تقرير
التعليم وسؤال الكفــاءة..!!
خلال الأعوام المنصرمة وحتى يومنا هذا لا تزال العملية التعليمية في القطاع الخاص تثير الكثير من التساؤلات خاصة بعد أن أصبح هذا التعليم فى ليبيا يستقطب العديد من التلاميذ والطلاب في كافة المراحل، وهو ما جعله في موضع مقارنة فعلية وجدلية مع التعليم العام الحكومي وبالذات الجامعي نتيجة السياسات الجامعية العامة التي فشلت في احتواء طلابها بسبب سوء إدارتها من اعتصامات وتعمدها فشل طلابها في امتحاناتهم التعجيزية، وهذا لوحده موضوع يطول الحديث فيه… فى هذا المقام تجدر الإشارة هنا إلى أن القطاع الخاص للتعليم في ليبيا بدأ فعلياً منذ عام 1965وقد يستغرب العديد هذه النقطة وتم ذلك بقرار وزاري آنذاك في محاولة لمحو الأمية وفي عام 1969 ألغت الحكومة المدارس الخاصة واكتفت بالتعليم العام الحكومي، وفي عام 2008 واجهت العملية التعليمية بليبيا العديد من التحديات التي فرضتها متطلبات العصر والذي احتاج من الدولة توفير كافة الامكانات للتغلب على الأمية آنذاك واستيعاب الاعداد المتزايدة من الراغبين في الدراسة، فتزايد عدد الطلاب في جميع المراحل وكذلك نتيجة لتزايد السكان وقلة الاهتمام بالمدارس وقلة إنشاء مدارس جديدة تستوعب هذه الزيادة هو ما جعل من مؤسسات التعليم الخاص تسير بخطوات مُحاذية مع قطاع التعليم العام والتنظيم ذلك اعتمدت بموجب قرار مجلس الوزراء )134(لسنة 2012 اسندت اليها مهام واختصاصات اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي بعد حلها بموجب القرار رقم «133»لسنة 2012
فمنذ سنوات طويلة وفي بداية ظهور القطاع الخاص في التعليم كان مايميزه هو الكفاءة وجودة المدرسين ولكن حالياً فلنعترف بأن المدارس العامة لا تزال تحتفظ كفاءتها وجودتها التعليمية رغم كل الظروف والمشاكل التي جلنا على علم بها فاللأسف التعليم الخاص في ليبيا بات مجرد وسيلة لنجاح الطالب فقد يعني الطالب الذي مستواه التعليمي ضعيف يتجه للتعليم الخاص فقط بهدف النجاح وكأنه الوسيلة الأضمن لطريق النجاحوبأسهل الطرق ومثل مايردد الكثير «ننجح بفلوسي» ولعل هذا ما يفسر سنوياً أسماء الطلاب الاوائل في مراحل النقل والشهادات الذين جلهم من القطاع العام !!!!!
فالفرق كثير وكبير بين قطاعي العام والخاص وهو ما واضحًا جلياً لكل طبقات المجتمع الليبي وهذا لا يحتاج الى جدل في اعتقادي لشدة وضوحها، فمن الناحية المادية نجد أن تكاليف الإنفاق في التعليم الخاص أكثر بكثير من التعليم العام ومن ناحية ديناميكية العمل في التعليم العام اكثر جهدًا ووقتًا مقارنة بالتعليم الخاص ومن ناحية المستوى الدراسي اعتقد أن خريجي التعليم العام اكثر ضمانًا وكفاءة من ناحية ادخول سوق العمل عكس التعليم الخاص .
ولكن يجب في المقابل أن نعترف وبكل أسف أن العملية التعليمية برمتها في القطاع العام لا يوجد دور للوزارة إلا من خلال القرارات والمتابعة الادارية فقط ولا وجود لحلول للمشكلات التي تعانى منها العملية التعليمية «اعطي للبرمة تعطيك» إنّ كفاءة ومستوى التعليم أصبح هاجساً يسكن أولياء الأمور الذين يحرصون على مستقبل أبنائهم في عالم أصبحت فيه المنافسة شرسة جداً، والبقاء للأجدر! فهل أصبح التعليم العمومي الذي كان منارة ينهل منها الجميع دون استثناء،يستجيب لهذه المعايير؟ فالمدرسة العمومية التي كوّنت أجيالاً من العباقرة و أجلست الفقير والغني على مقعد واحد، تعرف اليوم انتكاسة مؤلمة وانكسارًا لم يُشهد له مثيلاً، بينما تشهد المدارس الخاصة المنتشرة كالفقاع في كل مكان،ازدهارًا ونموّاً!.. أنا لستُ مُتحاملة على المدارس الخاصة ولكن الامر يدعو إلى الحيرة وإن عُرف السبب! أن البون الشاسع بين التعليمين الخاص والعام سيحدث آثارًا اجتماعية كبيرة وإن لم تظهر على المستوى القريب، فإنها حتماً ستولد انتقاماً نحن في غنٍ عنه!.
فمن أجل سدّ هذه الثغرات لا بدّ من تدخل عاجل لإصلاح منظومة التعليم العمومي، ومناهجه وآلياته وجعله منافساً شرساً لهذه المدارس الخاصّة.
لكن يبقى السؤال الأهم وهو كيف السبيل إلى ذلك في بلد كل مشكلاته عاجلة! واهمها المتابعة وتقييم المدارس والمعاهد بصفة دورية ونشر نتائجها على موقع وزارة التعليم، على أن يشمل التقييم الجانب الاكاديمي إلى جانب جوانب أخرى كالاحاطة بالتلميذ وتوفير النوادي لصقل مواهبه وإدراج مادة الاخلاق والتربية الدينية بكل المستويات التعليمية إلى جانب تجذير وإحياء روح الوطنية واحترام المعلمين ومتابعتهم و توفير العيش الكريم لهم وأسباب الرفاه لأن مهنة التعليم وان كانت من اسمى المهن وانبلها إلا أنها تستنزف الطاقة الجسدية والنفسية لهذا السبب وجب الانتباه لمدرسي أبنائنا ودعمهم، فهم يتحملون جيلاً صعب المراس لكل هذه الأسباب الآنفة الذكر .. يتحتم علينا البدء اليوم وليس غداً فلا بناء إلا بناء العقول ولا ازدهار الا بأمّة تقرأ !.