الرئيسيةتقارير

الغازات الدفينة مصدر لظاهرة الاحتباس الحراري

فرج الجهاني

منذ بدء الثورة الصناعية، بدأ التغير المناخي بمعدل يصل فيه ثاني أكسيد الكربون في أجواء خمسينيات القرن الماضي إلى 5000 مليون طن متري، واستمى الارتفاع بصورة متأرجحة، نظرا للانبعاثات الناتجة من استعمال الوقود الأحفوري. 

فالتغيرات في مناخ الأرض مدفوعة بالانبعاثات البشرية المتزايدة لغازات الاحتباس الحراري، والتي لها بالفعل تأثيرات واسعة النطاق في البيئة، فالآثار التي توقعها العلماء قبل فترة طويلة نشاهدها تحدث الآن بوضوح، وربما بوتيرة أسرع مما كان متوقعا، كالجفاف والحرائق، والأمطار الغزيرة، وفقدان الجليد، وارتفاع مستوى سطح البحر، وموجات الحرارة الأطول ، بالتالي نتوج الفيضانات والزلازل الأرضية . 

الغازات المؤثرة في تغير المناخ: 

غازات ثاني أكسيد الكربون والميثان وأوكسيد النيتروز، إضافة إلى الغازات التي تلتقط الحرارة وتحبسها في الغلاف الجوي (المفلورة)، هي المسؤولة عن زيادة درجة حرارة الأرض. 

تاثير الغازات الدفيئة على المناخ: 

نظرا لتواجد هذه الغازات في الغلاف الجوي للأرض، فإن انبعاثات غازات الدفيئة تعمل على حبس حرارة الشمس مما يؤدي إلى عملية الاحتباس الحراري وتغير المناخ. 

تشهد جميع مناطق اليابسة اليوم استمرارا لموجات الحر، حيث كان عام 2020 من أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق. 

فارتفاع درجات الحرارة تؤدي إلي المزيد من انتشار الأمراض المرتبطة بالحر، كما يمكن أن تعرقل أداء العمل وتصعب عملية التنقل علاوة على ذلك، تؤدي الحرارة المرتفعة إلى المزيد من الحرائق الغابات ، وتنتشر هذه الحرائق بسرعة أكبر كلما كان الطقس أكثر حرارة. 

كذلك تؤدي التغيرات في درجات الحرارة إلى تغيرات في هطول الأمطار، مما يؤدي إلى عواصف متكررة وأكثر حدة وتسبب هذه العواصف فيضانات وانهيارات أرضية، وتؤدي إلى تدمير منازل ومجتمعات، وتكلف الدولة أموالا باهضة . 

وبسبب الجفاف ايضا قد اصبحت المياه أكثر ندرة، مما ينتج عنه عواصف رملية وترابية مدمرة تنقل الأطنان من الرمال عبر القارات، بالتالي اتساع رقعة الأراضي الصحراوية ، مما يقلل من مساحة الأرضي الزراعية ،وللاسف تعاني اليوم كثير من الشعوب من توفر الكميات الكافية من 

المياه في بعض الفترات. 

ترتفع اليوم درجة حرارة العالم بشكل أسرع من أي وقت مضى، وبمرور الوقت تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تغيرات في أنماط الطقس واضطرابات في توازن الطبيعة المعتاد. 

حيث ذكرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، بإن ارتفاع درجات الحرارة سيستمر عقودا بسبب انبعاث الغازات الدفيئة التي تسبب بها الإنسان. 

ارتفعت حرارة كوكب الأرض من 1.1 درجة مئوية، حسب تقرير الهيئة في عام 2021 إلى 3 درجات خلال العقود القليلة القادمة. هذا الأمر يعني أن تغير المناخ سيضرب في كل الاتجاهات، ومع ذلك، فإن هذه الاثار المستقبلية تعتمد على الكمية الإجمالية لغاز ثاني أكسيد الكربون التي يبعثها النشاط الانساني، وإذا تمكنا من تقليل الانبعاثات، فقد نتجنب بعض أسوأ الاثار. 

هجرة الأشجار من تبعات تغير المناخ: 

يراقب العلماء تغير المناخ بواسطة مراكز انبعاث غازات الدفيئة على الارض، وعبر طائرات الاستشعار عن بعد من الجو، و من خلال الأقمار الصناعية عبر الفضاء، إضافة إلى استعمال البرامج والتطبيقات لرصد ودراسة تغير المناخ في الماضي والحاضر والمستقبل. 

وقد وفرت هذه المراقبة سجلات بيانات جيدة تدل على مؤشرات رئيسية لتغير المناخ، منها ارتفاع درجة حرارة المحيطات وذوبان الجليد في أقطاب الأرض، و الأنهار الجليدية الجبلية وتغيرات الطقس المتكررة مثل الأعاصير وموجات الحر، والتداعيات على التنوع البيولوجي، كهروب الحيوانات نحو مناطق أكثر ملائمة ، وكذلك النباتات والاشجار نحو أماكن جديدة ملائمة لها بعد أن أفقدها تغير المناخ بيئتها التي عاشت فيها آلاف السنين. 

فالارتفاع القياسي في درجات الحرارة خلال الصيف مؤشرا على زيادة احترار الغلاف الجوي وتآكل نسبة الرطوبة في الهواء، مما يعني هطول أمطار طوفانية لا يمكن توقع مداها، كما يقول العلماء. 

ما يزيد الأمر من خطورة أن هذه الحرارة المرتفعة تزيد من جفاف التربة وتقلل قدرتها على امتصاص الأمطار، مما يعزز قدرتها على اجتياح كل ما يقف في طريقها من بشر وحجر. 

مع ذلك، فإن مراكز بحث ألمانية بينت خلال السنوات القليلة الماضية عن وجود ارتباط مؤكد للزلازل بتغيرات المناخ، وقد بررت الأمر بأن السيول الطوفانية تشبع التربة وزيادة وزن القشرة الأرضية مما يزيد في ضغطها وحركتها ويؤدي لاصطدامها ببعضها البعض. 

وتعتقد هذه المراكز أيضا أن ذوبان القطبين وما ينتجه من ارتفاع مستوى المياه يزيد من تسربها لباطن الأرض ويحدث تصدعات تنتج الزلازل وموجات تسونامي. 

محاولات يلجأ إليها لكبح جماح انطلاق الغازات الضارة: 

هناك مشاريع ينشد إليها المستثمرون ويحاولون من خلالها بتحقيق الصفر من انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول عام 2050، في حين تتطلع الحكومات إلى تعزيز تقنيات الطاقة المتجددة. 

وهذه المشاريع تسمح للشركات المسببة للتلوث بدفع لاصحاب اراضي القطاع الخاص بتخزين ثاني أكسيد الكربون ومنع وصوله إلى الغلاف الجوي، وذلك بزراعة الأشجار التي لها خاصية الامتصاص والاحتفاظ بثاني أوكسيد الكربون لإنتاج الخشب والثمار وبالتالي تمنح للكون غاز الأوكسجين. 

ولكن مما قد يعاب على هذه المشاريع مواجهتها لعوائق في حال تسبب تغير المناخ في حرائق أو أعاصير وسيول أو جفاف، بالتالي القضاء على تلك الزراعات. 

وختاما نذكر إن الأسباب العميقة لهذه الظواهر تكمن في أنشطة الإنسان على الكوكب ومما ينتج من ارتفاع حرارة الأرض بوجود الانبعاثات الغازات والثلوت المتعمد في الهواء والتربة والمياه، و التي تشهده الطبيعة بفعل الانسان، ولكن لا يزال كبار الملوثين يكابرون في الاعتراف بتدمير الأرض عبر استغلال ثرواتها بجشع وقد بدأت نتائجه تتجلى في شكل كوارث طبيعية تزيد عاما بعد آخر. 

ولعل الزلازل والأعاصير الرياح والسيول التي تشاهد اليوم لخير دليل على ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى