شوي من الحنّة وشوي من رطابة اليد
![](https://febp.ly/wp-content/uploads/2021/09/22.jpg)
للكاتب أمين مازن
أفرجت حكومة السيد عبد الحميد دبيبة على الساعدي القذافي، النجل الثاني للعقيد معمر القذافي من زوجته الثانية «صفية فركاش» بعد سجن و محاكمة كثيراً ما عُرِضَت لمحات منها تلفزيونياً، إثر إعادته من ملجئه عقب سقوط نظام سبتمبر و لم تكتف الحكومة بإفراجها اللافت هذا و إنما ألحقته بتمكينه من السفر إلى اسطنبول و وسط أنباء تتحدث عن احتمال الإفراج بقية من يُدعون برجال الدائرة الأولى من أمثال عبد الله السنوسي و عبد الله منصور و أحمد ابراهيم و أحمد رمضان و منصور ضو «مع حفظ الألقاب» و قد وفر هذ الحدث مادةً خصبةً للفضائيات التي تبث من الخارج و كوادرها التي تخوض في كل شيء و تتبنّى خطاباً كثيراً ما يبدوا متشابها، فضلاً عن كونه متفقاً في الاصطفاف بل و الحرص على احتكار هذا الاصطفاف و التنافس داخل دائرته، و إذا كان من غير الممكن التعرض لما قيل مفصلاً و لا سيما السؤال المهم حول ما إذا كانت الخطوة جزءاً من صفقة تم البت فيها بواسطة قوى أكبر أو أنها جزءٌ من توجه عام أملته الضرورات الداخلية و احتدام الصراع بين مختلف القوى، فإن الذي ليس أمام جميع الفرقاء إلا أن يلاحظوه هو أن ما ساد الحقبة التي تلت السابع عشر من فبراير من سياسات مالية و إدارية و إجراءات اقتصادية شملت الأفراد و الجماعات و المناطق و كان ما شابها من التجاوز و سوء التصرف و الأداء لا يقل عمّا سبقه مما كان مثار غضب الناس فإن كل تحسس أو خشية من رجال العهد السبتمبري على العهد الفبرايري إنما هو من قبيل استسهال تحديد المسئولية و بالأحرى إلقاء التبعة و اختلاق الضحايا، فالعهود لا تُخلَق معارضتها إلا من سوء أدائها، و البلد الذي يسير أهله على بِرَكٍ من النفط و ينفق من دخله على كل شيء ليس له إلا أن يكابد صراع ساكنيه على معظم الصعد ابتداءً من مشيخة الحارة إلى رئاسة السلطة، و يكفي ما تحرص على بثه الفضائيات الأكثر قرباً من الحقيقة عن أرقام الصفقات المالية المهولة و المخالفات المفضوحة و تقارير الرقابة التي لا تُقابَل إلا بمزيد التجاهل، و ما على الذين لا يسأمون تحذير الناس من احتمال نكث بعض الذين سيُفرَج عنهم عهودهم إلا أن يتذكروا كل من آثرَ الصمت طيلة بقائه و من لم يتردد في المجاهرة بما يرى، و قديماً طُلِبَ إلى أحد رجال الأمن أن يطلب من معارضي الخارج أن يعودوا فكان رده: إحسنوا للموجودين قبل أن يلحقوا بالمعارضين، و كلما نجحت السلطة في إشعار رعاياها بالفرق بين حياة السجن و حياة البيوت كلما ضمنت عدم ازدياد الهجرة و تنماي الجبهات الخارجية التي كثيراً ما اضطُرت لأن تقبل مُكرَهة ما لا تريد. و قديماً قال أهلنا (شوي من الحنّة و شوي من رطابة اليد).