رأي

كلـمات.. كلام جرايد وطقة بندير

نجاح مصدق

قبل أيام  وانا اقلب  اوراقي القديمة المخزنة في حقائب وصناديق عتيقة والتي تلح علي بين الفينة والأخرى كتلميذ يصر على رفع يده كلما تم تجاهله عثرت على مذكرة مسجل فيها كم من الملاحظات والخطط والأحلام التي تأجلت أو التي لا أدري أين تاهت مني في زخم الحياة مدون في أحد اسطرها اول راتب لي بالشهر واليوم والقيمة و التي لا تتجاوز 120دينارا وقتها كان هذا المبلغ يبتلع كل ما ارغب في حيازته  وكأنه مليون دينار قسمته بطريقه لا أعلم كيف جاءت وكأني به سأشتري كل شيء..اخصص منه لامي  وأعين  والدي  بقدر قليل منه _رحمهم الله _  وأدعو الأسرة للاحتفال على قطعة كيك من زهرة المدائن كان شعورا بالاكتفاء والاستقلالية المادية لم أفكر وقتها في مقارنة هذا الراتب باي راتب آخر كانت تتقاضاه إحدى صديقاتي أو جاراتي اواي من إخوتي او اي  قريب لي  لم يشغلني البتة مقدار او قيمة الراتب ولم ابحث عن ما يقابل درجتي الوظيفية حينها من قيمة مالية 

كل ما في الأمر انني املك راتبا ووسافعل به الأهوال السبع واجلب كل ما أريد بخادم الصباح( راتبي )

اليوم وانا انتظر في عيادة الأسنان دار حديث بين السيدات الجالسات  عن جدول المرتبات الموحد والدرجة الوظيفية كان الحديث أشبه بمناظرة بين فرق عدة حينما باغتتني احداهن بالسؤال بعد أن قارعت الجميع كفارس يخوض معركته  عن وظيفتي  فأجابت ..صحفية ضحكت بشكل مستفز وقالت:هو مازال في حد يقرأ جرايد بعد النت والتيك توك والانستا هي بنتي اللي عمرها 16سنة اطلع  في فلوس أكثر من راتبك مرتين في التيك توك اصلها صانعة محتوى

تجردت  من الرغبة للدخول في سجال لا أعلم اين سيفضي وابتسمت كمن يشهر رايته البيضاء معلنا انهزامه بلا نزال

وأدركت ان عدد متابعي احدي المتعهدات باحياء  ليلة نجمة  وسط شوارع الهضبة أو بوسليم أو في إحدى صالات الافراح يفوق عدد متابعي الصحف المقروءة ورقي وإلكتروني وان قيمة ما تتقاضاه ارتست (مزينة بالليبي) في الليلة الواحدة عن ست عرائس أكثر ثمان مرات من مرتبي  الحالي

 غادرت المكان وفي راسي صوت داخلي معلنا ضجيجا لا يتوقف ..يا دنيا يادوارة  طبعك  دوم غدارة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى