إجتماعيصحة

من الجمال إلى العبث هناك خلط بين عمليات الجراحة التجميلية والجراحة التحسينية

منى الساحلي

مع تطور فروع الطب، وتشعبه ازداد الطلب العالمي وبشكل مخيف على فروع الطب التجميلي وباتت عيادات الطب التجميلي من أكثر العيادات طلباً عالمياً، ومحلياً؛ كذلك أصبحت عيادات التجميل في بلادنا تفتح ذراعيها لطالبي هذه العمليات سواء أكان من النساء أم الرجال؛ فتحول التجميل من مجرد إصلاح عيوب جسدية إلى أكثر من هوس بشأن العناية بالشكل والمظهر العام؛ واستطاعت بذلك عمليات التجميل وعبر كافة قارات العالم من أن تفتح آفاقً جديدة اكتسحت من خلالها أسواق صناعة التجميل؛ فتحولتْ بذلك إلى نشاط مفرط للعديد يدر عليهم المليارات التي قد لا تجنيها أسواق الذهب بحد ذاتها فأصبحت صناعة التجميل بذلك تسجل أرقامًا  فلكية،  فخلال السنوات الماضية الأخيرة وحسب الاحصائيات التي أوردتها عديد التقارير العالمية تجاوزت قيمة المستحضرات التجميلية حول العالم الـ(200) مليار في العام؛  فيما يصعب تحديد رقم محدد لعائدات عمليات التجميل 

ولعل الأكثر اقبالاً على عمليات التجميل في ليبيا بالتحديد تنصب على تكسير وشفط الدهون، وشد الجلد أو تكبير وتصغير  في أحد اعضاء الجسد، والاكثر شيوعاً طبعاً بين الفتيات هي عمليات حقن  «الفيلر، والبوتكس» وهو إقبال مرتبط بتغيير في توجهات المجتمع عامة والتي باتت تحرض على مثل هذه العمليات بغرض الحصول على الشكل المثالي الذي تسوق له العديد من وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي. 

أما الفئه الثانية والاكثر اقبالاً هي فئة الرجال الذين يلجأون إلى عيادات التجميل داخل ليبيا مع أن الاغلبية يفضل تركيا ومصر لزراعة الشعر وزراعة الاسنان وتجميلها وتكميم المعدة، وشفط الدهون والتي منها بدأت عمليات التجميل تغزو صفوف الجنس الخشن تدريجيًا.

بغض النظر عن تحديد جنس طالبي عمليات التجميل؛ فالكثير خلط بين مفهوم عمليات الجراحة التجميلية الضرورية، وعمليات الجراحة التحسينية وهو ما جعل من علماء الدين والفقه يذهبون إلى جواز  الأولى (الجراحة التجميليه الضرورية)، وتحريم النوع الثاني (التحسينية) على اعتبار أنه تغيير في خلق الله بشكل كبير كفيلة بتحويل شكل الإنسان إلى إنسان آخر تمامًا، ولعل هذا الخلط هو ما فتح الابواب على مصراعيها أمام عديد التبريرات، والتأويلات المزاجية لإجراء هذه العمليات، والتحايل على الدين، والجيب  كذلك !!! بغية دوافع معينة معظمها تصب في خانة الهوس بتقليد الفنانين والمشاهير وآخر لديه هوسٌ بأنقاص الوزن، وفئة أخرى تلهث وراء محو شبح آثار تقدم السن التي أصبحت لديها كبوسًا يؤرقها (هل يُصلح العطارُ ما أفسده الدهرُ)مع أن هناك فئة أخرى نعترف بأنها تخضع لهذه العمليات بغية شؤون صحية بحته تهدف لمعالجة عاهات جسدية. 

ولكن الأمر اصبح ليس وردياً كما تصوره عيادات التجميل بعروضها المغرية؛ فتحولت هذه العيادات والمراكز التجميلية التي لها اسمها بسبب أخطائها الطبيه الفادحة إلى كابوس جعل من العديد يعيد حساباته؛ فمن الاخطاء البسيطة من حقن «الفلر والبوتكس»، وحروق الوجه الفادحة إلى وفاة سيدة ليبيه بمدينة بنغازي العام الماضي على يد طبيب وافد اتضح فيما بعد أنه ليس لديه أية مؤهلات لممارسة هذا النوع من العمليات الجراحية من الأساس وصدر في حقه حكمٌ قضائي من القضاء المصري لارتكابه جرائم سرقة أعضاء بشرية والاتجار بها؛ لتليها حالة أخرى لسيدة ليبية من مدينة طرابلس دخلت العناية الفائقة بعد قيامها بعملية شفط الدهون على يد طبيب ليبي اكتشف فيما بعد حسب التحقيقات بأنه مجرد طبيب عام ولا يزال طالب ماجستير بإحدى الدول العربية، وليس اختصاصي جرحات تجميلية، ولا يحمل أي مؤهل لإجراء عمليات، وتخدير كامل، أو موضعي سوى بعض الدورات التدريبية لبضع أيام إلى جانب العثور في عيادته على أدوية منتهية الصلاحية منذ (شهر يناير 2021) وحقن مسحوبة مسبقاً ومجهولة المصدر والمحتوى. 

وهو تلاعب صريح بأرواح النَّاس حجتهم أنهم أطباء مختصون ((فمن يحق له عمليات التجميل وشفط الدهون التي تحتاج إلى التخدير بصفة عامة لا بد أن يكون متحصلًا على إجازة من مجلس التخصصات الليبي) (البورد الليبي)، أو مجلس التخصصات العربي (البورد العربي)، أو الدكتوراه الليبية ( MD)، أو ( البورد الأمريكي، أو الكندي، أو الألماني)، وأن يكون عادل الشهادة في مجلس التخصصات الليبي في الإدارة العامة بمدينة طرابلس؛ فضلاً عن حيازته لإذن مزوالة من نقابة الأطباء، والتأمين الطبي بشهادة اختصاصي جراحة تجميل .. كل هذا طبعاً بعد إجازة بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة معتمدة ومعترف بها ))

فبغض النظر عن سلبيات التدخلات الطبية لعمليات التجميل في كينونة مضارها الصحية نتيجة التخذير الكلي، أو الموضعي واحتمال حصول النوبات القلبية نتيجة ارتفاع ضغط الدم الذي قد تؤدي إلى غيبوبة ودخول العناية المركزة، أو حتى خسارة العمر ناهيك عن الآثار النفسية المدمرة التي تنتج عن الأخطاء الطبية انحراف الشكل المطلوب أو تشوهات تصحيح البشره أو «الفلر والبوتكس» لتنقلب إلى كل بشاعة يصعب تصحيحها قد تكون تشوهات مؤقته أو دائمة يجعل الكثير بسببها يدخل في موجة سخط واكتئاب يصعب الخروج منها؛ فبغض النظر عن كل هذا يبقى الأخطر هو عيادات تجميل غير مؤهلة وأطباء بشهادات وهمية وهذا كله بسبب غياب القانون والرقابة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى