رأي

هاشم شليق.. ثورة

محطة

عندما كانت بلادنا تحبو خطواتها الأولى باتجاه تبوأ المراتب الأولى ونيل إحدى ثلاث ميداليات في سباق الإدارة، والقانون، والصيرفة وحتى الرياضة على المستوى الإقليمي  تحت علم ونشيد استقلال ليبيا إبان العهد الملكي.. .. ومن الملموس وقتها استكمال مشاريع نحت خطوط السكك الحديدية إلى الحافلات المنتظمة ونظافة المحيط واعداد من السواح وإن تباينت الملامح غربًا وشرقًا وجنوبًا .. ثم جاءت حركة سبتمبر التي شهدت الغارة الأمريكية وحصار التسعينيات .. وسبقتها شعارات ومخاض الوحدة العربية لتؤول في اتجاه معاكس إلى إعلان قيام الاتحاد الأفريقي بعد مسيرة مرهقة من دفع اثمان باهظة معنوية، ومادية وكم بقيت الفاتورة مفتوحة .. وكل ذلك على حساب البنية التحتية الصلبة والتنمية المستدامة وبناء الداخل طوبة فوق أخرى .. وخلال كل ذلك تم مسبقًا إعلان قيام سلطة الشعب والوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في محاولة كانت مستميتة امتدت طويلًا دون الالتفات للواقعية والتعامل مع الأرض وسبر أغوار المعطيات فلا أحد يمكنه القفز  بباراشوت من قماش قرون قادمة على ساحة القرن الحالي..كل ذلك كان بهدف عدم ارتداء عباءة الثورة الفرنسية والثورة الروسية .. وبقراءة مختصرة لـ 42 عامًا من سبتمبر نجدها ولا ننسى محاسن حقبتها..وهنا اقول من العبث بالتاريخ الليبي وحضارة ليبيا الموغلة في أعماق الإنسانية تجاوز المراحل وتغييب وعزل عقود من حياة أجيال الليبيين وألا سوف نظل رهينة المراوحة إلى أن تفنى الأرض ومن عليها ويبقى وجه الله ذو الجلال والإكرام .. وتظل سبتمبر تتشابه إلى حد ما مع ضبابية بُعد النظر وأحيانًا كثيرة سراب يحسبه الحالم ماءً .. اقول تشبه الثورة البلشفية وكلاهما يتقاسم بنسب متفاوتة مع الثورة الفرنسية شعار «القطة التي أكلتْ أولادها»..لتأتي أخيرًا ثورة فبراير التي سارت بداية بخطى ثابتة نحو تحقيق مبادئها..لكن بمرور الوقت ظهر ثائر احتضن أهدافها..وأسير للماضي أمسك بطرف العصا الآخر..ومتفرج يتأرجح بين هنا وهناك..

هذه السنة والذكرى 12 لثورة فبراير حاسمة..فإما أن تكون الحقبة الثالثة في العصر الحديث ثابتة..أو تكون نسخة مكرَّرة وإعادة تدوير وان امتدت إلى قيام الساعة..أما أن تكون ثورة حقيقية كما انطلقت تلبي مطالب وتطلعات المهمشين والمحرومين والمحبطين ..أو تستمر حالة الثورة لتقترب حينًا وتبتعد أحيانًا من إعلان قيام ليبيا الدولة..

الأمر جلل وأكبر من مجرد احتفاءً .. وحقًا تعجز الحروف عن التعبير عن حساسية الوضع ولحظة المنعطف التاريخي..فلابد من المجاهرة بالوحدة الوطنية..وتسارع الخطى دون اقتفاء ما سبق فما فات قد فات ولن يفيدنا البكاء على اللبن المسكوب والحنين إلى الماضي في حين أن الساعة تتحرك عقاربها إلى الأمام..لابد من استيعاب الدروس بشكل نهائي وكفانا تجارب..فهناك أجيالٌ تنتظر عند الأفق..والأمل يتجذر بحجم الوطن في قلوبنا وهو أكبر من قول جمع متشائم « لا يوجد بصيص نور في نهاية النفق »..

الشعب الليبي ومتصدرو المشهد أمامهم لافتة «هاذا حصانك وهاذي السدرة »..وليبيا يجب أن تكون في القمة..والنَّاس يجب أن لا يكونوا مثل زمن كورونا في المنازل..ولا زمن الزلازل خارج المنازل..بل الجميع طيلة الـ24 ساعة عمل وبناء وتشييد..فسوف يرى اللهُُ عملكم ورسوله والمؤمنون..

كل العام وأنتم بخير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى