رأي

السيد العيساوي بوخنجر.. الجزء الأول.. للكاتب الليبي أمين مازن

 

تبوأ السيد العيساوي معده بوخنجر بالمجلس التشريعي الطرابلسي في هيئته الثانية ضمن العشرة المُعينين من الملك، أي العدد الذي يُكوِّن ربع المجلس المتكون من أربعين عضواً حسب نصوص القانون الأساسي، و من الأرجح ألا يكون ضمن الذين حواهم العرض الولائي، إذ سبق له أن عمل عقب عودته من مهجره التونسي في سلك القضاء و كان عضواً في المحكمة التي نظرت في قضية القنبلة التي تعرض له ركب الأمير إدريس  عند مروره بطرابلس عائداً من الخارج و في الظروف التي احتدم بها الخلاف بين الفرقاء السياسيين المتهمين بالتعاون مع بريطانيا و المضي معها إلى التحالف بحكم المصالح المشتركة و خصومهم الذين انحازوا للتيارات المعارضة و المتجاوبة مع السياسات المناوئة لذلك التوجه و المتأثر بالتيارات المعادية للأحلاف عندما بدأت رياحها تهب من الشرق و تجد من التجاوب ما أفقد الإستقلال الكثير من بريقه، كان «سي العيساوي» كما كان يدعوه كل من يقترب منه، متقدماً في السن بما يدل عليه مظهره و ما لديه من الوثائق حتى أنه قد ترأس جلسة السن على الرغم من وجود من يماثلونه، و من غير المستبعد أن يكون اختياره بين المُعينين إلى جانب دوره الجهادي و هجرته ضمن محلة الزعيم عبد النبي بلخير إلى تونس و عودته ضمن من عاد في تلك الفترة و من بينهم أسرة المرحوم عبد النبي و وريثه في الشهرة ابنه يونس، بلوغه، أي العيساوي السن التي لم تعد تسمح له بالبقاء في سلك القضاء، إذ أُحيلت مجموعة كبيرة على المعاش في الأسابيع الأولى من عودة المجلس التنفيذي إلى عمله بعد الحلّ و كان للسيد مخزوم حمودة دوره غير العادي في مناقشة ذلك على النحو الذي أقلق السلطة التنفيذية و لم يفلح ناظر العدل في إزاحة ما لحق السلطة من الإدانة الأدبية على الأقل، و المهم أن السيد العيساوي كان له حضوره الملموس في المجلس سواء في اللجان التي ترأس بعضها أو الأخرى التي اكتفى بعضويتها،كما اختارته الحكومة الإتحادية عضواً في اللجنة التي شُكِّلت برئاسة الوزير عبد القادر العلَّام للنظر في تعديل الحدود الإدارية بين ولايتي طرابلس و فزان انطلاقاً من الطلب الذي جاهر به السيد أحمد سيف النصر والي فزان و هو ينحاز إلى السيد إدريس عند التحضير للاستقلال و ضفر منه بوعود بالخصوص بل أنه لم يتردد في تسفيه فكرة إسناد أي مسئولية للسيد عبد الله عابد في إقليم فزان عندما أسندت الأمم المتحدة للسيد أحمد هذا اختيار العشرين عضو المكلفين بتمثيل فزان في الجمعية الوطنية التي اضطلعت بوضع الدستور وإعلانه و المناداة بالملك إدريس ليُعلِن الاستقلال ويشكِّل الحكومة لتبقى مسألة الحدود مفتوحة، و من ثم كان تشكيل اللجنة و اختيار السيد العيساوي ضمن أعضائها تأسيساً على ما يتوفر عليم من الدراية التاريخية و الصراعات القبلية، كونه أبرز رجال ورفلَّة الذين يملكون الجزء الأكبر من أراضي الزرع و الرعي كما شهدت لهم أخبار تلك العهود، وقد احتكمت اللجنة المذكورة إلى الحدود التي اعتمدتها السلطة العثمانية حين حكمت ليبيا و مضى في فلكها من مضى وخرج عليها بالسلاح من خرج و على رأس أولئك الخارجين عبد الجليل سيف النصر المشهور بعبد الجليل القارَة والمسنود من مجموعة القبائل وعلى رأسها قبائل ورفلَّة،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى