رأي

أمين مازن.. صدى الصالون

تعذّرَ عليّ حضور الندوة التي التأمت بالخامس من فبراير بمقر الهيئة العامة للصحافة، حول هوية الاقتصاد الليبي و افتُتِحَ بها الصالون الثقافي المنسوب  لصحيفة الصباح، و قد دشنها المدير العام الذي يجمع بين رئاسة مجلس إدارة الهيئة المذكورة و صحيفة الصباح، تاركاً صحيفة فبراير محرومة من هذه الرعاية الأدبية مع أنها تعتبر الأقدم و الأولى بالطبع. هي مفارقة لم تغب عن الرصد و التنبيه و تثبيت بدايتها لمن سبقه عندما أسس صحيفة الساعة إلى جانب فبراير لاستحالة العدالة بين الخليلة و الزوجة. و المهم بالنسبة لي هو أنني حين تتبعت ما فاتني لاحظت خلو فبراير من أي خبر عن الندوة، فيما جاء عدد الصباح الذي تلا المنشط مكتظاً بصور المشاركين و صفاتهم و عنانوين أوراقهم و زمن الندوة الذي استغرق ساعات خمس، و ليس من غرابة في ذلك مادام الحديث قد انصرف إلى تحديد المصطلحات و أساليب الأكاديميين التي تفيد المختصين كثيراً و لكنها لا تقدم شيئاً تجاه أولئك الذين يهمهم أن يقفوا على أسباب تدهور  القوة الشرائية للدينار الليبي و ما ينتج عنه من سوء أحوال الناس و ازدياد سخطهم على الحاضر و إشادتهم بالماضي، خاصةً و هم يرون ما يرفل به المتنفذون و غيرهم من مستوى معيشي يختلف كل الاختلاف عمّن سواهم من عباد الله، إنه الفارق الذي لا يتوقف عليهم وحدهم، و إنما يتجاوزهم لكل من يمت لهم بصِلة، و تمظهر ذلك في وسائل النقل و تعدد السفريات و أمكنة المناسبات الاجتماعية التي لا تعرف التوقف و الذي ما كان له أن يحدث لولا الاستخفاف بتقارير الرقابة الإدارية و العبث المتعمد بالموارد و الإصرار على إنفاقها في الترضيات و شراء الولاءات و تسخير الآلة الإعلامية المضللة و غياب الآداءات القانونية كالضرائب و مستحقات الضمان و تسخير الإعلام المصور لحض الناس على الجانبي كالزكاة التي لا تزيد عن أقل نسب الدفع و التهرّب من الأهم في الآداء الذي لو ضُبِطَ و أُحسِنَ إنفاقه لأغنى العاملين في الدولة عن عديد القرارات الارتجالية التي يستحيل ضبطها  و التأكد من سلامة إجراءاتها و أوجه صرفها، مما يعني أن التعويل على مثل هذا النوع من الأنشطة الثقافية المصطنعة و ولع بعض التقدميين على تصدرها و التقاط الصور بها و تقديمها لاحقاً للملتقى و كأنها الفتح المبين، لا يدل سوى على حقيقة واحدة  هي بكل الأسف أننا فقدنا الحد الأدنى من استشعار المسئولية و التي توجب علينا أن نكتفي بما توفره منصات التواصل الاجتماعي إن لم نقل الصحف من امكانية المشاركة المكتوبة التي تقرأها الأجيال فتتخذ منها ما يدل على احترام الحقيقة و سلامة المعرفة و صون التاريخ، ذلك الكنز الذي لا تزيده القناعة إلا خلوداً و تألقاً عن كل ما عداه، و الأكثر إنصافاً عن كل ما سواه، و أخيراً عسى أن يكون هذا صدى الصالون الثقافي الذي ابتدأ نشاطه و تعذّرَ حضوره و وجبت المسارعة إلى الدعوة بسلامة مساره.

ر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى