رأي

هوتنا وهويتنا

صالح قدر بوه

هوتنا‭ ‬وهويتنا

هناك‭ ‬هوة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ردمها‭ ‬بين‭ ‬التحضر‭ ‬وادعائه،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فرقا‭ ‬هائلا‭ ‬بين‭ ‬التمدن‭ ‬وانتحاله،‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نعيَ‭ ‬أن‭ ‬التحضر‭ ‬والتمدن‭ ‬ليسا‭ ‬سمة‭ ‬تكتسب‭ ‬من‭ ‬السكنى‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬أو‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬إلى‭ ‬جهة،‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقيم‭ ‬والعقل‭ ‬والعلم،‭ ‬فكم‭ ‬من‭ ‬ساكن‭ ‬مدينة‭ ‬لا‭ ‬يفكر‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬سرقة‭ ‬مال‭ ‬الآخرين‭ ‬ويسير‭ ‬بمبدأ‭ ‬مصلحته‭ ‬وإلا‭ ‬فليتدمر‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حوله‭.‬،‭ ‬ويستخدم‭ ‬انتسابه‭ ‬لجهة‭ ‬أو‭ ‬لقب‭ ‬علمي‭ ‬يدعى‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬انتهاز‭ ‬الفرص‭ ‬والغش‭ ‬وتحطيم‭ ‬المنافسين‭ ‬أو‭ ‬الخصوم‭.  ‬بينما‭ ‬قد‭ ‬يسكن‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬الريف‭ ‬أو‭ ‬البادية‭ ‬لكن‭ ‬يحب‭ ‬النظافة‭ ‬والشجر‭ ‬والورد‭ ‬والعمران‭ ‬الجميل،‭ ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬باحثا‭ ‬وعالما‭ ‬وأديبا‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مؤمنا‭ ‬بضرورة‭ ‬العلوم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬جعل‭ ‬الأيام‭ ‬أفضل‭ ‬والآلام‭ ‬أقل‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬تغير‭ ‬من‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬الجهم‭ ‬حين‭ ‬أسكنه‭ ‬الملك‭ ‬القصور‭ ‬هو‭ ‬القشور،‭ ‬لكن‭ ‬القيم‭ ‬في‭ ‬الوفاء‭ ‬وحماية‭ ‬الضعيف‭ ‬والشجاعة‭ ‬في‭ ‬الحق‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬غائبة‭ ‬عنه‭ ‬حين‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬البدو،‭ ‬وحبذا‭ ‬لو‭ ‬اجتمعت‭ ‬نبالة‭ ‬أخلاق‭ ‬أهل‭ ‬الريف‭ ‬والبادية‭ ‬مع‭ ‬أفق‭ ‬وحساسية‭ ‬أهل‭ ‬المدن‭ ‬والحصر‭ ‬لتشكل‭ ‬إنسانا‭ ‬ومجتمعا‭ ‬جيدا‭ ‬منتجا‭ ‬ذا‭ ‬ضمير‭ ‬وقيم،‭ ‬ما‭ ‬سينعكس‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬صحيح‭ ‬ونبذ‭ ‬النفاق‭ ‬والتلاعب‭ ‬بالقانون‭ ‬واستباحة‭ ‬ما‭ ‬للغير،‭ ‬فالمجتمع‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬نهج‭ ‬الصدق‭ ‬والعدل‭ ‬والمساواة‭ ‬وتكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬وإعمار‭ ‬الوجدان‭ ‬والمكان‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬الزمان‭ ‬بما‭ ‬يليق‭ ‬بمستقبل‭ ‬وجيل‭ ‬سيأتي‭ ‬ليكمل‭ ‬لا‭ ‬ليكتب‭ ‬عنا‭ ‬مثل‭ ‬قول‭ ‬نزار‭ ‬قباني‭: ‬خلاصة‭ ‬القضية‭ ‬توجز‭ ‬في‭ ‬عبارة،‭ ‬لقد‭ ‬لبسنا‭ ‬قشرة‭ ‬الحضارة‭ ‬والروح‭ ‬جاهلية‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى