الرئيسية

كتـاب‭ ‬لم‭ ‬يصل‭ ..‬ومنهـج‭ ‬لم‭ ‬يكتمل‭!!‬

شهد‭ ‬عبد‭ ‬الحفيظ

مع‭ ‬انطلاق‭ ‬امتحانات‭ ‬الشهادتين‭ ‬الإعدادية،‭ ‬وثانوية‭ ‬الفترة‭ ‬الأول،‭ ‬وامتحانات‭ ‬نهاية‭ ‬الفصل‭ ‬الأول‭ ‬لصفوف‭ ‬النقل‭ ‬لا‭ ‬يدخل‭ ‬التلاميذ‭ ‬والطلبة‭ ‬قاعات‭ ‬الامتحان‭ ‬وهم‭ ‬منشغلون‭ ‬فقط‭ ‬بصعوبة‭ ‬الأسئلة،‭ ‬أو‭ ‬ضيق‭ ‬الزمن،‭ ‬بل‭ ‬مثقلون‭ ‬بسؤال‭ ‬أعمق‭ ‬وأقسى‭: ‬هل‭ ‬ما‭ ‬نراجعه‭ ‬هو‭ ‬فعلًا‭ ‬ما‭ ‬سنُسأل‭ ‬عنه؟‭ ‬غياب‭ ‬الكتاب‭ ‬المدرسي،‭ ‬وتأخر‭ ‬وصول‭ ‬بعض‭ ‬المقرَّرات،‭ ‬وارتباك‭ ‬الخطة‭ ‬الدراسية،‭ ‬صنعتْ‭ ‬واقعًا‭ ‬تعليميًا‭ ‬هشًّا،‭ ‬تحوّل‭ ‬فيه‭ ‬الامتحان‭ ‬من‭ ‬أداة‭ ‬لقياس‭ ‬التحصيل‭ ‬العلمي‭ ‬إلى‭ ‬اختبار‭ ‬قاسٍ‭ ‬للأعصاب‭.‬

في‭ ‬بلد‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬غلاء‭ ‬المعيشة،‭ ‬وضغط‭ ‬المرتبات‭ ‬المحدودة،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الطالبُ‭ ‬وحده‭ ‬في‭ ‬المواجهة،‭ ‬بل‭ ‬أصبحتْ‭ ‬الأسرة‭ ‬شريكًا‭ ‬إجباريًا‭ ‬في‭ ‬تعويض‭ ‬خلَّل‭ ‬المنظومة،‭ ‬بينما‭ ‬يُطلب‭ ‬من‭ ‬الطالب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ثابتًا‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬لا‭ ‬يمنحه‭ ‬أدوات‭ ‬الثبات‭.‬

أصوات‭ ‬الطلبة‭: ‬حين‭ ‬يصبح‭ ‬القلق‭ ‬منهجًا

في‭ ‬ساحات‭ ‬المدارس،‭ ‬وعلى‭ ‬مقاعد‭ ‬الانتظار‭ ‬قبل‭ ‬الامتحان،‭ ‬تتشابه‭ ‬الأسئلة‭ ‬وتختلف‭ ‬الوجوه‭. ‬الطلبة‭ ‬لا‭ ‬يتجادلون‭ ‬حول‭ ‬صعوبة‭ ‬المادة،‭ ‬بل‭ ‬حول‭ ‬غيابها‭.‬

كتابٌ‭ ‬لم‭ ‬يصل،‭ ‬ومنهج‭ ‬لم‭ ‬يكتمل،‭ ‬وامتحان‭ ‬لا‭ ‬ينتظر‭. ‬مذاكرة‭ ‬بلا‭ ‬مرجعية‭ ‬وقلق‭ ‬دائم‭ ‬داخل‭ ‬فصول‭ ‬الشهادة‭ ‬الثانوية،‭ ‬يعتمد‭ ‬أغلب‭ ‬الطلبة‭ ‬على‭ ‬دفاترهم‭ ‬الشخصية‭ ‬وملخصات‭ ‬متبادلة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬الكتاب‭ ‬كمرجع‭ ‬موحّد‭.‬

سما‭ ‬طالبة‭ ‬بالقسم‭ ‬العلمي‭ ‬تقول‭:‬‭ ‬إنها‭ ‬تذاكر‭ ‬لساعات‭ ‬طويلة،‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تشعر‭ ‬بالاطمئنان‭ ‬نقرا‭ ‬ونحل،‭ ‬لكن‭ ‬ديما‭ ‬نحس‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬ناقصة،‭ ‬خايفة‭ ‬نكون‭ ‬نقرأ‭ ‬الغلط‭.‬

أما‭ ‬معتصم‭ ‬طالب‭ ‬بالقسم‭ ‬الأدبي،‭ ‬فيصف‭ ‬واقع‭ ‬المراجعة‭ ‬بقوله‭:‬‭ ‬نذاكر‭ ‬من‭ ‬بعضنا‭. ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬عنده‭ ‬ورقة‭ ‬ناقصة،‭ ‬نجمعوا‭ ‬فيهم‭ ‬ونحاولوا‭ ‬نكمّلوا‭ ‬الصورة،‭ ‬هذا‭ ‬الارتباك‭ ‬جعل‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭ ‬يركّزون‭ ‬على‭ ‬احتمالات‭ ‬المفاجأة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الفهم‭.‬

ريم‭ ‬تقول‭:‬‭ ‬إنها‭ ‬تحمل‭ ‬دفتر‭ ‬المدرسة،‭ ‬وملخص‭ ‬الكورس‭ ‬وتبقى‭ ‬تقارن‭ ‬بينهما‭ ‬الاختلاف‭ ‬يخوّف‭.. ‬أي‭ ‬واحد‭ ‬نمشي‭ ‬معاه؟

بينما‭ ‬يرى‭ ‬أيوب‭ ‬أن‭ ‬النجاح‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مرتبطًا‭ ‬بالاجتهاد‭ ‬فقط‭: ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬فاهم،‭ ‬تحس‭ ‬روحك‭ ‬ناقص‭ ‬لو‭ ‬ما‭ ‬دخلتش‭ ‬كورس‭.‬

‭ ‬أيام‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬لحلم

سلمى‭ ‬طالبة‭ ‬بالشهادة‭ ‬الثانوية،‭ ‬تتصفح‭ ‬كتابًا‭ ‬تسلّمته‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬فقط‭ .. ‬كيف‭ ‬نلحق‭ ‬نقرأه؟‭ ‬مش‭ ‬نبي‭ ‬إعفاء،‭ ‬نبي‭ ‬وقت‭ ‬عادل‭.‬

تقولها‭ ‬بهدوء،‭ ‬لكن‭ ‬عينيها‭ ‬تقولان‭ ‬أكثر‭.‬

رؤى‭:‬‭ ‬نحفظ‭ ‬قبل‭ ‬أنّ‭ ‬نفهم‭ ‬اضطرّينا‭ ‬نحفظ‭ ‬الملخصات‭ ‬حفظ،‭ ‬مش‭ ‬لأننا‭ ‬نبي،‭ ‬لكن‭ ‬لأن‭ ‬الوقت‭ ‬ما‭ ‬يسمحش‭ ‬نفهم‭.‬

رؤى‭ ‬تعترف‭ ‬أن‭ ‬المذاكرة‭ ‬تحولتْ‭ ‬إلى‭ ‬سباق‭ ‬مع‭ ‬الزمن،‭ ‬لا‭ ‬رحلة‭ ‬فهم‭.‬

آمنة‭: ‬غياب‭ ‬اللغوية‮…‬‭ ‬وغياب‭ ‬اليقين

آمنة‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تنتظر‭ ‬كتاب‭ ‬اللغوية‭.‬

نقرأ‭ ‬من‭ ‬أوراق‭ ‬متفرقة‭. ‬كل‭ ‬واحدة‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬الثانية‭. ‬كيف‭ ‬نعرف‭ ‬الصح؟

السؤال‭ ‬بسيط،‭ ‬لكن‭ ‬بلا‭ ‬إجابة‭.‬

اجتهاد‭ ‬بلا‭ ‬مرجعية

إحدى‭ ‬الطالبات‭ ‬مجتهدات،‭ ‬لكنها‭ ‬تشعر‭ ‬بأن‭ ‬جهدها‭ ‬مهدد‭:‬

نبذل‭ ‬مجهودًا،‭ ‬لكن‭ ‬بلا‭ ‬كتاب‭ ‬نحس‭ ‬تعبنا‭ ‬ممكن‭ ‬يضيع‭ ‬في‭ ‬سؤال‭ ‬واحد‭.‬

فاطمة‭:‬‭ ‬الامتحان‭ ‬أقرب‭ ‬للحظ‭ ‬اللي‭ ‬يجيبه‭ ‬الحظ‭ ‬يكون‭ ‬شاف‭ ‬السؤال‭ ‬قبل،‭ ‬مش‭ ‬لأنه‭ ‬فاهم‭ ‬أكثر‭ ‬جملة‭ ‬تختصر‭ ‬إحساسًا‭ ‬عامًا‭ ‬بعدم‭ ‬العدالة‭.‬

نور‭ ‬القلق‭ ‬يسبق‭ ‬الدرس

نقعد‭ ‬نفكر‭ ‬في‭ ‬الامتحان‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬نقرأ‭.‬

نور‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬الضغط‭ ‬النفسي‭ ‬أصبح‭ ‬عائقًا‭ ‬حقيقيًا‭ ‬أمام‭ ‬التحصيل‭.‬

إسراء‭:‬‭ ‬أيام‭ ‬الانتظار‭ ‬ضاعتْ‭ ‬ضيّعنا‭ ‬أسابيع‭ ‬نستنى‭ ‬الكتب‭.‬

اليوم‭ ‬يطلبوا‭ ‬منا‭ ‬نكونوا‭ ‬جاهزين‭. ‬بين‭ ‬الانتظار‭ ‬والامتحان،‭ ‬ضاع‭ ‬الوقت‭ ‬الأهم‭.‬

هبة‭:‬‭ ‬لسنا‭ ‬طرفًا‭ ‬في‭ ‬التقصير

ليش‭ ‬ندفعوا‭ ‬ثمن‭ ‬حاجة‭ ‬ما‭ ‬اخترناهاش؟

سؤال‭ ‬هبة‭ ‬يتكرّر‭ ‬بصيغ‭ ‬مختلفة‭ ‬على‭ ‬ألسنة‭ ‬كثيرين‭.‬

سعاد‭ :‬‭ ‬العدالة‭ ‬مش‭ ‬في‭ ‬الورقة

العدل‭ ‬مش‭ ‬إن‭ ‬الامتحان‭ ‬يكون‭ ‬سهلًا‭ ‬أو‭ ‬صعب،‭ ‬العدل‭ ‬إن‭ ‬الكل‭ ‬يقرأ‭ ‬نفس‭ ‬الشي‭.‬

مها‭ :‬‭ ‬مستقبل‭ ‬في‭ ‬أيام

معدلي‭ ‬كله‭ ‬ممكن‭ ‬يتأثر‭ ‬بأيام‭ ‬قليلة‭.‬

تقولها‭ ‬‮«‬مريم‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬ترتّب‭ ‬دفاترها‭ ‬بعناية،‭ ‬وكأنها‭ ‬تحاول‭ ‬ترتيب‭ ‬قلقها‭ ‬أيضًا‭. ‬الجميع‭ ‬يشتركن‭ ‬في‭ ‬شعور‭ ‬واحد‭: ‬أن‭ ‬الامتحان‭ ‬جاء‭ ‬قبل‭ ‬اكتمال‭ ‬الطريق‭ ‬إليه‭.‬

خلاصة‭ ‬أصوات‭ ‬الطلبة

ما‭ ‬تطلبه‭ ‬الطالبات‭ ‬ليس‭ ‬امتيازًا،‭ ‬ولا‭ ‬تساهلًا‭ ‬في‭ ‬التقييم،‭ ‬بل‭ ‬حقًا‭ ‬بسيطًا‭: ‬كتاب‭ ‬يُسلَّم‭ ‬في‭ ‬وقته

منهج‭ ‬واضح‭ .. ‬وقت‭ ‬كافٍ‭ ‬للفهم

حين‭ ‬يُحرم‭ ‬الطالبُ‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأساسيات،‭ ‬يصبح‭ ‬الامتحان‭ ‬حكمًا‭ ‬لا‭ ‬اختبارًا،‭ ‬ويتحوَّل‭ ‬التفوق‭ ‬من‭ ‬استحقاق‭ ‬إلى‭ ‬مخاطرة‭.‬

فأي‭ ‬عدالة‭ ‬تعليمية‭ ‬تُرجى،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬السؤال‭ ‬حاضرًا،‭ ‬والمنهج‭ ‬غائبًا؟‭ ‬المعلمات‭:‬‭ ‬جهد‭ ‬مضاعف‭ ‬ومسؤولية‭ ‬ثقيلة

وسط‭ ‬هذا‭ ‬النقص،‭ ‬وجدتْ‭ ‬المعلمات‭ ‬أنفسهن‭ ‬أمام‭ ‬مسؤولية‭ ‬تتجاوز‭ ‬دورهن‭ ‬التقليدي‭. ‬حصص‭ ‬إضافية،‭ ‬ملخصات‭ ‬تُكتب‭ ‬خارج‭ ‬أوقات‭ ‬الدوام،‭ ‬وإعادة‭ ‬شرح‭ ‬المادة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لسدّ‭ ‬الفراغ‭.‬

تقول‭ ‬إحدى‭ ‬معلمات‭ ‬الشهادة‭ ‬الثانوية‭:‬

نبذل‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬نقدر‭ ‬عليه،‭ ‬لكن‭ ‬غياب‭ ‬الكتاب‭ ‬يربك‭ ‬التخطيط‭. ‬نحاول‭ ‬نغطي،‭ ‬لكن‭ ‬الضغط‭ ‬كبير،‭ ‬والحل‭ ‬مش‭ ‬فردي‭.‬

وتضيف‭ ‬معلمة‭ ‬أخرى‭: ‬أصعب‭ ‬شيء‭ ‬إنك‭ ‬تشوفي‭ ‬طالبًا‭ ‬مجتهدًلا،‭ ‬لكنه‭ ‬قلق‭ ‬لأنه‭ ‬مش‭ ‬عارف‭ ‬منين‭ ‬يراجع‭.‬

أولياء‭ ‬الأمور‭:‬‭ ‬بين‭ ‬الخوف‭ ‬والقدرة‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬الليبية،‭ ‬أصبح‭ ‬النجاح‭ ‬معادلة‭ ‬مالية‭ ‬ونفسية‭ ‬معقدة‭.‬

أم‭ ‬لطالبة‭ ‬شهادة‭ ‬تقول‭:‬

قلبي‭ ‬مع‭ ‬بنتي،‭ ‬لكن‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬مصروف‭ ‬جديد‭ ‬تصوير،‭ ‬ملازم،‭ ‬كورسات‭. ‬نخاف‭ ‬نكون‭ ‬مقصرين‭ ‬لو‭ ‬ما‭ ‬وفرناش،‭ ‬ونخاف‭ ‬نغرقوا‭ ‬لو‭ ‬وفرنا‭.‬

أما‭ ‬أحد‭ ‬الآباء‭ ‬فيعبّر‭ ‬بمرارة‭ ‬واضحة‭:‬

لو‭ ‬خليته‭ ‬على‭ ‬المدرسة‭ ‬نخاف،‭ ‬ولو‭ ‬درسناه‭ ‬برا‭ ‬نغرق‭ ‬في‭ ‬الديون‭. ‬الطالب‭ ‬مش‭ ‬لازم‭ ‬يدفع‭ ‬ثمن‭ ‬الفوضى‭.‬

مراكز‭ ‬التدريب‭: ‬حل‭ ‬اضطراري‭ ‬أم‭ ‬فجوة‭ ‬عدالة؟

مع‭ ‬غياب‭ ‬الكتاب‭ ‬المدرسي،‭ ‬تحولتْ‭ ‬مراكز‭ ‬التدريب‭ ‬إلى‭ ‬خيار‭ ‬شبه‭ ‬إلزامي،‭ ‬خصوصًا‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬الامتحانات‭. ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬عمّق‭ ‬الإحساس‭ ‬بعدم‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬بين‭ ‬الطلبة،‭ ‬حيث‭ ‬بات‭ ‬النجاح‭ ‬مرتبطًا‭ ‬بالقدرة‭ ‬المادية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬الفردي،‭ ‬ما‭ ‬خلق‭ ‬شعورًا‭ ‬واسعًا‭ ‬بعدم‭ ‬العدالة‭.‬

الضغط‭ ‬النفسي‭: ‬الكلفة‭ ‬غير‭ ‬المرئية

يحذّر‭ ‬أختصاصي‭ ‬نفسي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬مستوى‭ ‬القلق‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬تجاوز‭ ‬المعدلات‭ ‬الطبيعية‭: ‬طالب‭ ‬يعيش‭ ‬ضغطًا‭ ‬مستمرًا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬قياس‭ ‬مستواه‭ ‬الحقيقي‭. ‬القلق‭ ‬قد‭ ‬يُسقط‭ ‬طالبًا‭ ‬متفوقًا‭.‬

وتؤكد‭ ‬إختصاصية‭ ‬اجتماعية‭ ‬أن‭ ‬الإحساس‭ ‬بعدم‭ ‬الأمان‭ ‬التعليمي‭ ‬يولّد‭ ‬توترًا‭ ‬قد‭ ‬يرافق‭ ‬الطالب‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬الامتحان،‭ ‬ويؤثر‭ ‬على‭ ‬ثقته‭ ‬بنفسه‭.‬

ويرى‭ ‬أختصاصي‭ ‬تربوي‭ ‬أن‭ ‬الامتحان‭ ‬دون‭ ‬مرجعية‭ ‬واضحة‭ ‬يفقد‭ ‬قيمته‭ ‬كأداة‭ ‬تقييم‭ ‬عادلة‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬ختام‭ ‬استطلاعنا‭ ‬يتضح‭ :‬

تأخر،‭ ‬أو‭ ‬غياب‭ ‬الكتاب‭ ‬المدرسي‭ ‬أثّر‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬جاهزية‭ ‬الطلبة‭. ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬ملخصات‭ ‬واجتهادات‭ ‬فردية‭ ‬بدل‭ ‬منهج‭ ‬واضح‭.‬

استنزاف‭ ‬مالي‭ ‬ونفسي‭ ‬للأسر‭.‬

جهد‭ ‬استثنائي‭ ‬من‭ ‬المعلمات‭ ‬لتعويض‭ ‬الخلل‭.‬

ضغط‭ ‬نفسي‭ ‬يهدد‭ ‬عدالة‭ ‬التقييم‭.‬

خاتمًا‭ :  ‬سؤال‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬المنظومة

ما‭ ‬يكشفه‭ ‬هذا‭ ‬الاستطلاع‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬أزمة‭ ‬كتب،‭ ‬بل‭ ‬امتحان‭ ‬حقيقي‭ ‬لعدالة‭ ‬التعليم‭ ‬حين‭ ‬يدخل‭ ‬الطالب‭ ‬قاعة‭ ‬الامتحان‭ ‬وهو‭ ‬مثقل‭ ‬بالخوف،‭ ‬ومحروم‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬الاستعداد،‭ ‬يصبح‭ ‬النجاح‭ ‬مغامرة‭ ‬لا‭ ‬استحقاقًا‭.‬

فالكتاب‭ ‬ليس‭ ‬ورقًا،‭ ‬بل‭ ‬طمأنينة،‭ ‬والمنهج‭ ‬ليس‭ ‬محتوى،‭ ‬بل‭ ‬وعد‭ ‬بالعدالة‭.‬

وإلى‭ ‬أن‭ ‬يُعاد‭ ‬للكتاب‭ ‬مكانه،‭ ‬وللتخطيط‭ ‬احترامه،‭ ‬سيبقى‭ ‬الامتحان‭ ‬في‭ ‬اختبارًا‭ ‬للأعصاب‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬اختبارًا‭ ‬للمعرفة‭.‬‭ ‬يترك‭ ‬السؤال‭ ‬مفتوحًا‭:‬

ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬الامتحانات‭ ‬ليس‭ ‬تفصيلًا‭ ‬عابرًا‭ ‬ولا‭ ‬خللًا‭ ‬تقنيًا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاوزه‭ ‬بالصمت،‭ ‬بل‭ ‬لحظة‭ ‬كاشفة‭ ‬تختبر‭ ‬صدقية‭ ‬المنظومة‭ ‬التعليمية‭ ‬بأكملها‭. ‬حين‭ ‬تُسلَّم‭ ‬الكتب‭ ‬متأخرة،‭ ‬ويُدفع‭ ‬الطلبة‭ ‬إلى‭ ‬سباق‭ ‬غير‭ ‬متكافئ‭ ‬مع‭ ‬الزمن،‭ ‬يصبح‭ ‬الامتحان‭ ‬أداة‭ ‬ضغط‭ ‬بدل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أداة‭ ‬إنصاف،‭ ‬وتتحول‭ ‬القاعات‭ ‬من‭ ‬فضاء‭ ‬للتقييم‭ ‬العادل‭ ‬إلى‭ ‬مساحة‭ ‬للقلق‭ ‬الجماعي‭.‬

الطالبة‭ ‬التي‭ ‬جلست‭ ‬لأشهر‭ ‬تنتظر‭ ‬كتابها،‭ ‬لم‭ ‬تطلب‭ ‬تفضيلًا،‭ ‬بل‭ ‬فرصة‭ ‬عادلة‭.‬

والمعلمة‭ ‬التي‭ ‬بذلت‭ ‬جهدها‭ ‬مضاعفًا،‭ ‬لم‭ ‬تطلب‭ ‬إعفاء،‭ ‬بل‭ ‬مرجعية‭ ‬واضحة‭.‬

والأسرة‭ ‬التي‭ ‬أنهكها‭ ‬الإنفاق،‭ ‬لم‭ ‬تطلب‭ ‬ضمان‭ ‬النجاح،‭ ‬بل‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص‭.‬

إن‭ ‬أخطر‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬ليس‭ ‬تأخر‭ ‬الكتاب،‭ ‬بل‭ ‬اعتياد‭ ‬الغياب‭: ‬غياب‭ ‬التخطيط،‭ ‬غياب‭ ‬المحاسبة،‭ ‬وغياب‭ ‬السؤال‭ ‬الجوهري‭: ‬كيف‭ ‬نقيّم‭ ‬طالبًا‭ ‬لم‭ ‬نُوفِّر‭ ‬له‭ ‬أدوات‭ ‬الاستعداد؟

فالتعليم‭ ‬لا‭ ‬يُدار‭ ‬بردود‭ ‬الأفعال،‭ ‬ولا‭ ‬تُصنع‭ ‬العدالة‭ ‬بامتحان‭ ‬واحد،‭ ‬ولا‭ ‬يُقاس‭ ‬مستقبل‭ ‬جيل‭ ‬كامل‭ ‬بأيام‭ ‬ارتباك‭. ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تُراجع‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬بجدية،‭ ‬سيبقى‭ ‬كل‭ ‬امتحان‭ ‬قادم‭ ‬نسخة‭ ‬مكررة‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬ذاته،‭ ‬وستظل‭ ‬الشهادة‭ ‬حلمًا‭ ‬مؤجَّلًا‭ ‬لا‭ ‬استحقاقًا‭ ‬مضمونًا‭.‬

العدالة‭ ‬التعليمية‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬الكتاب،‭ ‬تمر‭ ‬بالوقت،‭ ‬وتنتهي‭ ‬بامتحان‭ ‬عادل‭.‬

وما‭ ‬لم‭ ‬تُستعاد‭ ‬هذه‭ ‬السلسلة‭ ‬كاملة،‭ ‬سيبقى‭ ‬السؤال‭ ‬معلّقًا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬موسم‭ ‬امتحانات‭:‬

هل‭ ‬نختبر‭ ‬تحصيل‭ ‬الطلبة،‭ ‬أم‭ ‬نصبرهم‭ ‬على‭ ‬خلّل‭ ‬المنظومة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى