رأي

عواشة تشكر في خوها و حتى خوها يشكر فيها

 

امين مازن

 

‎بثت الفضائيات المنتشرة في سمائنا الليبية النبأ المتعلق بتقديم الميزانية المزمع إنفاقها خلال الفترة التي يفترض ألا تتجاوز السنة والتي ستنتهي في ديسمبر القادم إذا ما قُدِّرَ للانتخابات النيابية والرئاسية أن تُنجَز, في رقم قارب المائة مليار من الدينارات وفي أجواء من التفاؤل بأن يتم الإفاء بالتوافق المُنتظر لصون حقوق الأضلاع الثلاثة المؤمل منها تكوين المثلث الوطني, الأمر الذي دفع على ما يبدو إلى تكليف ديوان المحاسبة القريب من الرئاسة المذكورة لمراجعة تقديرات هذه الميزانية وأوجه صرفها, على الرغم من أن المراجعة يُفترض أن تتم بعد الصرف للوقوف على أوجه المخالفة, أما تعليل ذلك فمرده لكون هذه الميزانية مقدمة من سلطة توافقية اعتمد تشكيلها من المجلس المذكور وأقسم أعضاؤها بجلسته العامة و وسط تعهدات بعدالة التوزيع للأموال والمناصب على السواء, أي أن المستهدف هو درء الإجحاف قبل حدوثه وليس التناحر بعد عقب حدوثه, ومن هنا كان الإنطباع العام منصرفاً إلى ضخامة الرقم الذي بلغته هذه الميزانية, والتي جاءت من غياب النظرة المتعلقة بعدم التنبّه إلى الموارد المترتبة على سعر الصرف وما تستوجبه من حماية المواطن من أهوال التضخم للأعداد المهولة من المواطنين المعتاشين على جدول مرتبات القانون رقم (15)مَّمن لم تسعفهم حظوظهم بدخول الجداول المُعدَّلة التي بدأت في السنوات الأخيرة من عمر النظام السابق وتلتها الحقبة التي تلت السابع عشر من فبراير وما حفلت به من التوسع في مرتبات الجداول الاستثنائية وتجاهل كل القواعد التي تفرض معاملة المتقاعدين بأي تعديلات تطال العاملين, فبقيت معاملتهم مجرد وعود يُلوِّح بها أي مسؤول, كان آخرها ما جاء على لسان رئيس الحكومة القادم من القطاع المشترك وما شهده ويشهده من الحوافز التي لا تعرف التوقف, فتكون دعوة مجلس النَّواب بتخفيض الرقم الإجمالي بالغة الضرورة, أما وجود اثنين و عشرين مليار تحت بند التنمية لفترة يفترض أنها ستنتهي بالرابع والعشرين من ديسمبر القادم..!, فليس أكثر من سبيل للتبذير واستنزاف المال العام في أفخم السيارات والمهام التي لا تعرف التوقف وبالجملة الفواتير التي طالما سُدّدت قبل إقفال السنة المالية, وقل ما شئت عن المخالفات التي بح صوت رئيس ديوان المحاسبة من التنبيه إليها والتي لم تستثن أحداً من الكبار  الذين يفترض فيهم وقف المظالم وليس المشاركة فيها, أما الملياران المفترضان لشراء الأدوية فالله وحده يعلم من الذي سيتطبّب بها إذا كانت أدوية السرطان وضغط الدم والسكري تستورد من قبل القطاع الخاص مما يجعل من اتجاه النّواب إلى عدم الإسراع بتقديم الميزانية لا يعني أي شيء للنَّاس الذين يكونون الأغلبية, أما المحظوظون الذين بشّرتهم حكومتهم الجديدة بسفر أربعة عشر وزيرا منها خارج الحدود قبل الحلول بشرق البلاد وجنوبها, فلن يعوزهم التغلب على أي إشكال قانوني, وحسبهم السنوات التي مضت مع الرئاسي الذي بدأ بتسعة رؤوس وانتهى بخمسة وتبادل الورود مع من خلفه على الانتقال السلس للسلطة. وقديمًا قال أهلنا : (عواشة تشكر في خوها وحتى خوها يشكر فيها).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى