رأي

الملح على الجرح

هاشم شليق

أجبرتْ‭ ‬سلسلة‭ ‬الانقلابات‭ ‬في‭ ‬غرب،‭ ‬ووسط‭ ‬أفريقيا‭ ‬آلاف‭ ‬المهاجرين‭ ‬الجدد‭ ‬على‭ ‬الفرار‭ .. ‬وقد‭ ‬مر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصفهم‭ ‬ممن‭ ‬وصلوا‭ ‬إلى‭ ‬الشمال‭ ‬عبر‭ ‬دولة‭ ‬النيجر‭..‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬غالبيتهم‭ ‬ليسوا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬البلد‭..‬وأحد‭ ‬أسباب‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬تدفق‭ ‬هي‭ ‬تعليق‭ ‬عضوية‭ ‬بلدان‭ ‬الانقلاب‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي‭ ‬مما‭ ‬وضع‭ ‬الدول‭ ‬المعنية‭ ‬في‭ ‬عزلة‭..‬بدل‭ ‬التعامل‭ ‬بفعالية‭ ‬مع‭ ‬هكذا‭ ‬ظروف‭..‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬القارة‭ ‬لها‭ ‬تجارب‭ ‬سابقة‭ ‬ولم‭ ‬تستفد‭ ‬من‭ ‬قرابة‭ ‬200‭ ‬محاولة‭ ‬انقلاب‭ ‬عبر‭ ‬تاريخها‭..‬وهنا‭ ‬لسنا‭ ‬بصدد‭ ‬سرد‭ ‬خلفيات‭ ‬وقوعها‭..‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬تتمثل‭ ‬استراتيجية‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬تدفقات‭ ‬المهاجرين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ايقافهم‭ ‬من‭ ‬المصدر‭..‬حيث‭ ‬قال‭ ‬كبير‭ ‬دبلوماسيي‭ ‬الإتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬أن‭ ‬حدود‭ ‬أوروبا‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬بل‭ ‬جنوب‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬الأفريقي‭..‬لكن‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬تمويل‭ ‬أوروبي‭ ‬محدود‭ ‬لإقامة‭ ‬مشاريع‭ ‬تنموية‭ ‬ضمن‭ ‬برنامج‭ ‬الإتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬أسباب‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭..‬وبدورها‭ ‬فإن‭ ‬المفوضية‭ ‬السامية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لشؤون‭ ‬اللاجئين‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الميزانية‭ ‬المطلوبة‭..‬ووفق‭ ‬المعطيات‭ ‬لن‭ ‬يتم‭ ‬تخصيص‭ ‬مبالغ‭ ‬كافية‭ ‬للتنمية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬المنظور‭ ‬بسبب‭ ‬تداعيات‭ ‬حرب‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭..‬ولغياب‭ ‬الثقل‭ ‬الأفريقي‭ ‬الجماعي‭ ‬نتيجة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬الحدود‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬القارة‭..‬

بما‭ ‬انه‭ ‬توجد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬مما‭ ‬افسح‭ ‬المجال‭ ‬امام‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬القارة‭ ‬والصراع‭ ‬على‭ ‬بسط‭ ‬النفوذ‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬وأحيانا‭ ‬من‭ ‬مدخل‭ ‬الاستثمار‭..‬وبدلا‭ ‬من‭ ‬التفات‭ ‬الجميع‭ ‬الى‭ ‬العوامل‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬الى‭ ‬عدم‭ ‬استقرار‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬أفريقية‭ ‬وأهمها‭ ‬عدم‭ ‬استفادة‭ ‬شعوبها‭ ‬من‭ ‬ثرواتها‭..‬نرى‭ ‬العالم‭ ‬يرش‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الملح‭ ‬على‭ ‬الجرح‭ ‬بمطالبته‭ ‬القارة‭ ‬بالمساهمة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭..‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬تنتج‭  ‬3‭% ‬فقط‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الانبعاثات‭ ‬العالمية‭ ‬ولكن‭ ‬بسبب‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬أصبحت‭ ‬أفريقيا‭ ‬المنطقة‭ ‬المتضررة‭ ‬أكثر‭..‬فقد‭ ‬باتت‭ ‬حالات‭ ‬الجفاف‭ ‬الشديد‭ ‬والفيضانات‭ ‬الغزيرة‭ ‬متواترة‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬مما‭ ‬يهدد‭ ‬المستوى‭ ‬المنخفض‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية‭ ‬والإسكان‭ ‬والزراعة‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الهجرة‭..‬كما‭ ‬توجد‭ ‬اسثمارات‭ ‬قليلة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬الجديدة‭ ‬حيث‭ ‬نجد‭ ‬3‭% ‬من‭ ‬الإجمالي‭ ‬العالمي‭ ‬تتم‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭..‬واليوم‭ ‬تتلقى‭ ‬القارة‭ ‬12%‭ ‬فقط‭ ‬من‭  ‬التمويل‭ ‬اللازم‭ ‬لمكافحة‭ ‬أسباب‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭..‬علما‭ ‬بأنها‭ ‬تمتلك‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬60‭% ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬موارد‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬في‭ ‬العالم‭..‬وأخيرا‭ ‬فإن‭ ‬أفريقيا‭ ‬بما‭ ‬عندها‭ ‬هي‭ ‬قارة‭ ‬الند‭ ‬للند‭ ‬ولن‭ ‬يطول‭ ‬تركها‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬المرغم‭ ‬لا‭ ‬البطل‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى