول و رشدة البرمة» لتتبعها منطقة سوق الجمعة وابو سليم لتتحول بذلك معظم المناطق فى ليبيا، خلال شهر رمضان إلى ساحة نابضة بالحياة والتكافل، حيث تتجلى أسمى قيم التعاون والعطاء بين أبنائها. في كل زاوية من مدنها وقراها، تمتد أيادي الخير لتضيء ليالي المحتاجين، وتتحول الشوارع إلى لوحات رمضانية يملؤها الأمل والبركة فمع بداية الشهر، تبدأ عجلة الخير بالدوران. المبادرات الفردية والجماعية تكتسح البلاد، والجمعيات الخيرية تتنافس في تقديم الدعم للأسر المحتاجة. الأسواق تتحول إلى مراكز لجمع التبرعات، والمدارس تفتح أبوابها لاستقبال المساعدات .. ولكن يبقى ماينغص هذا المشهد الجمالى هو الارتفاعً الملحوظً في أسعار المواد الأساسية، حيث قفزت أسعار الأرز، الدقيق، السكر، زيت الطهي، معجون الطماطم، والكسكسي بشكل كبير، فيما زادت أسعار اللحوم والدواجن بأكثر من 20%، شاملة لحوم الخروف المحلي، الأبقار، والإبل.والدواجن
ولم تقتصر الأزمة على ذلك، فقد ارتفعت أسعار الخضروات بنسبة 10%، ما أضاف عبئًا إضافيًا على المستهلكين الذين يعتمدون بشكل أساسي على هذه السلع في وجباتهم اليومية خلال رمضان.
ورغم أن مصرف ليبيا المركزي قام بفتح اعتمادات مستندية للتجار لجلب مستلزمات رمضان، إلا أن الأسعار لا تزال مرتفعة..ولربما السبب الرئيسي لاستمرار ارتفاع الأسعار هو عدم استقرار سعر صرف الدولار في السوق السوداء، مما يؤثر على تكلفة الاستيراد بشكل مباشر.” كما يردد معظم التجار حيث أن الأسعار ترتفع سنويًا مع حلول رمضان نتيجة زيادة الطلب الموسمي واستغلال بعض التجار الفرصة لرفع الأسعار. وعدم استقرار سعر الصرف، يؤدي ضعف الرقابة الاقتصادية إلى تفاقم الأزمة. كما أن اضطراب سعر الصرف يزيد من تكاليف الاستيراد، مما يثقل كاهل المستهلكين.. ويطرح الخبير الاقتصادي محمد مسعود في حديثه لأحدى القنوات ( بعض الحلول الممكنة لمواجهة هذه الأزمة، من بينها:
1 – تعزيز الرقابة على الأسواق لمنع الاحتكار والتلاعب بالأسعار.
2 – تفعيل الدعم للمواد الأساسية خلال شهر رمضان.
3 – استقرار سعر الصرف من خلال سياسات نقدية فعالة.
4 – تشجيع الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد.
5 – إنشاء أسواق موازية أو تعاونيات توفر السلع بأسعار مدعومة للحد من المضاربة.. وفى المقابل لاننكر بأنه في شهر رمضان نساهم نحن كموطنين فى تعزيز بعض العادات استهلاكية ، يترافق معها ارتفاع بأسعار عديد من السلع الأساسية، بينما يأتي الشهر هذا العام في ظل ضغوطات اقتصادية واسعة، على أثر ارتفاع معدلات التضخم وكذلك تاخر صرف رواتب المواطنين اشهر فبراير وتاخر صرف منحة الابناء وانعكاساتها
ويعد ارتفاع الأسعار تحدياً كبيراً يثقل كاهل الأسر في عديد من البلدان العربية ليس فى ليبيا فقط خلال هذا الشهر، لا سيما وأن هذه الارتفاعات تتفاقم في ظل تأثر الاقتصادات بعوامل داخلية وخارجية متنوعة؛ يشمل ذلك التوترات الجيوسياسية والتأثيرات السلبية التي تنتج عنها على الأسواق العالمية.
فمع اقتراب شهر رمضان، تتغير العادات الاستهلاكية بشكل ملحوظ، حيث يُقبل الناس على التسوق بشغف كبير، سواء لشراء مستلزمات الطعام أو تجهيز المنازل والديكورات الخاصة بهذا الشهر الكريم
ولكن يبقى السؤال الموازى لارتفاع الأسعار وهو : هل هذا التسوق ضرورة حقيقية أم مجرد حماس زائد تدفعه العروض المغرية والإعلانات المؤثرة؟
مع أن التسوق جزء لا يتجزأ من استعدادات رمضان، يمكننا تحويل هذه العادة إلى فرصة لتعزيز الوعي الاستهلاكي. عبر تحديد الأولويات، تجنب الشراء العاطفي، والاستفادة من العروض بحكمة، يمكننا الاستمتاع بروح الشهر الكريم دون إرهاق ميزانياتنا.
في النهاية، التسوق في رمضان يمكن أن يكون ضرورة، لكنه يصبح مشكلة حين يتحول إلى تصرف مدفوع بالعاطفة أو التأثر بالعروض الإعلانية. المفتاح هو الوعي والتخطيط، حتى نجعل من رمضان شهرًا للتوازن، وليس للاستهلاك الزائد فى مقابل جيب فارغ واسعار ملتهبة !!